حسن إمامي - تمالوت -2-

كانت فاطمة و يزة ، من بين المدعوات الرسميات لحفل المساء ... و كانتا مع مجموعتهما الغنائية و الراقصة ، من المفضلات في سهرات الرايس ـ المرشح ، و سهرات الضيعة الخاصة ... لا زالتا في ريعان شبابهما و نضارة جمالهما و طراوة جسديهما ... وجدت مجموعتان أخريتان ن نصبت لهما خيمة كبيرة في باب الضيعة ... أقلت السيارة الرباعية الدفع ، فاطمة و يزة مع مجموعتهما إلى داخل الصيعة حتى بهو و فضاء القصر الكبير و الفسيح ... وضعت طاولة خاصة بالمجموعة الغنائية ، تضمنت طاجينين مليئين بلحم الثور المذبوح و البرقوق اليابس المطبوخ معه ... فخذ لحم كبير مفور ومنزل مع ملحه و كامونه ... صحون فواكه يابسة ... صندوق بدزينة خمر أحمر ، وبعض البلاستيكات المملوءة بالماحيا ( ماء الحياة ) ـ الشراب الذي يعتقُ تينُه اليابس ، ويخمر و يعصر ليعطي ساءلا ابيض أو أصفر ، ـ أصبح كمادة مألوفة عندي مردي السكر و سهراته ... حتى إن بعضهم و بعضهن ألِفه دون غيره من أنواع الخمور و المسكرات ...

كما باقي المغنيات أو الشيخات الفنانات ، لا يمكن لفاطمة و يزة أن تبدآ طربا و غناء و رقصا قبل تناول بعض الكؤوس ... علب سجائر في دزينتين كذلك ... هي مستلزمات كل سهرة أريد لها أن تكون مطربة و ممتعة ... أضف إلى ذلك جوها و محيطها الأمني الآمن ... كيف لن تكون ممتعة و هي في ضيعة المرشح الرئيس ، ذي النفوذ الاجتماعي و الإداري و علاقات قرابة تصل غلى هياكل عليا في الجيش و الإدراة ... حتى إن خدامه من كل السلط يرجون رضاه و توصيات لأجل مصالح مهنية و مادية و اجتماعية ...

هن أربع نسوة في المجموعة .. أما المجموعتان الأخريتان فتضمنتا إحدى عشر أنثى ، إضافة إلى ضيفات الجلسات الخمرية و الاحتفالية الانتخابية ... فالدعوة في إطار توسيع نفوذ الحملة و مشاركة الجميع فيها من كل الفئات ، حتى مَن هم مِن المهمشين و المنسيين المهبولين ، سيتخذون زاوية من الخيمة و يجلسون مشدوهين أمام الفرجة ، مستفيدين من أكلها و شربها و سهرها ...

هكذا غابت كل القوانين ، إلا قانون الضيعة ... غابت نصائح الإمام حتى جمعة أخرى ... كل من أراد من الجمهور الحاضر في الخيمتين التمتع بما توفر ، عليه أن يعلم أنه مدعوٌّ للمشاركة في الحملة و التصويت على المرشح الرئيس ...

بينما أجواء الضيعة حمراء و صاخبة ، ذهبت أحزاب الكتلة الديمقراطية ، عند قائد المقاطعة ، تخبره بالخروقات التي تعرفها الحملة الانتخابية للمرشح الرئيس ... تنبهه بأنه مسؤول عن كل هذا و يجب عليه أن يوقف ممارسات الرئيس المرشح التي تعودها في حملات انتخابية سابقة ... يوم كانت الانتخابات في السبعينيات و الثمانينيات بطريقة مفتوحة على كل أشكال الولائم و توزيع النقود و المساعدات و غيرها من أشكال الترغيب و الترهيب ... حتى إن قائدا سابقا في الثمانينيات كان مساعدا في الحملة لهذا الرئيس الذي تقوى نفوذه و ازداد مع تقوي نفوذ العائلة في دواليب السلطات العليا ...و لكن ، كيف سيعالج اقلائد الجديد الوضعية اليوم ... هو يعلم أن شكاية به بعدم القيام بواجبه في محاربة الرشوة و الولائم في البيوت اثناء الحملة الانتخابية ، سيكلفه منصبه ربما ... تنقيلا تأديبيا إلى منطقة صعبة العيش ... و لكنه يعلم كذلك أن إيقافه لممارسات الرئيس المرشح سيخلق له مضايقات بإيعاز من جهات عليا في العاصمة أو من الجنوب ... ما العمل ؟ طلب من ممثلي أحزاب الكتلة ، و هم من حزب الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي و اليسار الاشتراكي ، ربع ساعة لكي يوظب دوريته و يصفي بعض التقارير اليومية ... كانت كافة لكي يتصل بالسيد الرئيس المرشح ، و يطلب منه أن يفض الجمع ، و يفرغ الخيمتين ... و كذلك كان ... أمر سائقه الجموع المنتشرة حول الخيمة ، والجالسين داخلها بالتفرق و الذهاب إلى حال سبيلهم حتى الغذ ...و لما جاءت دورية القائد و معها لجان يقظة الكتلة الديمقراطية ، وجدا الخيمتين فارغتين إلا من بعض العمال و الخدم ... الكل فهم اللعبة و يفهمها ، ولكن الضغط و الالحاح يفرضان تتبع كل شيء و لو كانت قوانينه مكشوفة في التواطؤ ...

للغد ، كانت منصة مرشح اليسار و معه مرشحي الكتلة الديمقراطية ... في إطار تنسيق لمحاربة الرشوة و الفساد الانتخابي و تزوير الارادة ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى