رسائل الأدباء : رسالة من نجيب محفوظ إلى أدهم الساذج

عزيزي أدهم الساذج

تحياتي إليك في وحشتك الإسكندرانية التي أعتقد أنها وحشة «محلية» تقتصر على بيئتك لأن الإسكندرية سوق أدب كبيرة، وهل أنسى أن مكاتبها طلبت «رادوبيس» مثنى وثلاثاً، ولكنك وقعت في جماعة متخصصة يصدق عليها المستعان على ما يصفون، ألم أقل لك شد الرحال إلى مصر وادخلها آمناً ولك فيها متاع إلى الأبد؟ لقد أنشأنا ندوة أدبية في «قهوة عرابي» تجتمع كل جمعة وتحتفل بأدباء لجنة النشر الجامعيين وغيرهم من أدباء الشباب، ثم تدور المناقشات وتقرأ المؤلفات حتى لقد فات مأمون وهددنا أكثر من مرة بالضرب والطرد.
وسروري بشروعك في الكتابة لا يوصف، وموضوعك جليل يتسع فيه المجال ويا حبذا هو موضوع أتوق لمثله لأني كما تعلم أجهل بالريف منك في الأدب، لا مؤاخذة لا بد من مزاح، ولعله يمكن أن يلهمني شيئاً أكتبه عن الفاكهة المحرمة علي، اكتب وتوكل على الله فالأديب الحق في أوله عبارة عن سلة مهملات وإني بالاستقالة، فما دمت تتصدى لموضوع اصطلاحي، فينبغي أن يكون رائده الأمل لا اليأس، أو فما الفائدة من كتابته كتابة الاجتماعيات غير الفن للفن؟
أم كلثوم أجهدت نفسها أمس لدرجة الإعجاز. أنا الآن أكتب رواية ربما كانت الــ master piece بتاعي وأخشى ألا أكتب مثلها في المستقبل، وأرجو أن تكون أقوى قصة مصرية بغير استثناء، وسوف ترى وهي عن المرحوم شكري ابن أختي، أرجو أن تكتب لي على ورق أبيض وبخط واضح وأن تبلغني نشاطك الأدبي أولاً بأول، ومني لك القبل.

المخلص: نجيب محفوظ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى