نصوص بقلم كفاح الزهاوي

استيقظت من النوم ومازلت اشعر بالنعاس. قفزت من الفراش بتنهيدة وتثاؤب بصوت مرتفع مع إصدار نغمات نشاز كلما صفقت على فمي بأصابع يدي المتراصة. كان صادق الفلاح القروي في الخمسينيات من عمره قد أرسل ابنته الصغيرة ذات عشر سنوات الى مقرنا في وقت الظهيرة، طالبا المساعدة الطبية، لأن زوجته كانت تشعر...
لا يزال يجتر مرارة اسمال الزمن ويغوص في علقم الحياة، ويحترق في جذوة السيجارة فيتناثر في الدخان الكثيف المتصاعد، سابحا في بركة من الفوضى والنفاق. كيف له ان يترك هذه الشرنقة بعد ان تعفن في كنفها. يزداد يوما بعد يوم عَطناً وفسادا. ومن جدرانها تفوح، روائح كريهة تنتشر في الفضاء و تختلط مع الهواء...
كانت الأصوات المتداخلة وضحكات الرجال ترتفع بوتيرة عالية في جوٍ من المرح والانسجام قد ملأت صخبها غرفة الضيوف، هكذا تناهت الى سمعي عند دخولي المنزل. اختلست النظر من فتحة باب غرفة الضيوف، فانساب بريق رؤيتي على جمهرة من الرجال يبدو عليهم في غاية الاناقة، ببدلاتهم الرسمية، و منهم مَنْ كان يرتدي...
في ركن الحجرة حيث هناك كان قابعا بلا حراك كشبح يختبئ في الظلال، مركزاً على نقطة غير مرئية، يحدق بعينين ثاقبتين خاويتين من الأحاسيس. منذ نعومة اظفاره، أُرسيَّ على مرافئ فكره يقيناً بأن عجلة الوقت توقفت عند ذلك الحين. تساوره مشاعر مبهمة، وكأنه يرى سرابا ينتظر بهدوء ليعاكسه في الجهة الأخرى،...
كانت الساعة السابعة والنصف مساءً عندما غادر المقهى الكبير الواقع في شارع ٥٢،. زوجته داهمها قلق شديد وهي تنظر إلى الساعة المعلقة على الحائط في غرفة المعيشة، كانت قد تخطت العاشرة مساءً بقليل . رددت بعض الكلمات بصوت مسموع : - ماذا حدث ؟ لماذا لم يعد الى البيت كعادته مبكراً ؟ ران عليها...
اخلعي عنكِ ثوب السواد هَشمي بلا تردد زجاج الحداد وانجلي كالقمر في ساعة الاكتمال لتنثري شذرات النور في ديجور العقل توهبي سَدَفَة البصر فرصة التأمل فتنقشع الغشاوة عن بؤبؤ العين ينبلج شعاعك على مداد رؤيته تنسكب هيبتك في مخيلته منبثقة انتِ من عتمة الضباب كسارية السفينة التي من دونها لا...
الحلم وقطار الوهم كفاح الزهاوي من غور السحب القاتمة للدخان المتصاعد يتسلل الى العالم كائن من هذا العصر ذو رأس كبير أشبه بوعاء فارغ، ساذج وعقيم، وجهه ثقيل كامد تزينه لحية رثة، يترقب هبوط الليل عن كثب، كي لا يفوته قطار الحلم، تستثيره المغامرة، وتحثه شهوة السلطة. فهو عبارة عن صوت...
لست متشائماً، رغم الحزن يضيق صدري. ما اشد مفاجآت الدنيا، عندما تكون، عنيفة، مضنية، تثير سأم الروح، وهدم الكيان، لحظات الصمت والانتظار ثم الموت. كان أول نهار من شهر أيار، يوما ربيعيا عذبا. كانت السماء صافية والطقس مشمسا. الأرض الندية راحت تتخلص من بخر رطوبة الشتاء المتراكمة فيها، وما زالت...
أقبل الخريف فجأة، بعد ان تنحى الربيع والصيف عن دورتهما، وتركا بصماتهما على سطح الأرض، من السحر، والجمال، والماء العذب، وعبق رائحة الأرض، حيث زرعا البهجة، والحياة الخضراء، للإنسان، والزهور، والطيور، والعصافير المغردة، و تمتعت الحيوانات البرية، وهي تمرح، وتسرح، في المراعي، و الأدغال، والسهول،...
يعيش في نفق مظلم، وحيدا، منعزلا، غافلا للنهارات المشرقة، متكلا، ينتظر حلولا من السماء... وفجأة تراءى له من بعيد ضياء خافت يتدفق. بعد ان قضى سنوات جحاف من العزلة في هذا الصمت الموحش، كصمت القبور، سار باتجاه النور. ما كاد ان وصل الى نهاية النفق، حتى وقع في حفرة سحيقة أشد عتمة.
لم يصادفه من قبل شتاءً قاس وشديد مثل هذا الشتاء. يغلف البياض معالم المدينة. حدث هذا في اليوم السابع من شهر يناير عام 2007، بعد انتهاء احتفالات راس السنة بفترة قصيرة. انهمرت الثلوج بكثافة حتى الفجر، والطقس بارد. دقت الساعة السادسة صباحا. كان يمشي في الممر الضيق الذي يؤدي إلى الباب الخارجي، ادخل...
فوق التلة المطلة على قرية الحياة يقع قصر فاخر، يعيش فيه رجل في غاية الثراء. خرج الى العالم في رحلة البحث عن معنى الحياة، حاملا بيده لوحة زيتية غالية الثمن ويرتدي نظارة سوداء. دخل الى دكان صغير يقع على أطراف القرية لشراء قداحة. وفي هذه الأثناء دخلت فتاة شابة قروية غير متعلمة، يتدفق من...
في صباح يوم مشمس، كانت الرياح ساكنة والاجواء يعتريها الصمت، وكنت أرنو إلى سحر الطبيعة وعذوبتها من خلال الواجهة الزجاجية للمقهى الواقع في وسط حديقة كبيرة. وبينما كنت احتسي رشفة من القهوة، فجأة أمطرت السماء بغزارة أطنانا من الموز حتى امتلأت فضاء الحديقة، وإذا بعاصفة من الناس يهرعون من كل منافذ...
سيتذكر عادل ذلك المساء العذب من شهر حزيران بعد سنوات طويلة وهو يتنقل من عالم إلى آخر، كالمتشرد الأعمى تحت الشمس المثقلة، يمضي أيامه دون ان يترك عنوانا على ارصفة الزمن. بينما كان يبحر في ضياء هذا العالم الجديد كسائح مجهول، تبدأ آثار الأقدام بالامحاء في الذاكرة. وفي زحمة الشوارع والسيارات المجنونة...
نسمة من هواء البحر لفحت خدوده الندية في غمرة خياله المسافر. قسمات وجهه تعكس عمق التراكمات من الوجع الصارخ عبر سنوات الاغتراب والعزلة. سئم من المتاهات ودروب الانكسار، فعاد بذاكرته الى تلك السنوات القاتمة التي داهمت خيوط أفكاره المشتتة ، فسال لعاب الغدر عبر أخاديد الحياة البائسة ، فيتدفق في قلبه...
أعلى