رانيا مأمون

سطا التعب عليها ونال الإجهاد بعضاً من حيويتها. تباطأت خطواتها، وتخلفت عن أخواتها ومع كل ثانية تمر تتسع المسافة بينهن أكثر ويزيد البعد. في هجير لا يتحمله حيّ كانت ماضية وأكثر انشغالاً بحالها من أن ترى أمامها، لكن ليس للحد الذي يجمِّد إحساسها، شعرت فجأة بأن الأرض أصبحت أقل قسوة وأن الغيوم انتصرت...
أمسيّا يرتعدان برداً ويقتاتان الخوف داخل تلك "القطية" المنعزلة النائية، فى قرية تدخل ضمن شريط القرى الذي يعاني خطر الإنسان أكثر من الحيوان المتوحش ملوال" فى الثانية عشرة و "ميرى" تعيش عامها الثامن، يتيمىّ الأب لمغادرته الحياة بسبب الحرب.. يعيشان تحت ظل أم تكافح لتأمين ما يملأ الجوف ويعين على...
لم يكن مقصدي المكان الذي استطاعت قواي أن توصلني إليه، والذي يقع على بعد شارعين فقط من منزلي؛ إنما كنتُ أنوي التسول من المخبز البلدي في الشارع المجاور. حرّكني الجوع، بل أقعدني عن كل فعل حتى النوم لم أستطعه. تحاملتُ على نفسي ودفعت بها للخروج. كنتُ أحلم بقطعة خبز حاف واحدة فقط، تعودت أن أتسوّل عمال...
تتكرر زياراتُه لي ويطرح عليّ نفس الأسئلة بنفسِ نبرة الحزن: ـ ألم تصبحي طبيبةً كما وعدتني؟ أجيبُ أنا بذات الشعور الطاغي بالندم: ـ للأسف، لا! يقول لي: ـ كنتُ أضع فيك أحلامي وظننتك ستحققينها. أصمتُ لعدم قدرتي على الرَّد، أو ربما إحساس الخيبة الذي يتقطّر من كلماته يصيبني بالخرس. ■ ■ ■ رائحتك مدبوغة...
خرجتُ من شرنقتي، ملأتُ رئتي بالأكسجين، تلفتُ يمنى ويسرى فردتُ يديَّ ورجليَّ، تمطيتُ بعد أن كنتُ متكورة على نفسي في ذلك الغشاء. ما أحلى العيش في الهواء، بل ما أعذب الحياة ، أقول هذا أنا الوالجة للتو إليها. نظرت حولي مستكشفة البيئة التي أجدني فيها، بيئة رطبة .. مخضرة.. هادئة.. تفوح منها رائحة...
أزعجتني جداً وأنا أحاول إبعادها عن وجهي ولا تريد أن تبتعد. داخلني شك في أن يكون بوجهي شيء مما يجذبها إليه، جزيئات سكر أو بقايا وسخ، ورغم علمي أن وجهي نظيف على الأقل نظافة لا تجذب الذباب، إلا أني مسحته بالمنديل الذي كان بيدي، وزيادة على التأكد أخرجتُ محفظتي المثبتة عليها مرآة صغيرة لأتحقق من...
اليوم الأول: التقيته لقاءً عادياً لم يخلِّف أثراً فيَّ .. اليوم الثاني: جلسنا سوياً .. اقترب مني. شعرتُ بأنه يحيطني بنظراته.. ابتسمت في داخلي .. كانت عيناه جميلتان .. اليوم الثالث: سألني إن كنت مخطوبة ..؟ أجابه صمتي .. ربما كان الصمتُ خبثاً مني .. اليوم الرابع: قال لي: أحبك .. ولم أشعر...
سطا التعب عليها ونال الإجهاد بعضاً من حيويتها. تباطأت خطواتها، وتخلفت عن أخواتها ومع كل ثانية تمر تتسع المسافة بينهن أكثر ويزيد البعد. في هجير لا يتحمله حيّ كانت ماضية وأكثر انشغالاً بحالها من أن ترى أمامها، لكن ليس للحد الذي يجمِّد إحساسها، شعرت فجأة بأن الأرض أصبحت أقل قسوة وأن الغيوم انتصرت...
استيقظ باكراً على غير عادته. منشرحاً ونشطاً غادر فراشه. توجَّه إلى الحنفية ليغسل وجهه ويغِّير ريقه بمعجون أسنان بروح النعناع، وجد الماء مقطوعاً .. يا إلهي.. متى حضر هؤلاء ..؟ ألا ينامون أبداً ..؟ تذّكر أنه لم يدفع مستحقات هيئة المياه بداية الشهر، وكيف له أن يفعل وهو إذا دفعها لا بُدَّ أن...
تتكرر زياراتُه لي ويطرح عليّ نفس الأسئلة بنفسِ نبرة الحزن: ـ ألم تصبحي طبيبةً كما وعدتني؟ أجيبُ أنا بذات الشعور الطاغي بالندم: ـ للأسف، لا! يقول لي: ـ كنتُ أضع فيك أحلامي وظننتك ستحققينها. أصمتُ لعدم قدرتي على الرَّد، أو ربما إحساس الخيبة الذي يتقطّر من كلماته يصيبني بالخرس. ■ ■ ■ رائحتك...
لم يكن مقصدي المكان الذي استطاعت قواي أن توصلني إليه، والذي يقع على بعد شارعين فقط من منزلي؛ إنما كنتُ أنوي التسول من المخبز البلدي في الشارع المجاور. حرّكني الجوع، بل أقعدني عن كل فعل حتى النوم لم أستطعه. تحاملتُ على نفسي ودفعت بها للخروج. كنتُ أحلم بقطعة خبز حاف واحدة فقط، تعودت أن أتسوّل عمال...

هذا الملف

نصوص
11
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى