عمر الصايم

قطعًا.. أنا لا أُحِبُّ يوم شكري، لا أُحِبُّ أنْ أكون المحتفَى به.. أحبُّ الشاي بالنعناع، وأصناف البسكويت الرخيصة.. انكشافي في الصمت، وعري المكان.. أحب من الذكريات لحظات ضعفي وهي تبدو الآن جسارة أحب من الأغنيات أقلهنّ حماسة أغنيات كشجيرات مجازفة، لا تلقي بأعشاشها للريح. أحب من الليل سمته المتقلب...
سبعةٌ كُنَّا مهووسين بالدُّخانِ وراما! نحقنُ الذاكرة بالترهات والأورام العاطفية؛ فيما كُنَّا نحاولُ استعدالها وسط حالة مِن الانكفاء العام. نشبَ بيننا حديثٌ، ونحن نَعُضُّ على أثداءِ النَّارجيلاتِ الأمهاتِ ، ثُمَّ ننفثُ دخانَها كطفلٍ سَئِمَ اللبن. قالَ قاسم ــ غفلَ الغبشُ عنِ المدينة؛ فتوغل...
نطح الخروف حاضره بعنف! ضرب الحائط بقرنيه حتى شج رأسه، ثم رقد متكئا على شقه الأيسر يجتر أعشابا جافة وبقايا صحف ورقية. ينسرب ماء العشب إلى بطنه بذات غضبته. مع بزوغ الشمس أدركت الخراف المقيدة بالمنازل مصائرها المحتومة، صدمته معرفته بالأمر، ظل لسنوات ثلاث في هذا البيت يفعل ما يحلو له، ينعم بحياة...
أقف بين الصخرتين، أهتف لنفسي، أنا ابن الذبيحين؛ مهنتي وقلمي. الأرض الناتئة من حولي كصفحة جسد شوهته الدمامل. تركت صبيان المدرسة بلا معلم لغة عربية، ضاقت بي سلة الحياة، وتجاهلتني أمنا الدولة! ومن يأبه لقواعد الإملاء، واللغة بعدما صار للجميع صفحاتهم، يكتبون عليها ما غث، وفسد؟ من يأبه لجوع ابنتي،...
يا صديقي: النَّارُ تَتَغَوَّطُ الرَّمادَ، وأبونا الطُّوفان ما ولد إلا فَاشِلاً حَزِيناً. هذا الخريفُ فِي زَمَنِ الطَّرْفَةِ البَاكَيَّة، وسِيقَان الذُّرة حافيةَ القَدَمَين تمضي. الرَّمَادُ – غَائطَ النَّارِ- أَسْفَرَ عَنْ وَطَنٍ للجنادب؛ وتَسْأَلَنِي - أَيُّ إبليسٍ سَكَنَ الحُقولَ القديمة؟...
الخروج: وخرجْتُ عَنْ صَمْتِي، أَبْحَثُ عَنْ عَالَمٍ نَزِيهٍ وأَخْضَر، بَنَات لا يَسْرِقْن عُشَّاقَهِن عَنْ الآخرين، ولا يَرَين بِنَظَرِهن الثَّاقِب المَسْتُور فِي جَيْب البنطلون، وعكفْتُ أَعْشَقُ وَطَنَاً بِلا مُواطِنين، وكُتُبَاً مُغَبَّرَةً عَنْ شُيوخٍ حَلَّقُوا فِي الفَضَاء، وتُخُومٍ...
قامت قيامتي؛ حرضت نفسي أن أنهض. أمي مدت يدها تلتقطني. امرأة أخرى نفضت الغبار عني.فأخبرتني طفلتي أن النساء يعلمن أسرار القيام. قمت؛ فمشيت!
عادوا بالنعش منكسا، ألقوه في ظل الجدار، بعد أن واروا حبيبي قبره، ونفضوا الأتربة عن ملابسهم النظيفة. وقف أبنائي الأربعة بصلابة يتقبلون العزاء. بناتي، وحفيداتي أحطن بي كسرب من العصافير المجنحة. هيأنني لمحبسي الذي سأغادره أسرع مما يتوقعن، ألبسنني ثوب الحداد الأبيض، ربطن على رأسي طرحة سوداء؛ لتحجب...

هذا الملف

نصوص
8
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى