محبوبة عطية خليفة

جاء دوري في محل بيع اللحوم فأعطيتُ الشاب صاحب المكان ورقة طلباتي التي بدأ في تحضيرها ثم وللحظة لمحتُ ابتسامة ترحيب منه عندما فُتح باب المحل ودخل زبون آخر لاحظت سعادة الرجل بِمَنْ قَدِمَ، وطلب مني بلطف أن يخدم الجنرال قبلي فوافقتُ على الفور وابتسمت وقلت إلّا الجنرال!! هم دائماً على (الراس...
تنطلق السيارة الصغيرة مخترقة حي الجامعةالأنيق متجهة يميناً إلى شارع الربيع، الشارع الطويل الذي لا تُعرف له بداية ولا نهاية، المكتظ بالسيارت وبالعابرين على الأرصفة والمنطلقين عند الإشارات نحو اتجاهي الطريق، فالمصالح كثيرة والمحلات متنوعة والمطاعم والمقاهي، وكأن الحرب لا تعرف هذه المنطقة ولم تمر...
ينطلقُ رنين الجرس، الصوت المحَّبْبُ إلى قلوب الورود اليانعة التي يحضنها المكان فيسارعون بجمعِ حاجياتهم ويلقونها -كما اتفق- في حقائبهم ويحملونها على أكتافهم الطرية وينطلقون لا يمنعهم شيء ولا أحد. حتى صياح (الست ساجدة) تحذِّرَهُم من الطريق المحاذية لمدخل المدرسة تناديهم: ( بالراحة عيني).. ولا من...
عويشة (4 والأخيرة).. أبناء عويشة وحَمَدّ صباحات هذه المدينة تختلف عن صباحات غيرها من المدن، حتى أقرب المدن إليها لا تشبهها في طلعة النهار الأولى حين تتسلل شمس الله من خلف (عقبة الفتايح)* وتخترق السحب مندفعةً ومشتاقة لوجوه أحبة ينتظرون بزوغها… هذه المدينة لا تعرف الخمول. تقول عجائزها: من ينام...
تلتقط عيني صورة بعينها من آلاف الصور وتبحث عن التفاصيل في شجرةٍ جلستُ في هيفها* ذات زردة* في عشيات الصيف الطويلة ، اسرح مع موجة كانت شاهدة على نزق الشباب ورعونته وخوف امهاتنا منها، فليس كل الموج طيب مثلهن. يتسمر القلب على ابواب تحرس بيوتاً أعرفها باباً بابا وبيت تلو بيت.اتأمل ازقةً شهدت تسارع...
"حَمَدّ عويشة" تمادى الليلُ في ظلامه وقسوته على الأبرياء، فهو قد ارتبط عندهم بالنزوح المؤقت (للحقاف)* الموجودة بالجبال التي تحضن المدينة التعيسةالحائرة . ازداد سواده قتامةً وادْلَهَم ، فما بقي في خزَّان الفنارين* الوحيدين في الحقفة لا يكفي لبثِّ بعض ضوءٍ ينير العتمة ويُجلي هَمَّ وقلق هذه الأجساد...
(وضحِكْنا ضِحكَ طفلين معاً) لم تتمالكا نفسيهما من الضحك. حتى الوقور أطلقت العنان لضحكة هي بين تخيّل منظر المسكين يعدو فَزِعاً يحاول النجاة ممن يتوعدونه غاضبين، وكأن الحياة والموت تجاورتا في لحظة بؤسٍ وقلة حيلة… وبين الصورة التي تُظْهِرهُ وحيداً في أزقة المدينة التي (يقيّل)* أهلها تلك الظهيرة...
#حكايات_من_سِفْرِ_الإغتراب (2) (د. عطور، أم عفراء) إسمها ملفت جداً كما أسماء كثيرة ألِفَتَها الأذن وأطربتها رغم جِدَتها واستثنائيتها وبعض غرابتها، وقد اشتهرت هذه البلاد الجميلة بها وبأسماء تخصها وحدها… بعد أن اصبحت د. عطور طبيبة أولادي صارت صديقة وقريبة من القلب، كنت كلما داعبتْ عيني دمعة...
محبوبة خليفة: التِكْرَة - الدنقة (2) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقفتْ تلتقط المشهد البانورامي المحيط بالشرفة الممتلئة بالصغيرات، والشابات، والنساء الكبيرات في السن، ثلاثة أجيال أو لنقل اربعة - إن جمعنا معهن أطفال العائلة - يتبادلن الحديث وينظرن بقلق لنقطة بعينها في...
تأتيها هبة ساخنة من الشعر الأصهب فتلفح وجهها الضاغط على الرأس الحبيب خوفاً وهلعاً فيزيد رعبها وتطلب من ابنها أن يسرع.. فالصغيرة في حاجة ماسة وسريعة إلى طبيب… ويصلان إلى وجهتهما فيتلقاهما الطبيب ببرود وملل، فالنوم مَلَكَ جسده، ولم يترك لإنسانيته أو واجبه شيئاً، فلم يلاحظ لهفتهما ولا انزعاجهما...
كانت الضحكات المدوية في الزقاق المتعرج، الذي يتسع مرة ويضيق مرات، هي من جذبت راعي كنيسة قريبة من وقفتهن المتأملة في المكان… إحداهما خفيفة الظل لاتعرف كيف تكتم ضحكتها إن هاجمتها ولا تستطع تخفيض درجتها فتخرج عالية بلا قيد زاهية محبة للحياة وللإنبساط.. رفيقتها الهادئة سيدة وقور لم تحاول إسكاتها...
غفوتها مقدسة . تلك الأيام أكن أملك ساعة يد ولا أعرف كم تستغرق هذه القيلولة المقررة بزمانها ومكانها ، غير أنني أدرك بغريزتي وبحب يملأ كياني أنها هناك متمددة ومعتزلة مَن حولها، ومَن حولها سيعتزلونها خوفاً وهيبةً واحتراماً. حتى أوقات المرح لديها مقدسة ولها توقيتات ويعرفها الجميع ويحرصون على...
دَخَلتْ إلى البيت المَهَيب الشكل العريق التاريخ،وقد مرّت عليه عائلات طرابلسية وتناوبت على سكناه مراراً ثم استقر الحال بساكنيه الآن. هو بيت عزاء يمتلء بالمعزيات يتجاذبن أطراف الحديث ويتذاكرن مناقب الرجل الكريم إبن إحدى أعرق عائلات هذه المدينةالذي عاصر مراحل عديدة من تاريخها،عهد الإستعمار وعهد...
(الحبُ لا يَفْنَى ولا يَسّقُط بالتقادم) وسامةُ المطربِ الشاب وخليطُ قسماتِهِ الأوروبية بمسحةٍ يعْرُبية! تركها فيه ميراثٌ طويل من الأجيال المتعاقبة، جيل يسلِّم لجيل وجينات مُتَوارَثةٌ لا تنقطع ، وصوته وهو يؤدي أغنيةخوليو إغليسياس ، سرى كل هذا بين المدعواتِ والمدعوٌّين كنسمات عطر ٍ توقظ الروح بعد...
-1- توسدتْ حَجَرةً ملساء نظيفة ،إختارتها في ضوء النهار المودِّع الذي سيُسلِّمُ المدينةَ الخائفةَ إلى ليلها الطويل. غَطَّتْ الحَجَرة برداء والدتها، وكانت قد دخلت الحقفة* المعروفة بإسم عائلتها مبكرةً عن شابات الأسرة لتتفرد بالمكان الذي تختاره دائما.. هي لا تتوغل فيه كثيرا فطبيعتها الموسّوِسَة...

هذا الملف

نصوص
25
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى