إبراهيم جعفر مكرم

تماماً ، وسط المقبرة القديمة ، على حافة الليل المتهادي فوق كاهل الأموات ، والهدير الأملس للريح الضجرة في لج البؤس .. كانت ضربات معول “السيد” ، وهي تثقب الأرض ، تتخلق نظاماً موسيقياً صارماً.. يشبه ، فعلاً ، نبض ضبع جائع لم يعرف الرعب إلي قلبه سبيل ، أو كخفقان ساعات القدر الحثيثة المؤقتة للقيامة...
1 القلوبُ الكبيرةُ: لم تَكُ المسافةُ التي قطعتها “أتْسِيدِي” من مكانِ عملِها كخادمة منزلٍ ، إلى نهاية الشارعِ ، بالطويلة على الإطلاقِ ، لكنها ما إنْ انعطفتْ يساراً ، وسارتْ مِقدارَ خطوتين إضافيتين ، وتَنَهّدت بعضَ زفراتٍ بائساتٍ كماعزٍ يوشك على النفوقِ ، حتى انتبهت لحقيقة أنَّ التعبَ قد...
مات الحمارُ في الغدو الباكر ، وهذا بالتحديد هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لصبي ” الكارو” .. أن ينفق حماره الرمادي ، وأن يتزامن ذلك مع شقشقة الطيور الأولى ؛ أي قبيل البدء بيوم عمل شاق ، وليس بعده ! فكر الصبي : (ياللفظاعة!) وزم شفتيه بغيظ ، وراح يحك شحمة أذنه اليسرى لتبدو البلاهة على محياة ، تساءل...
1 مذ رأيت الماما مع "عم أنطون"، تمنيت لو بمقدوري أمتطاء طائرة ترتقي إلى حلق السماء، لتضحى بحجم فرخ حمام صغير..!! ومن ذاك البعد.. مؤكد، سيستمع البابا الغائب، إلى عتاب تأخره الطويل، وإشتياقي..! 2 عم أنطون، ليس تماما كالبابا كما تقول أمي، فحينما كسرت آنية الزهور لم يضربني البتة!.. أبي كان ليفعل...
أردتُ العبور ، وبدا الأمر سهلاً. فما عليّ سوى تصنع الثبات وإظهار الشكيمة ، ولن يستوقفني أحد. ولا حتى حارس البوابة. سيعتقد الجميع بأنني رجل مهم ، ربما ضابط برتبة رفيعة.. وعلى الفور سينحني أحد العمال ملقياً تحيةً عسكرية ، وسيزعق آخر: (فسّحوا لجنابو) ويطلب مني مشاركته القهوة المسائية. لكن ، لابد لي...

هذا الملف

نصوص
5
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى