وساط جيلالي

تنبيه : سيروي لنا أحمد البحري حكايتَهُ التي قد تبدو لكم مجرد خيال جامح ، فانتازيا ، هلوسة شيخ فقد كل علاقة بالواقع ، شطحة من شطحات مدمن كيف ، لكن أرجو أن تدعوا هذا القصاص ذا المخيلة العجيبة ، يسرد لنا ما يُصِرُّ على أنه قد وقع له بالفعل، لأن مجرد غمزة من جانبكم أو ابتسامة ساخرة ، ستجعله...
لم يكن ذلك النهار يُشبه بقية النهارات ، أو هكذا كان يبدو لي الأمر، كل شيء كان رائعا ، الجو والناس والطرقات والأبنية ، كنت مُنتشيا وفرحاناً ، كنت سعيداً ! في الصَّباح كانوا قد أعطونا النتيجة ، كنت قد نجحت والسنة المقبلة سأكون تلميذا بالثانوي ، سأعيش أخيرا في ذلك العالم السَّاحر الذي فتنني طيلة...
صباح يوم الإثنين : كان المُعلّم يستند بيديه الضخمتين على المكتب، جسمه مائل نحو الأمام، ينظر في ورقة موضوعة أمامه، رأسه الصلعاء البرّاقة باتجاههنا، ونحن بعد أن ولجنا الفصل كُنّا قد اِستقمنا في جلستنا، ووضعنا أمامنا دفاتر الملخصات والمقلمات، وربَّعنا أيادينا ٠ لكنه وبِدون أن ينظر باتجاهنا،...
تُرى كيف حدث الأمر؟ فقيهنا العبدي، القصير القامة، ذو الملامح المُرْعبَة، القاسي، يُنادي على حسن من بيننا جميعاً، يأمره بأن يضع لوحه في الركن، ثُمّ يصب من البَّراد الذي أمامه كأس شاي، ويناوله له، ويُشير إليه أن يجلس بجانبه فوق المصطبة نحن نقرأ في ألواحنا بأصوات عالية و أجسادنا تتمايل ، و حسن...
كانت لاكولين، تلك الهضبة الجميلة، حيث الحديقة بجانب المسبح والكازينو، والغابة التي تحيط بهم، تمتلئ بتلاميذ وتلميذات ثانوية كشكاط كلما اقترب امتحان الباكالوريا. كان حسين مثلنا تلميذا بشعبة العلوم، وكان متميزا في اللغة الفرنسية، فقد درس الابتدائي بمدرسة البعثة الفرنسية، وكانت أمه سيدة ملمة بتلك...
تنبيه : سيروي لنا أحمد البحري حكايتَهُ التي قد تبدو لكم مجرد خيال جامح ، فانتازيا ، هلوسة شيخ فقد كل علاقة بالواقع ، شطحة من شطحات مدمن كيف ، لكن أرجو أن تدعوا هذا القصاص ذا المخيلة العجيبة ، يسرد لنا ما يُصِرُّ على أنه قد وقع له بالفعل، لأن مجرد غمزة من جانبكم أو ابتسامة ساخرة ، ستجعله...
لِكَي أتَسَلّى قليلاً ، قُلْتُ مع نفسي أكْتُبُ قِصَّةً بوليسية . اِرتأيتُ أنْ أصَوّر الضّحيةََََ حسناءً جميلةً في مُقْتَبِل العمر ، والمُجرِمَ القاتلَ شابّاً وسيماً ، يُعاني من جنون خَفِيٍّ ، يلتقيان في الصّيف بِشاطئ البحر ، تُعْجَبُ بِهِ ويرى فيها ضَحِيَّتَهُ المثالية ، تَدْعوه إلى فيلَّتها...
في نهاية كل شهر تأتي من الدُّّوار إلى المدينة ، تقطع حوالي عشرين كيلومتر ، تستقل إحدى عربات الكَارّو وتُؤدّي عشرة دراهم ، وعندما تصل تتجه مُباشرة إلى مركز البريد وتصْطَفُّ في الطّابور ، وتظل تنتظر حتى يحين دورها و يصرفوا لها المعاش الهزيل ٠ وهي أحيانا تزورنا ، وأنا أسعد كثيراً بزيارتها ، أرحب...
لا تنفك عمتي يزة تندب حظها، تقول إن عينا شريرة تلاحقها، فمستأجرو بيتها ، الذين تتابعوا على كرائه منذ وفاة زوجها، بعد أن أخلته وسكنت بالغرفة الصغيرة على السطح، لم( يَصْدَقْ ) فيهم ولا واحد٠ تقول لي : ـ أول من اكترى مني البيت كان أستاذ لغة فرنسية، أنيقا وصامتا لا يكلم أحدا، ولا يأتي عنده أحد، لكن...
كنت قد سمعت عنه كثيرا لكن ذلك كان أول لقاء بيننا. بعد ذلك، حين سينتقل أو سينقلوه للعمل معنا بالإعدادية، ستتوطد علاقتي به ونصير أصدقاء رغم فارق السن بيننا. لكن، لنعد إلى اللقاء الأول : كنت في حراسة الباكالوريا، ذهبت كمراقب للقاعة التي أرسلوني إليها، وزعت أوراق التحرير وتأكدت من الهويات وبقيت...
كان المرض الخبيث قد سرى في جسم صديقي حسين ، وأصبحت نهايته وشيكة ، وكنت أزوره بين الفينة والأخرى لِأُبَدِّدَ وحدته ٠ كان يعلم بخطورة مرضه وبقرب رحيله ، إلا أنه كان قويا صلبا ، حافظ على رباطة جأشه ، بل كان لايتردَّدُ في إطلاق النكت والضحك ملء فِيه ، ولولا الهزال الشديد الذي أصابه ، وشحوب وجهه ،...
هو الذي، منذ أن تقاعد، ينتظر العاشرة صباحا بشوق، بل بلهفة، فبمقهى " السعادة " سيكون محاطا بالجماعة حول الطاولة العريضة، وأعين الكل على رقعة الشطرنج، وكؤوس القهوة السوداء وعلب السجائر تملأ المكان . سي حسين لاعب يحسب له ألف حساب، كما يقال . كان ينتصر على الجماعة بكاملها، و طيلة الوقت، لا يتوقف...
لو كنت أديبا أو كاتبا يُحْسِنُ رواية الأحداث ، لَسَجّلْتُ حكاية الحاج عمر كما رواها لي و لأذعتها في كتاب للناس. حكى لي أنه قرّر الترشح في الانتخابات البرلمانية السابقة نِكايةً في أحد أبناء عمومته الذي كان ينوي الترشح بدوره ، لكن كان لا بد له من تزكية أحد الأحزاب ليكون وكيل لائحة ، وهكذا إذن بدأ...
ما إن تحرك القطار، حتى أخرجت من حقيبتها كتابا أسود الغلاف وانهمكت في قراءته . كنت أنا وهي فقط في تلك المقصورة الصغيرة، شابة جميلة، ربما في الثلاثين . لم يكن على الغلاف الأسود الذي كنت أراه مقابلا لي أي عنوان ، ولم يكن واردا أن أسألها عن ذلك، فقد كانت مستغرقة في القراءة تماما . طيلة فترة لم تكف...
كنا وحيدين ذلك الصباح في ذلك البار الصغير المنزوي في أحد الأركان - إذا ما استثنينا البارمان والنادلة والشيخ الذي يجلس في الظل أمام زجاجة بيرة - في البداية كان هادئا، أنيقا في بذلته السوداء، يضع أمامه أوراقا كثيرة، أحيانا يمعن في القراءة، ثم يمعن في الكتابة، ثم يتوقف لحظة ويبدو أنه يغكر في أمر...

هذا الملف

نصوص
41
آخر تحديث
أعلى