مريم بن بخثة

لو أني أعلم أن الاحلام خابت على سفوح الجبال أن الهمم تعالت تصدح حي على الرجال لو أني أعلم أن الترى أغلى من كفن اللحود من دموع حرى ترثي الوجود. لو أني أعلم زيف الأمنيات و كثرة الآهات حين تلبس الحقيقة وجه السواد ينكسر الرجال تحت وطأة الدموع لو أني أعلم متى يغزو الحزن كل القلوب و تهمس الحياة...
على أهبة السفر كنت أنا و قلبي رفيقين على حافة الاقلاع . رفرف الحزن بجناحي الوداع.. عانقني صمتي شكوت الكلام، كنت وحدي أرص مشاعري في دولاب الغياب. حلق قلبي بعيدا يغتابني . كنت المسافر الوحيد الذي يحمل حقيبة الأحزان و بقايا من دموع و ثياب.
لك وحدك يغني الليل ينقش على صدر الحلم أفراحا يحمل بين أهدابه أقفاصا من زغاريد العرس و حناء على بياض الكف يرسم بين تلال الروح ملامح لوطن جديد يرسم على وجه الفرح معالم لنورس العشق لعش يدق أوتاده على باب القلب من يفرش لأحلامي طريقا بلوري الترحال يتحرك حرفي الآن على وقع القصيد على بيان النشيد...
مهما غبت عن عيون الليل و أصر السهاد يناجي طيفك مهما رسمت خطوط البعاد و نأيت برمش حارق عن مقلتي فأنت هنا في معبد عشقي تساكنين هواء أضلعي تسلكين مدارج الروح فعلى رسلك اغتري اغتري كما تشائين أنت التي نقشت رمال الوجد ملامحها على دفتي قلبي أنت التي سكنت كل البحور أرحل إليك كل مساء لاذوب أذوب باحثا...
أه يا قلب هل تفتح أشرعتك لكل الطرقات الآتية من جبال الوهم هل مازال الحلم يغازلك كلما لاحت نسائم المروج تنسج خطاها على دربك هل مازال الرجاء يستجدي محبتك كلما غازلت الريح السماء كم أثقلتني احجيات الحب الآتية من زمن بعيد أما آن لي الرحيل في صمت القديسين و جسدي مومياء مصلوبة على ناصية الطريق هذي أنا...
لا لون لهذا الليل سوى مسحة من فضاء تذوب تحتها غيوم محملة بجوف صدري تعانق ولهي تمسح عن جبين عمري عرق سنين الانتظار وحدها السماء تعشق ليلي المحموم بفرحه و حزنه بحروفه العطشى للاحتراق نمشي ..نمشي بلا جسد نمشي نعانق صخر الأوهام نرمي من صدورنا شجرة الأحلام بلا مستقبل.. يواريه السراب نضحك ملء الأذقان...
لا شيء لي سوى الحزن الرابض على أبواب القلب و رذاذ الظلم ينثر سواده على إيقاع فجر خامل يطل من بعيد علا تلالا تسكنني و غاب في غيابات الحزن يراود حلما أحمقا كان يغزل صوفه عند واحة العمر حينها السماء كانت تزهر قزحية اللون ترسم أعياد الميلاد و فرح طفلة ربيعية العمر و زهور غردت لها بلابل فجر و مدينة...
يشاطرني فيك الآن حرفان من باحة القلب من كوة الروح يشاطرني فيك الآن حرفان حرف البوح و حرف العتاب حرف يغازلني في حضرتك يسقيني ماء الروح و حرف يشكوك كنبت الدفلى يمتد خارج منفى الليل تنصهر في حروف العتاب تؤرقني نجمة ليالي الغياب و حين أسند رأسي على جدار الليل تذوب في كل الأشواق يا حرفي الآن مهلا...
أمر على الديار باحثة عن ظل امرأة تسكن التاريخ عن نورس رافق حلمي الأخير عن فتات الروح صار كالعبير أمر على الديار لعلي هناك أطرح عني سهاد الزمن و حرقة الوهن و أصنع من كفني لك زادا يا وطني أمر على الديار يحملني موج بور سعيد الرابض هناك فوق الصخرة الأخرى تختفي كل خرائط الكون لتصهر الأشرعة و نوارس...
تسلل الفجر فاردا قلوعه عبر الغرفة الواسعة ، و سرى نور الصباح معلنا بداية يوم جديد، كانت الغرفة واسعة جدا ، بلا ملامح ، جدران إسمنتية تتخللها بعض ألوان صباغة زيتية بشكل عشوائي جعلتها تبدو كئيبة، في زاوية منها كانت هناك كراتين متراصة و بقربها موقد غاز صغير و إبريق و مائدة خشبية صغيرة عرجاء قوم...
على إيقاع موسيقى الفالس كانت تحرك جسدها الممشوق، ترفع تارة يديها لتعانق شريكها في الرقص ، تمد عنقها الجميل بحركة دائرية تسقطها على ذراعه ، تطوف حوله ، ثم ترفع رجلها الرشيقة كريشة نحو الأعلى تنفصل عنه تترك يدها حبيسة يده ، تعيد دورتها بفنية عالية و هي تصاحب إيقاع موسيقاها الحالمة ، تنحني ،...
المشهد الأول والتفت الساق بالساق ، تشابكت العيون يلتهمها وهج الشهوة ، و الأنفاس تتسارع في الاتجاهين ، تحركت يده نحو يدها المرتعشة ، جذبها نحوه بعنف شبقي ترددت ، حاولت أن تسحب يدها من يده لكن قوة تمسكه بها لم تمنحها فرصة لذلك فاستكانت،أرادت أن تعدل من هيئتها المبعثرة، لكنها استسلمت أخيرا تحت...
ككل ليلة كانت الغرفة باردة ، ككل ليلة كان جاهدا يتظاهر أنه لا يترقب قدومها ، يستطلع الباب و ملامح وجهها هل من إشراقة للقاء حميمي بينهما ، يتابعها بنظراته العطشى و يحاول عبثا أن يخفي حنقه الليلي على جسد لا ينتظر منه الكثير سوى إخماد حريق شبقي يتمكن منه كل ليلة ، و حين تندس في الفراش دون أن تتمنى...
لم يكن يعد صويحباته، تمضي الواحدة إلى حال سبيلها لتجده مفتونا بغيرها، يسعى إليها حثيثا، يقدم مشاعره الملتهبة على طبق وردي، مغمس بأحلام قزحية، يغرد لنورس الحب والفرح الشبقي، كلما ضاجع إحداهن عادت به تلك الذاكرة الماكرة حيث كان صبيا مازال يرضع ثدي الأحلام البريئة، وتلك الجارة الشابة الناضجة،...
سأمضي ما تبقى من الطريق وحيدة أمضي وقد علقت كل الأحلام المؤجلة على مشجب الخيبة سأمضي محملة بكل الجراح أصنع لي مرفأْ أغزل فيه خيوط ما تبقى من الأيام وحدها الحسرة تأكل باقي الطريق تعد بأوراق الضجر أوقات الانتظار الانتصار القادم إلي على لوح الحرف أفتش بين جنبات الأحزان عن بقايا فرح قديم أهدهد ما...

هذا الملف

نصوص
24
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى