في الفراندا، كان يجلس وحيدا على كرسي من الخيزارن اللين كيما يلائم حالته الصحية. دخلتُ، متلصصا، حتى لا أشعره بوجودي. سحبت “شلتة” وجلست عن يمينه بمحاذاة مرفق الكرسي. كان جدي هائما بنظره في الحديقة أمامه، بالذات في شجرة التوت، تلك التي تتوسط الحديقة بجذعها العتيق وأوراقها المتربة بفعل الزمن. كان سارحا إلى بعيد، بعيد جدا، كرُبّان يرمق أفق البحر وهو يقود سفينته المتهالكة إلى يابسة النهاية المجهولة، طاويا خلفه الماضي بشطآنه البعيدة، وذكرياته الأبعد. لا أعرف فيمَ يفكر عجوز جاوز السبعين، على أقل...