تضع المدينة أنشوطتها الغليظة حول عنقي. كل ما في المدينة يسهم في منع النسمة من الانسراب إلى صدري. شوارعها المكتظة، أرصفتها الضيقة، الفضاء المشحون بزعيق السيارات، الموسيقى الصاخبة، أصوات البشر، أيديهم الخاوية الممدودة من أجل رغيف، حناجرهم المتورمة، وعيونهم الطافحة بدموع متحجرة. أهرب من موقع الإعدام. أعدو بعيداً خلف واحة خضراء، ونسيم عليل، وسماء صافية. وعندما ينهكني التعب أعرف أني كنت أركض وراء سراب. أقتعد جانب الطريق وأغفو ربما دهراً! حين أفيق يقع نظري على كومة بيوض متروكة فوق تلة تراب...