جميلة شحادة

"تبقى العائلة عندما لا يبقى أحد". قالوا لنا. "وحدها العائلة، التي تبقى الى جانبك عندما تلفظك شدائد الأيام ومصاعبها الى قارعة الطريق". علّمونا في الصِّغر. فهل فعلًا ما زالت مضامين هذه الأقوال سارية المفعول في أيامنا هذه في ظلّ التغييرات التي طرأت على شكل وأسلوب حياتنا، وفي ظلّ ما يشهده العصر...
سِرْ في الطريقِ. سِرْ ولا تخشَ عتمَه. ربّما أضواؤه مطفأةٌ هذه الليلةَ فقطْ. لا تخفْ! سِر؛ وَلوْ أرخى الليلُ جدائلَه السُّمر على كتفِ المدينةِ، وخلّى ليلَها موحشًا أكثر. تابعْ سيرَكَ، واغمدْ في قلبِ العَتْمِ سيفَ عَزمِكَ. خبيءْ حزنَك في جيبكَ، وأطلقْ ذراعيْكَ وحثّ الخطى. لا تلتفتْ لنقيقِ صراصير...
سبعَ عشرَةَ مِنْ عُمرِ الياسَمينِ قُتلَتْ لمّا اخْبَروها… أنها الليلةَ خُطِبَتْ وغداً.. غدًا تُزَّفُ الى المَجهولِ وتَميدُ بها الأرضُ.. وتنأى عنِ المأْمولِ وترقُصُ كَيمامةٍ رَقصَتْ … مِنْ حلاوةِ الروّحِ يومَ ذُبحتْ وتنحسرُ اللمى بعدَ موتِ الرّوحِ عنِ اللّؤلؤِ فيظنُّها الغشيمُ.. منْ شدَّةِ الفرحِ...
منذ لم يعد مسلسل معين، وبالذات في شهر رمضان المبارك، كما كان في الماضي، في سنوات الثمانينات والتسعينات وما قبلها من القرن الماضي يجمعنا جميعًا في المساء، ونتمسْمَر أمام قنال تلفزيوني واحد لنشاهد ذات المسلسل ولتكون أحداثه في اليوم التالي محور أحاديثنا في المدرسة أو في الشارع أو في أماكن العمل؛...
كنتُ أقود مركبتي متجهة الى عملي صباحًا، عندما وصلني خبر مقتل شيرين أبو عاقلة، الصحافية الفلسطينية والمراسلة الميْدانية في تلفزيون الجزيرة. لقد صعقني الخبر، فانطلقتْ من أعماقي شهقة دون استئذان، تبعتها دمعتان انهمرتا من عينيّ والمذيع يؤكد خبر استشهادها. لم ألتقي يومًا بشيرين عاقلة بشكل شخصي، لكني،...
مَررْتُ بهِ أبحثُ عنْ عَبَقِ الحنينْ مَنحتهُ نَظرِي.. ودمعة مِنْ دَمعي السَّخينْ أعادَ لي تَقاسيمَ وَجْهي، ونَهرَني بصرخةٍ مِنْ رَحمِ الأنينْ: خُذي وْجهَكِ عَنِّي يا هذِي ولا تُعكِّري صُمودَ السِّنينْ. أنا القسطلُ يا هذي.. لا ألينْ مائي زلال، وأصْلي حَلال، وصبري مَكينْ. أنا القسطلُ يا هذي.. لا...
بحسب المعطيات والإحصائيات التي نُشرت في الصحف في الأسبوع الماضي؛ يُستنتج أن حوادث العمل تزداد بشكل يومي في السنوات الأخيرة؛ وبسببها؛ هناك مَن لَقوا حتفهم، وهناك مَن أقعدتهم عن العمل وظلّوا يقاسون العجز، أو يعانون من الآلام نتيجة إصاباتهم. لا تهمني عادة الإحصائيات إذا لم يكن الهدف منها استخلاص...
لقد صدمْتني بتغيير عنوانكَ فجأة، ودون إشارة مسبقة لذلك، أستاذ شاكر حسن اغبارية. لقد نويتُ أن أرسل لك، كما طلبت مني، أحد إصداراتي التي لم تكتب عنها بعد على عنوانك الذي زوّدتني به قبل ست سنوات. ما زلتُ أحتفظ بعنوانك هذا، تمامًا كما زوّدتني به: شاكر فريد حسن، ص.ب ... شارع مصمص، طلعة عارة، منطقة...
أذكر ذلك اليوم جيدًا، كان يوم أربعاء من أيام أيار الحارة، وكانت الساعة قد تجاوزت الخامسة مساءً بعشر دقائق. كنت أجلس وراء طاولة مكتبي في غرفتي، أصارع حلّ المعادلات الرياضية استعدادًا للامتحان في اليوم التالي، وكنت حينها في الصف الثامن. وكأن قلقي من امتحان الرياضيات لم يكن كافيًا، ليدخل والدي عليّ...
في إحدى الندوات الثقافية، التي حضرتُها قبل أسبوع لمناقشة عمل أدبي، فوجئت بناقد أدبي أكاديمي له باع طويل (وأنا شخصيًا أشهد له بذلك) في نقد الأعمال الأدبية بكل أجناسها: رواية، قصة، قصيدة، مسرحية... يتوجّه الى كاتب العمل قائلا له: الأمر الذي أعيبه عليك بعملك هذا، أنه "عمل نظيف"، أي أنه خالٍ من...
في إحدى الحوارات الصحفية معي سئلتُ: الى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز؟ الى دهاء وحكمة بلقيس؛ أم الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟ ولأني أتجنب عادة المفاضلة بين أمرين، أو الحكم على الأمور إما بالأبيض وإما بالأسود فقط، لمعرفتي بوجود تشكيلة...
لمْ أَعدْ أُفلِحُ باللّحاقِ.. بكلِّ الأحداثِ المتسارعةِ حوْلي. لمْ أَعدْ أُحْصي مَحصولَ عزرائيلَ.. في اليوْمِ الواحدِ. أنا التي تَعجزُ عَنْ كِتابةِ حروف اسمِها ... إذا ما تحرّشَ المطرُ بزجاجِ نافذَتِها.. تُصِّرُ الشاشاتُ أنْ تُحوّلُني الى فراشةٍ مجنونةٍ تلهثُ وراءَ الضوءِ.. تختنقُ، تحترقُ، تموتُ...
الى أين ذاهبٌ بنا يا زمنْ؟ لقد أَغْمضْنا أَعيْنَنا، وَمَشيْنا خَلفكَ في طريقٍ نجهلُ آخِرَهُ. هل أخطأنا؟ هل أخطأنا لأنّنا أغمضْنا أعيْنَنا؟ هل أخطأنا لأنّنا بِغيرِ الثّابتِ وَثِقْنا؟ لكنَّنا كُنّا مُتعبينَ، مُتعبينَ مِنْ مَشقَّةِ السَّفرْ.. لقد ركِبْنا قِطارَكَ، وألقيْنا بِما يُتعبُنا على المقاعد...
لن أخفي أنني وقعت فريسة السؤال: ماذا يريد أن يقول المؤلف لقرائه؟ كلّما تابعت القراءة صفحة تلو الأخرى من رواية "الصامت" الى أن أنهيت قراءة الصفحة الثالثة والعشرين منها. في هذه الصفحات، بدا لي أن الكاتب يتخبط، وهو في حيرةٍ بين متابعته لكتابة إحدى رواياته التي بدأ بكتابتها، دون أن يصرّح عن موضوعها...
أي مصادفةٍ هذه التي ساقتني لأقرأ كتاب الرغيف الأسود، للكاتب المغربي، حسن المصلوحي اليوم، والغيوم حالكة السواد، ترمي شوارع وبيوت مدينتي، الناصرة، بكل ما في جوفها من مطرٍ وبَرَد وربما ثلج، في أقصى مرتفعاتها. إنه يوم عاصف، شديد البرودة، حالك، لم نعتد عليه كثيرًا في مدينتنا، فلَزِمنا بيوتنا (وبالذات...

هذا الملف

نصوص
63
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى