لم أكن قد ابتعدت كثيراً عن ذلك الفندق الفخم الذي كنت أقيم فيه حتى تذكرت انه يجب علي العودة بسرعة لأمر مهم كنت قد سهوت عنه. عدت أدراجي بسرعة بينما انشغل تفكيري بأمور متضاربة عدة، وكلما تسارعت خطواتي باتجاه ذلك الفندق المتألق وأنا أنظر إليه من بعيد كلما ازداد تشوش أفكاري.. حتى أصبحت في حالة من الاضطراب ظننت معها أنني أبتعد عن هدفي بينما أنا في الحقيقة أقترب منه؟.. يا إلهي هل كنتُ قد قطعت كل تلك المسافة قبل أن أتذكر ما تذكرته!.. ما لهذه الطريق لا تنتهي رغم خطواتي اللاهثة المتسارعة!.. أريد أن...
خرجت رباب من بيتها الصغير في قرية من قرى الجولان وهي ترتجف من البرد فالثلج لا يزال يتساقط منذ ليلتين وكل شيء حولها لبس ثوباً أبيض تدثرت بمعطفها السميك ولفت رأسها بشال جدتها الصوفي السماء صافية وحنون الآن ولكن ما يدريها أن العاصفة ستعود من جديد لا يهم فالمسافة بين بيتها وبين مبنى البريد ليست طويلة ولا بد أن تبعث برسالتها إلى خالتها في دمشق استعادت كلمات الرسالة التي كتبتها نيابة عن جدها وجدتها وكل أفراد الأسرة تقول فيها: نحن لا زلنا مواطنين سوريين ونرجوكم وأنتم تعرفون أسماءنا وأرقام هوياتنا...