عبد الجبار الجبوري

تخذلني القصيدة ، لكنّني أستظل بفيئِها، تَحنُو إليَّ كُلمّا دَاهمَني الليلُ، وأرهقَني التِرَّحالُ، فأجلسُ أمامَها كطفلٍ أضاعَ لعبتَه، وجاءَ يَسأل البحرَ عنها، للبَّحرِ أسرارٌ وعرسُ غيمةٍ، وللرِّيحِ حزنٌ، لا يدركُهُ إلاّ اللّيل، إنّي لأفتحُ للبحر عَينيّ ولا أجدْها، ما للبّحرِ يخْفي عَنّي...
كنتُ أمشيْ، ويمشيْ على الماءِ قَلبي،وظّلي يَسبقُني،وكنتِ جائحَتي، والنساءُ هلَاكٌ، أعرفُ سوفَ أبْقى، وسوف أشْقى ،وسوفَ أمشيْ على الماءِ وحْدي،يأخذُني البحرُ من يَدي الى البَحر،يُجرجرُني من قصيدَتي،فينبلجُ من بين نِهدّيكِ ذلك الصباحُ الذي كُنْتِهِ، وتبكي بين يديكِ الغيومُ،وتلمعُ بين مقلتيكِ...
يَسبقُني ظِلِّي إليّها، كُلمّا دقَّ بابُ قَلبي، تدخلُ بهَو قصيَدتي بضِحكتِها المُجلّجلةِ، فيصافحُ كفُّ شِعْريْ غصنُ طفولتِها، فتسقط من بين أصابعِها القُبَلُ، وتطيرُ الفراشاتُ على صهوةِ الفَرح، تَمشيْ على وقْعِ خُطاي، بقامتِها الفارعةُ، وعباءتِها السوداء، التي تُشبهُ أيّامي، وعينّاها المضيئتانِ...
على شاطيءِ الحُلُمِ،يأخذُني البحرُ إليّها، طِفلٌ يَلهو بضفائرَ النسيّان،وضفائرُها غافيةٌ على كَتفِ قصائدي، كانَ قمرُها القتيلْ، يبحثُ عن موجةٍ، غابتْ وراء الأفقِ البَعيد،وجهُها رغيفُ خبزٍ قرَوي، وليلُها بهيمٌ كأياميَ الصامتة ،كانتْ تجلسُ أمام البّحر،وترسمُ لها عينيّن واسعتينِ كالبحر،وكنتُ أرسمُ...
الفارعةُ، ما الفارعةُ، وما أدراكَ ما الفارعةُ، هي نجمةٌ ساطعةْ، وغيمةٌ ضائعةْ، كنتُ إنتظرتُها تجيئُني على صهوةِ الظلام، لتُضيءَ لي هذا الظلامْ، قلتُ لها، تَعالي، جَفّتْ دُميعاتُ الأسى في غربتي ، وما طلَّ الغمام، كانت نجومُ الليلِ كلَّها في راحتي، تُباهلُ القَمر، وكنتُ أرقبُ الرّياح تجري، كما...
الخميسُ يوقظنُي من ياقتي ، ويقولُ لي تَعالَ أعلمّكَ لغةَ النسيّان، وأعلمّكَ كيفَ تقبضُ على نجمةِ النسيّان وتمرغ أنف البحر بإصبع الهذيان، وها أنا أرشُّ طريق طلتّها بماء الورد، فتجيؤني في الحلم كل خميس، لترسمَ قصائدي على رملِ طفولتها، وجهاً يحبُّه قَلبي،كيف أُصفّف شَعرصباحَها ، وهي تدلفُ الى بيتِ...
1– لنْ أبُوحَ للرِّيحِ بإسمِها كانتْ تجيءُ الى بيتِ القصيدة، حاملةً أغنيةَ النهّار، وهمومَ المساءاتِ وتفرشُ أسرارها على قارعة الشوق، عند بوابة المسقى، فيقرأُها الفقراءُ والشعراءُ وأنا ،الفقراءُ يشوفونَ فيها بؤسهم، والشعراءُ تعاستِهم ،وأنا خيباتي المبعثراتِ طول الطريق إليها ،كنتُ أنتظرُ الخميسَ...
1-لا شريك لها في قَلْبي يَشِيبُ حَرفي مِن البُكا، كُلمّا جُنَّ لّيلي، وتَذكرّتُ أَنّيّ تذكرّتْ طيفَها ،الذي طوّقَ رُوحي بهالةِ من الحزن الشفيف،وشاعَ حُبُّها في قُرى الشِّعرِ، وتناثرَعِقْدُهُ في دروبِ الليّل ،حكاياتِ السَّمر، ولا سامرٌ في الحَيِّ يَدريْ، أنَّ حُبَّها يَسْرِي بروحي، كما تسري...
كان العرق البارد يملأ جبهتي العريضة، وجسدي يرتعش في جنون، والشاوش ببذلته الزرقاء الموشومة ينفث دخان سيجارته في الهواء، ويحتسي بين الفينة والأخرى الشاي بصوت مرنم مسموع، ثم يلتفت إلى«شاوش» آخر ليقول له: أنت تعرف صنع الشاي إذن... لقد راق الرئيس كثيرا... وتقدمت منه بخطاي البطيئة، وأنا ارتعش...

هذا الملف

نصوص
9
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى