هدية حسين

وحيداً ومتوحداً يجلس، في ركن قصي من حانة صغيرة تدعى "روز" ، هو نفسه الركن الذي يختاره كل مساء، أحياناً يدخن ويتابع خيوط الدخان كمن يبحث فيها عن شيء مُضاع، أو يقرأ في كتاب صغير يشبه كتب تعليم اللغة الانكليزية، وكثيراً ما ألمحه يتفرس في وجهي، وما إن تتلاقى نظراتنا حتى يشيح بوجهه الى الشارع. رجل لا...
- وها هو قد رحل، فماذا أنتِ فاعلة بحياتك؟ - لا شيء يا أمي، فقط اكرميني بسكوتك. - بيعيه مثلما باعك. - إنه ليس سلعة يا أمي. - أنتِ السلعة من وجهة نظره، وقد أصبحتِ من الماضي. ** الماضي يعذبني، وأمي التي شبعت موتاً ماتزال تصرخ بي: - ستعيشين وحيدة ومعزولة. لم أنتبه الى العمر الذي راح يركض بعيداً،...
أنا لا أخذلك أبداً، نبرة صوتي تقول لك بأنني سعيدة، ضحكتي المجلجلة تخبرك بأن صحتي على ما يرام، وأنني أنام ملأ جفوني وأرى أحلاماً هانئة، ملابسي كما تراها في الصور بألوان زاهية، لأنني أرى أن لا علاقة للألوان بعدد سنين العمر أو بما يعترض الإنسان من اضطرابات نفسية، لذلك فأنا أختار من الألوان ما أشاء...
طاخ طيخ.. طاخ طيخ.. منذ ليلتين لم أنم، لا أعرف ما إذا كان رجلاً أم امرأة في الشقة التي تعلو شقتي، يحدث الضجيج بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً ويستمر حتى الفجر.. أنا حديثة سكن منذ أربعة أيام فقط في هذه العمارة، قلت سيتوقف الأمر حتماً، لا يمكن أن يستمر فالبلد فيها قوانين مشددة بشأن الضجيج وإزعاج...
في الغرفة العلوية، الغرفة الواسعة ذات الأثاث الفخم، أجلس أمام زجاج نافذتها الممتدة على طول الجدار، تنزل من أعلاها ستائر من الدانتيلا العسلية المخرمة، مُزاحة نحو الجانبين بشريط أبيض لمّاع.. أمامي شارع طويل عريض، تصطف على جانبيه أشجار نخيل تتدلى من قلوبها عذوق الرطب المضيئة بفعل انعكاس آخر خيوط...
كما يحدث بين نوم وصحو، حيث الزمن مرتبك ورجراج، حدث الأمر، كنتُ جالسة لاستريح على مصطبة قبل عودتي الى البيت من عيادة الطبيب.. ولما رأيت ما رأيت فركت عيني، فتماثلت أمامي واضحة الملامح، بثوبٍ أزرق طويل تتناثر على قماشته أزهار قرنفل حمراء، تساءلتُ: من هي، هذه التي أعرفها ولا أعرفها؟ تلفتُ من حولي،...
المكان موحش، الوحشة تأتي من الروح وتعم المكان، الأصدقاء بعيدون، القريبون لا وجود لهم، الذكريات تبدو باهتة، تمر سريعاً، لا تريد التوقف عند خط المرض، ترغب فقط بأن تظل متوهجة كما كانت في بداية الشوط لا كما انتهت إليه، طوفان من الصور الضبابية يركض كما الغيم للابد في طيات الليل..لماذا لم أعد أعبأ...
لم يصدقني أحد حين قلت ما أعرفه، وأنا لا أعرف الكثير عن السيدة، بعد خمسة عشر يوماً قضيتها في مركز الشرطة أخذتُ الى المحكمة، ومن هناك تقرر مصيري فجيء بي الى سجن النساء، دفعتني السجانة بعنف الى إحدى القاعات فهرعت السجينات مثل الجراد والتصقن بي، وجوههن بلا لون وعيونهن من دون بريق، إحداهن زغردت، لا...
بعد أن تأملت اللوحة تغيرت ملامحها، التفتت إليه وقالت مُحتدة : ـ لماذا ترسم المرأة جسداً من غير رأس؟ ملأت الابتسامة وجهه لكنه لم يرد، فأردفت: ـ هل هذا يعني بأنك تؤمن أن النساء من دون عقل؟ كتم ضحكة كادت تفر من بين شفتيه، وتشاغل بإشعال سيجارة، نفث الدخان بعيداً عن وجهها الغاضب ثم قال بهدوء : ـ...

هذا الملف

نصوص
9
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى