محمد عيد إبراهيم

لكلّ كاتب صيغة معينة في حياته قد يبدأ الكتابة معها وفيها. بعضهم يكتب في أي ظرف معيشي، وبعضهم يمضي إلى مكان محدّد، أما أنا فلا بدّ أن يكون الجوّ حولي هادئاً مرتباً نسبياً، لكن حولي الكتب، لا يهم أي كتب، لكن مجرد وجود الكتب يؤنسني ويهيئ لي نفسي، حتى أرتب كل ما في داخلي. هناك طبعاً (القصائد الهبات)...
إلى المقيم في علياء المحبة مولانا:(محمد عيد إبراهيم) Muse de deux coeurs emmêlés! . لمن أكتب الآن هل أخاطبك بأنت أم هو!؟ هل نقص من أطراف الكلمات ليصبح المضارع ماضيا!؟ إلى أين تمضي الأفعال!؟ بمن تنتهي الحكايات!؟ في مرة أكلت لساني وضعت قصائدي داخل صندوق النار ألقيت بالمفتاح في نهر...
توتوناديكا إله إفريقي مجهول بهيئة طوطم من خشب. في رأسه بومة شاخصة وعلى كتفيه حيتان موصولتان بكعكة شعره في فجوتين بشكل شمسين غائبتين على مدى كان يرتاده من قرون مع شعبه المجهول... حاجباه مرفوعان مع أنه لا يرى نحو نائبة لا ترى أو نائم كالميت الحنون بينما أنفه كالكوسة المضروبة شاربه حليق ولا يبدو...
ترش من كاس المسرة ألوانا صريحة أحمر للصمت أصفر للجوع أزرق للزمن وتخور فادفعني وصل صلني كضبع على جثة يبتسم ... وظلت كالظل عالية بجناحين حتى حلبت فوق كرسي مكتبة إبريقه الثائر.
عاد ابن أمي من سيناء 67 برجلين كقدمي فيل مجهد شاف دما وحرائق وموتى لم تجد أكفانا كي تطير بسلام. عاد ابن أمي من بغداد 91 بعقل خفيف كعقال بلا كبرياء شاف دما وحرائق وموتى لم تجد أكفانا كي تطير بسلام. عاد ابن أمي للخلق بعد سنين وأمراض وبنات وأم تلفت روحها من مبدأ حياته كالأمل إلى مبدأ موته...
• اليتم الأدبي والروحي أشد وقعا من اليتم البيولوجي، بابا محمد معنا وسيظل، لا أتصور صياغة فعل يكون إلى كان هذه ال/كان سأعتبرها عارض لغوي في جسد القول لا غير. مولانا يمقت الحزن والزعل وكان يحفزني على الفرح مشيراً إلى مواضعه في الكتابة، في الفن، في السينما، في الموسيقى، في الحب، في تفاصيل العلاقات...
رجل شبيه بعصفور خلفه ثعلب يتقلب من الضحك. وامرأة تميل كأن خلفها ريح صافرة لكن تبين أنه ضبع سحيم. والاثنان في مشهد جبلي لكأنه غابة قاحلة مقطوع دابرها تحت سماء كلها كائنات حولها أسلاك شائكة ضمنها طير يتخفى من صوته وسط أعشاش تطير كتلك التي في القلب تحت القلب بحنان على شكل فم أنثوي ثخين وهو يطعم طرف...
على يقينٍ أني سمعت هديرَ الطائرةِ من بطنِ أمي، صادماً أذنيّ المقلوبتَين رأساً على عقِبٍ. لوّحَ والداي بالوداعِ عبرَ نخيلِ جوزِ الهندِ في فيراكروز. كان عمي يطير شمالاً مع الإوزّ. أحياناً أحسّ برأسي خافقاً يرتجّ في قشرةِ حَوضِ أمي وهي تدلف إلى السيارةِ لمغادرةِ المطارِ. متشوّقة للعودةِ، للهربِ من...
بين الحِضنِ الأولِ والأخيرِ دائرةٌ مقفلةٌ. لمسةٌ كهربيةٌ كالسّياجِ على وجهكِ الصوفيّ حينَ يركَن إلى الكنبةِ، على فمكِ كقصيدةٍ أخيرةٍ أكبر من أن تولَدَ. جسمكِ فاكهةٌ ليلاً بألوانٍ دوّارةٍ كالصدى بعدما يخجل أن يتكلّمَ.. لو حذفتكِ من الأزرقِ لما بقيَت أرضٌ ولا سماءٌ بل فلاةٌ تغرق وجهَكِ وهو سالب...
كلّ فراغٍ يحملُ في طياتهِ مَلئاً كلّ فراغٍ صوفُ غَيمٍ، ضِمنهُ كلامٌ كلّ فراغٍ كتَصوّرِ مَثّالٍ وهو يفكّرُ في بنيلوبي، أو مُنَجِّمٌ بلاغيٌّ يطيرُ كزرقاءِ اليمامةِ كلّ فراغٍ نشمّ فيهِ ككلبِ الصيدِ لحمَ الفريسةِ… ****** لو كانَ لي أن أسطّرَ الفراغَ لكتبتُ ألفاظاً لها رنينٌ في دماغي ألفاظاً...
(ليس للشعر أن يكون إلا كلاماً، أو هو نفسه الكلام، والكلام أعلى من اللغة في لغوها مع الفنون الأخرى. ليس للشعر أن يكون إلا كالمجنون المثابر على جنونه، فسيصادف الحكمة في النهاية، كما يبيّن وليم بليك. هل يقول الشعر، مع مالك بن الريب “تذكّرتُ من يبكي عليّ فلم أجد وأين مكان البُعد إلا مكانيا”، الشعر...
"يا إلهي! أُصبتُ"، قالَها، وماتَ. وسواءً سبَّ أو صلَّى، فقد غرّدَ الرصاصُ ـ دونَ فائدةٍ، عبثاً، عبثاً! قوقأ المِدفعُ الرشّاشُ ـ توت توت! توت توت! وقهقهَ المسدّسُ بالطلقاتِ. آهةٌ أخرى ـ "أمي، يا أمي! أبي!" وابتسمَ، إلى لا شيء، شبيهاً بطفلٍ، حالَ ماتَ. وارتقَت غيمةٌ من شظايا وهي تومئ خليةَ...
رأيتهُ، بأمّ عيني، في الظلّ شَبحاً دامياً، قادماً من بعيدٍ، عليهِ غَبرةٌ، وفوقَ رأسهِ وِشاحٌ كلّهُ أرقامٌ، معهُ كلبٌ هزيلٌ كأن من باطنِ الأرضِ، يظلعُ، لكن في إثرهِ بالنزهةِ الملعونةِ… *** لحظةَ غضبي، وحولي شُرَطةٌ كأرواحٍ شريرةٍ، سالَ من السماءِ ترابٌ، وعجلاتٌ من حديدٍ تئزُّ، كطابورِ حلزونٍ،...
وقتَ صلاتِها للماءِ طَلَبتُ حُباً، . رفَعتُ ذراعَيها وانهَمَرتُ بهَيئةِ الصَلْبِ فيما وراءَ البئرِ، خَلَّلَني شَعرُها فوقَ قلبي التَعْسِ أن أهَبَ الطبيعةَ عنصُرَين من الألمِ، وأهُبَّ مَحموماً أمامَ امتدادِ الجمالِ في فَردِ الذراعَين على مِنكَبَيّ وخارجي. شفتاي . حَوَّمَتا ـ وفَتَحتُ الأمانَ...
منذُ ستةٍ وعشرينَ عاماً، رأيتُ "سعاد حسني" في مسرحِ المدرسةِ. بزيارتِها مع العَجائزِ العنيدينَ كانت نوعاً من امرأةٍ بشنطَتِها، كالبطِّ الذي يستَكِينُ لدى رؤياهُ صورتَهُ فرِيسَةً سَهلةً للماءِ أو لخيالِ الأزرقِ الباهتِ يدعَمهُ الماءُ. انقلبَت الدنيا إلى فوضَى تَحَطَّمَت على فمي، أن ألمَحَ الكلّ...

هذا الملف

نصوص
59
آخر تحديث
أعلى