حفيظة قاره بيبان

سألتها... والبوابة الحديدية تئزأنينا مع دفع يدي: - لم تحول السور صخرا وإسمنتا يقصف الخضرة اللينة الماضية؟ لم رحل القصب المصطف بأخوة على امتداد أرضنا ينسج سورنا الشفاف؟ ...وهذه البوابة الحديدية متى علاها كل هذا الصدأ؟ ولكنها لم تكن أمام البوابة لتجيبني. على الممشى الترابي الطويل مشيت. باب الدار...
تراقصت أضواء الشموع والمصابيح وهفهفت الستائر المخملية على النوافذ الواسعة المفتوحة لليل الساكن. وبدت النباتات الخضراء الغضة من الخارج تداعب الجدران الصقيلة والأثاث الفاخر. وانبعثت موسيقى هازجة من الأركان. ابتسم الأهالي وهم يشهدون من دورهم البعيدة الواطئة دار القاضي الجديدة الشامخة على الربوة...
قريبا موعدنا. الساعة الثانية، أوج الضوء، قلب النهار. يموج شارع الحبيب بورقيبة بالألوان، صفو يوم شتائي ضاحك. تدعوني المحبة. أختار المكان الأجمل، الأكثر رفاهة، رغم فقري، هدية لحبيب عائد. بهو النزل المرخم الفسيح. المجالس متباعدة. الهدوء رائق. الجلاس قلّة. والفضاء الرحب لا تلوثه كثافة الدخان. جلسة...
أيمكن أن تنتهي هكذا قصتي معك؟ أن يختفي الصوت الزلال والكلمات المضيئة والعرض المدهش الذي كنا نعد معا لسماء الوطن؟ يا صوتك الدافئ العميق يتحول على الركح شلالا هادرا، يعلو صداه، واثقا إلى الآفاق البعيدة، مضيئا كل اختلاجات الروح! بينما الجسد يتحول لسان نار، يعلو في السماء حينا، وحينا يتلوى برشاقة...

هذا الملف

نصوص
4
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى