محمد الصالح الغريسي

با طيف " كاركتاكوس"1 ، ليت الأرواح أحبّت القضيّة الّتي ناضلت من أجلها في دنياها، إنّ رؤيتك النّسر تضايقه الحمامة ، قد يهوّن عليك ذكرى قيود روما المؤلمة. هؤلاء الأطفال، يطالبونك بأبيهم، لطيب سمعتك لدى المعجبين بك في جبال الغال ثمّة شعلة في داخلهم تمقت الموت، و تمجّد شباب " فانس" 2 المتشرّد...
كان النّدى يتنزّل كثيفا، و قد بدأت النّجوم في الوميض؛ سمعت صوتا يقول:" اشرب أيّها المخلوق الجميل، اشرب". و أنا أراقب السّياج أمامي، رأيت حملا جبليّا، أبيض كالثّلج و إلى جانبه فتاة عذراء لم يكن في الجوار خرفان و لا أقارب، كان الحمل وحده تماما؛ مربوطا إلى صخرة بحبل هزيل و كانت الآنسة...
من سيصدّق بعد الآن أشعاري إذا كانت مليئة بأكثر صحاريك تراميا؟ رغم أنّ السّماء تعلم ذلك بعد، إلاّ أنّ تلك الصحاري ضيقة كقبر يخفي نصف حياتك، و لا يظهر نصفها الآخر: لو كان لي أن أكتب عن جمال عينيك، ، لعدّدت، و بأرقام جديدة كلّ محاسنك؛ و لقال القادم من عمري: " هذا الشّاعر يكذب، مثل هذه اللّمسات...
أيّها الحزن... أيّها الخريف المتأرجح بين آهتين المنساب في شراييني الباهتة كيف أطاوع انتكاس الشّوق فيك كيف أشعل عراجين الذّكرى وأصيّرني ملكة عليك؟! كيف أكتبني ؟! من سينسج من عبراتي معبرا يقطعه خطوي إليك؟! من سيشعل أنامل نافذتي؟! ويسدل ستائر آخرتي أيّها الحزن... الطفلة التي تركت ما زالت تشدو...
في الحلم .. أنا و أنت على بتلات الورد ..نكتب قصائد العشق نرسلها مع نسمات الصّبح تعويذة للعشّاق في الحلم .. أنا و أنت .. في حدائق بابل الغنّاء نفترش العشب .. عاشقين .. نتدثّر بالحبّ .. نتراشق بأزهار الجلّنار و التّاريخ ..حارس وسيم .. يدرأ عنّا أعين الغرباء في الحلم أنا و أنت .. في مهب...
حين رفّت أجنحة الفجر و اعتراها لهيب الشوق إلى الضياء و بدت في الأفق دوائر الضّوء تزحف بطيئا بطيئا على السهول و الهضاب و الجبال تسحب خيوط الظلام خيطا خيطا فإذا الشمس كحسناء بتول ترفع في وقار جبينها ، من السجود إلى ربّ الوجود. حينها دغدغت عينيه أشعّة الشّمس الأولى وقد تسرّبت من زجاج النّافذة.. و...
اسمه فتحي و لقبه أبو السّرور.. اسم عل مسمّى، حقيقة..كلّ الّذين يعرفونه يشهدون له بخفّة الظلّ، و بتلك الابتسامة الّتي لا تفارق محيّاه. و لكنّه اليوم، على غير عادته، يبدو مهموما كئيبا، كما لو أنّ أمرا جللا حلّ به، و هو المعروف ببشاشته، و طيبته، و دماثة خلقه، و مقابلته للحياة بقلب متفائل لا...
جلس الحاجب الوسيم خلف مكتب الوزير على الكرسيّ الهزّاز .. أسند ظهره إلى الخلف و مدّ رجليه إلى الأمام .٫ سرح بذهنه في عوالم أخرى .. كم هي غريبة هذه الدّنيا .. هو يحمل نفس الاسم و اللّقب اللذين يحملهما الوزير . كان ذلك مصدر حرج لهما معا لكنّ الوزير تمسك ببقائه حاجبا خاصّا له لما اتّصف به من أمانة و...
تَعََاليْ حبيبة قلبي نغادرْ تعالي نهاجرْ إلى كوكب في المدى تعالي نجهّزْ لنا الفلك من كلّ زوج ونعبرْ إلى كوكب في الكواكب آخرْ فذي الأرض ضاقت بنا مذ ْترامتْ لتشمل من كلّ نذل وفاجرْ نفوس تردّت بأقصى حضيض وكلّ بما فيه من موبقات يفاخرْ و كلّ يحمّع للشرّ مالا وكلّ بِعِنْدٍ لديه يكابرْ وكلّ بعزّ...
في الهزيع الأخير من الحلم ،كان للزمن طعم الهزيمة .. و للمكان مرارة السجن .. كان كلّ ما حولي يرتدي ثوب الغموض، و كلّ من حولي غارقون في هرج غريب يمشون و لا يبارحون المكان .. كأشباح الخرافات ، لا يأكلون و لا يشربون ..معفّرة ثيابهم.. مشفّرة عباراتهم . سألت أحدهم : هل أنا في حلم أم أنا في كابوس ؟...
ناجي شابّ هادئ، ممتلئ نشاطا و حيويّة ، مواظب على ممارسة رياضته المفضّلة، ألا و هي كرة السلّة.لو سألت عنه من يعرفونه عن قرب، أو أولائك الّذين تربطه بهم مجرّ د معرفة سطحيّة لا تتعدّى تبادل التّحيّة، لو سألت عنه أولئك أو هؤلاء لقالوا لك بأنّه شاب مثاليّ ، فضلا عن كونه ناجحا في دراسته. فهو يحترم...
امنحوا الآخرين السّعادة، ماذا عساكم تفعلون لو ملك الحزن قلوبكم؟ جفّفوا دموعكم، كي تمسحوا دموع الآخرين. ليس ثمة في هذا العالم الطيّب، ما يكفي من النّعوش، تحملها نفوس عليها من الثّياب ما هو أحلك من السّواد، نفوس أذهلتها العزلة، و شرّدها نصف الجنون، تقيم الحداد على موتاها، - آمال ميّتة، أفراح ميتة،...
أسودَ البشرةِ أنا كنت، حين ولدتُ أسودَ البشرةِ أنا كنت، لمّا كبرتُ أسودَ البشرةِ أنا أكونُ، عندما أتعرّض لأشعّة الشّمسِ أسودَ البشرةِ أظلّ أنا، حين يلمّ بي المرضُ و أسودَ البشرةِِ سأكونُ حين أموتُ . أمّا أنت أيّها الرّجل ُالأبيضُ فَــوَرْديًّا كنتَ ؛ حين وُلِدْتَ و أبيضَ صرتَ، لمّا كَبُرْتَ و...
إذا حصل يوما في أيّ مكان على ظهر البسيطة، أن فهمت إحداكنّ حقّا مهمّتها الصّعبة؛ إذا توقّفت هذه الرّوح شيئا ما عن التّفاني و هي تتقدّم على الدّرب الوعر بأناة؛ إذا كانت الطّيبة الّتي تنزّلت من السّماوات، تمدّ يد العون لمنكودي الحظّ، إذا كان الزوج و الطّفل قد اغترفا ما طاب لهما، من هذا القلب؛ إذا...
أنا لم أعد أمنحكم على كلّ لحن من الألحان سوى صرخات غاضبة و قواف جسورة. نعم ! و لكنّي حين استمعت إليّ، تساءلت إن كنتم ستصابون بالشّحوب؟ إن كنتم و قد فاجأكم بريق قريحتي الحمقاء، ستلعنون هذا الصوت الجهوريّ الحادّ الّذي جعلكم تجفلون؟ فأنا حين أرتقي إلى مثل هذه الملاحظات، لا أدّعي جرح القلوب و...

هذا الملف

نصوص
45
آخر تحديث
أعلى