الأطرش بن قابل

في القرية الخاوية من كل شيء، حتى من الماء نتذكر والناس أيام كان الغدير وافرا، والوادي الذي كان ماؤه يطفو على الأرض حتى أبواب البيوت، ينْسل بين الأيدي، يُنعش الجوف والجلد، كما ينساب في حنفيات المدينة، ينساب في الطريق إلى المقبرة، الكل كان ينام على بركة من ماء، ولا يحزن أحد من أن يدفن دون أن يكون...
كانت الحافلة متوقفة كعادتها بلونيها الأبيض والأخضر كباقي الحافلات، تنتظر على رصيفها المعتاد والمُّـُوسم في أرضيته باتجاهها، تكمل دقائق متبقية من زمن الانتظار المخصص لها، حتى يلّملم صاحبها أكبر عدد من المسافرين، يغتصب زحمة المسافرين بصراخه الحاد وينادي بأعلى صوته إلى وجهتها،أقول في نفسي بعد أن...
على مشارف المدينة، التي انتهت بنهاية حطام الإسمنت، بدأ الليل يلٌّف بعضا مما بقي من نور النهار في قراطيس سوداء، تبدو كفلقات تتخللها مُزُّن من صقيع وبرد، تتساقط تباعا كأمواج بحر متلاطم، بدوره كان سيلُّف آخر سيجارة لكنه تذّكر أن علبة الكبريت قد تبلّلت في ملابسه بالبركة بعد أن فُجر مخزن الماء...
اليوم يفوح بعطر الأمس، فقد اقتطف بعض أزهار الياسمين، رماها عبر سفينة الزمن إلى حجرة في قاعة من مدرسة كنا ذات يوم نطوي طريقنا إليها جريا لا تهدأ أنفاسنا إلا ويبدأ مشوار جديد من يوم آخر، والفرح يترادف بتسلسل الأيام. لم تفقد المدرسة شيئا إلّا صيحاتنا في ساحاتها وبعض من عنفوان مديرها ورائحة أستاذة...

هذا الملف

نصوص
4
آخر تحديث
أعلى