رياض الصالح الحسين

غرفة صغيرة صالحة للحياة غرفة صغيرة وضيِّقة صالحة للموت غرفة صغيرة ورطبة لا تصلح لشيء غرفة صغيرة فيها: امرأة تقشِّر البطاطا واليأس عامل باطون لا ينام أبداً بنت تبكي كثيراً بدون سبب وأنا ولد مشاكس وغير لئيم لديَّ كتب وأصدقاء ولا شيء غير ذلك. ومنذ أن ولدت بلا وطن ومنذ أن أصبح الوطن قبراً ومنذ أن...
تدافعت في مطلع العقد السابع من القرن العشرين في سورية أصوات شعرية جديدة تتلمس تجربة أخرى غير ما ورثت وما زامنت من شعر التجربة الحداثية. ومن أنقى وأبقى تلك الأصوات ما كان لذلك الرعيل الذي قضى بعضه وتوقف بعضه ولا زال بعضه يحترق شعراً، وفي الصدارة أعدد: منذر مصري، نزيه أبو عفش، محيي الدين...
أنا صديق الآنسة "س" ذات الشَعر الخرنوبي الخفيف "س" التي يركض في شَعرها حصان هائج و ساقية أنين تبيع (الشيكلس) في المحطات حتى الغروب و تعود إلى بيتها بصدر معبأ بالليل و النجوم و الأحلام اليابسة و قصاصات الجرائد و "س" التي اكتشفت قبل أيام أن فورستر يفرم ألسنة الأطفال الافريقيين و يصدّرها معلبة إلى...
منهم من يكون في أقصى مغارب الأرض، والآخر يكون في أقصى شرقها، في جنوبها، أم في شمالها؛ ثمة تقاطعات بين بضعة من المبدعين، على اختلاف نتاجهم الإبداعي، وهي تكاد تكون قواسم مشتركة بينهم، حتى إنها تكاد تكون معايير إبداعية، ولعل أول هذه التقاطعات: عيش الحياة بكل العجلة، ومن ثم ولأن فترة الحياة محدودة،...
“ يركض في عينيه كوكب مذبوح.. وسماء منكسرة.. بركض في عينينه بحر من النيون.. ومحيط من العتمة الطبقية” مقطع من قصيدة أطلق عليها الشاعر الراحل رياض الصالح الحسين “صورة شخصية ل ر. ص. ح”، لكنها كما يقول الزميل علي الراعي قصيدة تكاد تكون “ بورتريه” عن هذا الشعر الذي أثار جدلاً واسعاً خلال مدّة...
«ثلاث نقاط ثلاثة أحرف لا تلفظ ثلاثة أصوات صامتة ثلاث نظرات عمياء ثلاث عيون على صفّ واحد في جمجمة ثلاث شهقات ثلاث لطمات رأس بلا رنين على حافة معدنية لسرير في مشفى عام ثلاث خطوات باتجاه شفير هاوية ثلاث درجات إلى مقصلة أو مشنقة أو غرفة تحقيق أو أيّ نوع من منصات الموت المحلية ثلاث طلقات مسدس كاتم...
1 حب من الخامسة إلى الخامسة وفي خطّ مستقيم، متوتر، مشرئب نحو لا شيء ألم .. ألم .. ألم أحاديث وأيدٍ خشنة سجائر وصور ملونة وقلب محطم مثل كنيسة تتلقى القنابل بشكل مستقيم *** سأفكر بشكل مستقيم كنخلة كخيط مشدود بقوة بين مسمارين *** سأتكلم بشكل مستقيم مثلما يتكلمون في اجتماعات حلف الأطلنطي وكما تخترق...
كان سعدي يوسف في أوج تجربته الشعرية، معلّماً، طبعت له بيروت «الأعمال الشعرية» قبل عقدٍ من الزمن، حين قدّم رياض الصالح الحسين الذي كان يحضّر كتابه «بسيطٌ كالماء، واضحٌ كطلقة مسدّس» ليصدر عن دارٍ صغيرة في دمشق. يرى سعدي أن عيني الشاعر حينئذٍ، «ليستا متجهتين كالسابق إلى ألعاب الآخرين النارية»، لكنه...
"في حلب دخلت حياته الآنسة ” س ” ذات الجسد المتين والقلب الطيب كالدراق، ونامت في فراشه بعد أن نفضت عن شعرها الخرنوبي الخفيف ست مدرعات محطمة وحقلاً من الذرة البيضاء. كان رياض الصالح الحسين يعمل عاملاً مياوماً في شركة النسيج، وثم في مؤسسة الأمالي الجامعية التي كان يعمل فيها أيضاً وقتها نذير جعفر...
كثيرون هم الذين تناولوا حياة الشاعر الراحل رياض الصالح الحسين بالتقريظ وكيل المحاسن لسيرته، وهذا شيء جميل أن يبادر به الأصدقاء، وبخاصة لشاعر بحجم رياض مضى شاباً في نهاية العشرينيات وترك إرثاً فريداً ونادراً من القصائد المشغولة بحرفة وتقنية عاليتين، وقد أنجز كل ذلك بعمر قصير، وأنه هنا يذكرني...
1- المكتب كلّ صباح حينما أفتح باب غرفتك بهدوء كاذب محاولاً إخفاء ارتجاف أصابعي و شراييني كلّ صباح حينما أراكِ تعبثين بالبطاقات البيضاء بالصحف و المجلات بالزمن و القهوة كلّ صباح أتمنى حينما أدخل غرفتك بهدوء كاذب أن أكون قلمًا أو ممحاة صحيفة أو فنجان قهوة بين أصابعك التي تعبث بالأشياء كما يعبث...
استلقي باص جسده أو انتظريه في المحطة التالية فهو الآن متهم لأنه قتيل و متهم بتخريب الدورة الدموية القبلة الأولى رصاصة الطلقة الأخيرة حب صورة شخصية لـ ر. ص. ح يركض في عينيه كوكب مذبوح و سماء منكسرة يركض في عينيه بحر من النيون و محيط من العتمة الطبقية في عينيه -أيضًا- تركض صبيّة جميلة بقدمين...
“الموت! فن، ككل شيء آخر و أنِّي أتَّقنه تمامًا” سيلفيا بلاث و أذكر أنَّ المرأة الزرقاء عندما رأتني أبكي جثثًا و فقراء قالت: عيناك مرآتان لخمسين قارَّة من الوجع و الانتظار و قالت المرأة التي ترتدي العاصفة و الوحوش: أنت تعرف الكثير عن صبايا الأزقَّة المغلَّفات بالأقفال البلاستيكيَّة الملوَّنة و...
ليس رثاء ولا تمجيداً ولا عَوْداً متسولاً على بدءٍ كريم، بل هو الحبُّ هارباً أو ملتجئاً إلى ما مضى وما سيأتي من ذكريات، وربما هو العرفان بالجميل وبما لم يكن جميلاً حتى، وقد لا يكون الأمرُ أو الخمرُ سوى محاولة للتوازن على نصلٍ يمتد ولا يصل، وما من أحد في جيلنا، أعني جيل شعراء السبعينيات، استطاع...

هذا الملف

نصوص
23
آخر تحديث
أعلى