حسام المقدم

(1) المستطيل: لا أزال، بعد سنوات في هذا البلد العربي، أتذكر كيف كانت البداية.. سألني الرجل في مكتب السفَر: كيف تشرح درسا كالمستطيل مثلا؟ تفاجأتُ حينها بمنظره. ظننتُه مصريا، لولا لهجته. شعره أسود جدا وطويل. لا يُغطي رأسه، ولا يلبس عباءة أو جلباب، بل الجينز والقميص المشجر. قمتُ واقفا أمام سبورة...
يختط الكاتب طريقا مثيرا، ينتمي لغرائبية حكائية تلامس هامش المجتمع، فأبطاله ثلاثة أشخاص بلا أسماء، وضع الكاتب لهم صفات دالة عليهم: القصير، الأوسط، الطويل. وهو ما يعني أن النظرة للأشياء حسبما يعتقد الراوي تمس الشكل والملامح أكثر منا تمس السمات والجوهر. العنوان محير وهو كالتالي: "محاولة جادة لقراءة...
" أنا عايزة اشربْ من إِيدكْ، واتْنَهِّدْ مع تَنهِيدَكْ". (حبيبي يا متغرب). ** لم تكن "آمال" تتعب أو تَملّ.. تُعيد الأغنية على مهل. كلمة كلمة حتى يكتمل المقطع، في إيقاع سارح منساب. تُقدم توجيهاتها بكلمات عجيبة: "أجمل شيء أن تنسى أنك تُغني". أتحمّس...
عند الإقدام على القراءة لحسام المقدم عليك عزيزي القاريء أن تحشد جميع حواسك حتى تستطيع التحليق في سماء هذا العالم المدهش. " قهوة بوتيرو" هو اسم المجموعة القصصية للقاص / حسام المقدم وهو عنوان القصة الاخيرة من المجموعة. يقولون أنه عندما يعتاد الإنسان على رؤية الأشياء ويألفها جيدا فلن يكون قادرا...
فى كتاب «نزوة القَص المُباركة» يحكى «جابرييل جارسيا ماركيز» هذه الحكاية: (فى أحد الأيام، فى مدينة مكسيكو، خرجتُ من المكتب ورأيتُ سيارة تاكسى تتقدم وفيها زبون، ولكنها عندما اقتربت انتبهتُ إلى أنها خالية، وليس هناك أحد إلى جانب السائق، مثلما ظننت فى البدء. أشرت إلى السائق عندئذ بحركة متعجلة، فتوقف...
سخنت أذناي وأحسستُ برأسي يغلي، وعلى الفور نشَعَت جبهتي قطرات عَرق، رغم برودة أول مارس. ** مثل كل الواقفين في الصيدلية، كنت ساهما أمام التليفزيون الصغير، أُتابع الترجمة الفورية لخِطاب مسئول أوروبي يُخاطب شعبه. وعند سَماعي لجُملة: “علينا أن نستعد لفقد أحبابنا”؛ أصابتني كلمات الرجل بحالة...
يُغني جابر وأنا من ورائه، على طول السكة من المدرسة وحتى وصولنا للعزبة. تسمعنا الصفصافة فيتوقف حفيف شعرها على خدّ الماء. نرى أعالي شجر الكافور في تقارب والتقاء. يُغني جابر نغمَ الحزن من مواويل أبيه الغاوي. كل يوم موال من أجل "مِنعم"، والزمن كان زمن غناء. وفي زمن الغناء كنا نقترب من "مِنعم"، في...
بمجرد أن انتهيتُ من قراءة الرسالة القديمة؛ اشتعلت النيران في أعماق دماغي: لمَن كتبتُ هذه الكلمات دون أن أُرسلها؟ هذا خطي وهذا أسلوبي فعلا، والورقة كانت نائمة بين أوراق مُهملَة: .. "وأنا مشحون بالغضب والسخط على كل شيء، يُمكنني أن أتوقع ما الذي سيكون عليه حالنا؛ لو أننا معا في فراش واحد، تحت غطاء...
أهديتُ ذات يوم وردة حمراء لتلك البنت التي أحببتها. الوردة كانت ملفوفة وممتلئة بالأوراق، وبها ذلك الغِنى العِطري الذي يشدُّ الحواس نحو الفضاء والأماكن البريّة. لحظتها تأملتْ الوردة وقالت إنها رائعة وأُنثوية! أذهلني وصفها العجيب فائق الحساسية، وبعد انتهاء لقائنا الغالي تمكَّنتُ، بطريقة ما، من...
قال الدليل: أمامنا صحراء، ومن ورائها صحراء أخرى بكثبان عظيمة متموجة. سنعبر كل ذلك، ثم أتركك أمام المدينة التي تطلبها. ….. تقف مُنهكا على أول المدينة وتتعجب: مدينة مشاع، يدخلها الداخل فلا يُوقفه حُراس أو تمنعه أسوار. تتوكل على ربك وتخطو، لكنك لا تكاد تتجول بعينيك قليلا حتى يضطرب رأسك...
سطور غير عادية، في مقدمة كتاب " سَفَر" للإنسان الكبير والكاتب المتفرد " محمد المخزنجي"؛ جعلتني أقف، وبمَيْل كامل أُدندن كلماتها التي حفظتها بطول العِشرة مع حروفها. سطور تحت عنوان: " نافذة قرب الجناح"، تُخبر عن روح تمكّنتْ من الانفلات، وظفرتْ أخيرا بسفر على طائرة ستحملها بعيدا عن القهر المتواصل...
اصبر يا مؤمن، يا مَنْ تحج لأول مرة، مثل "رفعت". هنا " السّيل الكبير"، أحد أماكن الإحرام، على مشارف سبعين كيلومترا من مَكّة. يَمرُّ به الحجَّاج القادمون من العاصمة، وما تلاها من مُدن على الطريق السريع. في المدخل ساحة خضراء واسعة، وبعد ذلك، في الممر الضيق الطويل، هناك روائح العرق غير المُحتمَلة،...
“أُسافِرُ في القاطِراتِ العتيقةِ كي أتحدثَ للغُرَباءِ المُسِنِّينْ أرفَعُ صوتي ليَطْغَى على ضَجَّةِ العجلاتْ وأَغْفُو.. (أمل دُنقُل). … أحببتُ دائما محطة القطار في مدينتي. ظلت تجتذبني، وتُكسبني الشَّغَف بالوجوه: وجوه عابرة ومُنتظرة وقلقة.. حميمة ومُتعَبة ونافرة. أصعد الدرجات القليلة وأقف...
الليلة يطوف بنا الملك طوافه الأكبر.. فدعونا نعرف يا أحباب يظهر قادما في ضوء العواميد الاصفر المتعكر، يمشي متطوحا في عباءته الصيفية الكاشفة لمفرق صدره المشعر، والاكمام المحسورة عن عضلات بعروق منفوخة، تلمع صلعته لمعة زيتية محببة، نقوم كلنا من علي الحصيرة الكبيرة المفروشة جنب جدار الجامع، يرمي...
مام هذا الشاب الثلاثيني، سبع دقائق وعدة ثوان، ثم يموت بعدها! عرفتُ ذلك من خلال قُدراتي الخاصة، حين رأيتُ وجهه، وتابعتُ خطواته في الشارع القاهري الهائج. كيف أُخبره بالحقيقة، دون أن أتسبب في موته المُفاجئ بالسَّكتَة، قبل انقضاء الدقائق الباقية؟ لا لا، وهل أنتظر حتى أُفكر؟ أسرعتُ نحوه واستوقفتُه...

هذا الملف

نصوص
71
آخر تحديث
أعلى