د. جورج سلوم

(من الحكايات الشعبية المكسيكية ) ..بتصرّف ! امتهن الصيد هوىً وهواية وبرع فيه حتى صار لقبه في قبيلته بالصيّاد ، وأضيف اللقب إلى اسمه شيكيتو ، فصار يُعرف بشيكيتو الصيّاد . وسكان بلاد الأزتيك ـ أو الهنود الحمر كما سمّاهم الفاتحون ـ كلّهم صيّادون بالرمح الخشبي يزرقونه ، أو بالسهم يرشقونه ، أو...
أوافقكم الرأي في كل ما انتهت إليه نقاشاتكم .. وأبصم بالعشرة على ما توصّلتم إليه .. أنا مع المعترضين مُعترض .. ومع الموافقين موافق .. ومع الموالين مُوالٍ.. ومع المعارضين معارض .. كلّكم على صواب .. وأنا أصمٌّ عن جدالاتكم وطبعاً لا صوت لي إلا من تنهّداتٍ مكبوتة . جدالاتكم الحامية وحواراتكم...
لستُ على مستوى القضية ، فالقضية أعلى منّي مستوى ..هكذا قيل لي ! لم أرقَ إلى سويّتها وسموّها ، أنا القزم في طولي وفي ارتقاء تفكيري .. بعيدٌ أنا ـ ولا شكّ - عن عمق جذورها ، أنا السطحيّ في منظاري الضبابيّ.. أبعادُها أكبر بكثير من بُعد نظري أفقها ليس في مجال رؤيتي المحدود سبر أغوارها مستحيل ،...
دائماً تكون من أمرها على عجل ، زياراتها مستعجَلة ومجتزَأة ومقتَطعة ، حتى أحاديثها مبتورة ، لا تسمح لك في عجالتها أن تجيب على أسئلتها ، وكأنها تسألك فقط لمجرّد الكلام ولا تريد أجوبة. ولا تفسح لك مجالاً لتبرّر شطط أقوالك أو شذوذ مواقفك ، فهي غير مهتمّة بتبريراتك ، أصلاً إن تحدّثتَ إليها فلا تكون...
أريد أن أعرض بضاعتي في سوقكم ، سوق الخضار ! هل تسمحون لي يا باعة البندورة والخيار ؟ لن أزاحمكم ولن أنافسكم ، فبضاعتي ليست إلا كتباً ومجلّداتٍ ومجلات ثقافية ، وتصلح للبيع في زاويةٍ رخيصة من أرصفتكم اللانظيفة ، هي مثلُ بضاعتكم ثمارٌ مزروعة ، لكنّها ذبُلت وخبَت أيامها وذوَت عناوينها وخفّ...
وقد يظنُّ البعض من أنصار التقدم الطبي الحضاري ومهلّلي الحداثة الكاذبة أنّ الطبَّ يقدر ويقدر ، ويحيي العظام وهي رميم ، ولا ينفكّون يعدّدون إنجازاتٍ هنا وإعجازاتٍ ومعجزاتٍ هناك ! ولكن يبقى العجز الحقيقيّ ماثلاً مهما التفّوا حوله وأخفوه ، فيزّينون انتصارهم الوقتيّ في معركةٍ ما ، ويتعامَون عن...
بعد غزوة الكورونا صار العطاس والسعال أشبه بقنبلة صوتية ، تجعل السامعين يجفلون أولاً ثم يفرنقعون من حولك . وعهدي بالناس – قبل الكورونا ـ يشكرون الله إن عطسوا وإن سعلوا ، ونرتكس لهم بطلب الرحمة .. يرحمكم الله . ومن عاداتنا حشر كلمة الله (جلّ جلاله ) في معرض حديثنا للنفي بلا والله والإيجاب...
اتصلتْ به هاتفياً وطلبتْ منه أمراً ما ... وأجاب : -أنتِ تعرفين منزلتكِ عندي ..وأني لا أرفض لكِ طلباً..لكن ما تطلبينَه الآن صعبٌ جداً..وقد أعجز عن تنفيذه . -ولو ...اعتبره الطلب أو الرّجاء الأخير ..وأنا مستعدّة لكل ما يتوجّب علي لقاء ذلك . -حسنا ً ..حسناً ..لنقطعِ الاتصال الآن ..أنتِ تعلمين...
البشر يموتون حولنا كالذباب ..ولا حاجة لنا للبقاء هنا في بلاد الغربة . تعالوا نعود إلى الوطن ..على الأقل نموت بين أهالينا ..ونُدفَن بكرامة في قبرٍ معروف ..بدل أن يحرقوا جثثنا هنا قي ألمانيا ! هيا بنا يا قوم فلنعُد إلى الوطن الحنون بالرغم من فقره وعوزه . ما دمنا حبيسي البيوت قسراً هنا في برلين...
لستَ جديداً عليّ أيها النّهار ..كأني شاهدتُ ضوءَكَ الشاحب وبردك القارس من قبل. لا بل وكأني رأيتُ جمودَ أناسك وتثاقل حركتهم وإطراق رؤوسهم من قبل. كأنهم يُعيدون مشهدا تمثيلياً حفظناه وجوهُهُم ترابيّة اللون ولم تكتسب لونها من انعكاس ترابهم الحزين على جباههم المعفّرة ، وما امتقع لونهم الترابيّ من...
هذا الصباح لي .. أنا الديك .. وأنا مَن أمَرَ الشمس لتُشعِل فتيلَها الوضّاء .. وأنا مَن ملأ قنديلَها بالزيت .. وبعد أن اطمأنّ قلبي على مقدار اشتعالها وقدرتها على الإشراق والشروق .. ها أنا أصيح بكم يا نيام أن استفيقوا من رقادكم ... أنا الديك .. أنا الذي أمرْتُ ليلكم بأن يلفلف عباءته ويرحل وإن...
صمّاء.. وتسمع ما لا نسمعه بكماء..وكلماتها مفهومة في كلِّ الأصقاع صامتة .. وصمتها يروي ألف حكاية تحكي بيديها حكاياتٍ متعدّدة التفاسير ويجوز فيها ما لا يجوز لذوي الألسن الناطقة.. وروايات الأصابع لا ضيرَ فيها ولا تطالها محاكم القضاة .. ولا تسجّلها دواوين التنصّت والاستخبارات! حكايات تنسجُها...
كم كنت أحقد على زميلاتي في الجامعة عندما كنّ يضحكن لذلك الأستاذ إثر إجاباتٍ ضحلة على أسئلته فيبتسم لهنّ مطبطباً ، أما أنا فينزل بي تقريعاً . لا بل وكان يفضّلهن علينا كذكور ، ويأخذ بيد واحدة منهن ليشرح لها على انفراد ما استصعبَ عليها فهمُه ..لتخرج بعدها من مكتبه متورّدة الوجه سعيدة إذ غُفِرَت...
مات أبواي وكان أمر الله مقضيّاً ..وما صلّيت إليه يوماً أن يمنع عنهما الموت ، ولكن أن يستأخره ..وأن يستلطف في استيفاء أرواحهما إليه . وكان الله (جلّ اسمه) رؤوفاً ورحيماً ولطيفاً في سلخ الروح عن هيكلها وجسدها .. فتبخّرّت أرواحهما وانسلّت خلسة وهما نائمان ..وجاءهما ملاك الموت كاللصّ الجبّارالذي...
عندما عُيّنْتُ طبيباً مندوباً إلى السجن لثلاثة أشهر اعتبرْتُها نوعاً من العقوبة الوظيفيّة .. وطرقت باب السجن كارهاً وفُتح لي ودخلت من بابٍ إلى باب ومن دهليزٍ إلى سرداب ، وأقفلوا خلفي بالحديد ونفسي تغصّ كأنها تغوص من دركٍ إلى أعمق. وصحيحٌ أنّ هنالك مكتباً لي يسمّونه مستوصفاً للسجن لكنّ نوافذه...

هذا الملف

نصوص
182
آخر تحديث
أعلى