أحماد بوتالوحت

سَكَنَت تَهْويدَة النَّاي الخَشَبِيّة المُتْعَبة مِن هَدْهَدَة أجْفان النَّهْر المُهَرَّب داخِل سِلَّة وَكَفَّت الكَواكِب عَن الإرْتِجاج حِين تَخَلَّصَت مِن حُمَّى الرِّيّاح بِفَضْل قُرْص "أسْبِّيرين" فَوّار آبَ الرَّجُل إلى مَهْجَعِه ، عِلِّيَّة تَنْتَعِظ على بِنايَة مَلْعونَة ، تَخْطو...
حَذَّرَت نَمْلَة ، حَزْمَة النَّمل ، مِن مَداسات الجُنود وَهِي تَقْطُر غُبارطَريق الْوَادي مِن بَيْن طُقْم أسْنانِه الذَّهَبِية أَفْرَج عن ضَحْكة مَلْفوفَة فِي أَنْفاس القُرُنْفُل وَسَحَبَها مِن الأُذُن إلى الأُذُن لَم يُفكِّر فِي كَنْس خُوذات تِلْك المَخْلوقات ، كَيْ لا يُضيف خَطِيئة إِلى...
مَا يَجْعلُنا تُعَساء هُو أن لا نَجِد كَتِفاً بِاتِّساع السَّماء يُسْنِدُنا فِي ذُرى العَواصِف وَاللَّعْنة عَلى حَياة حُكِم على الْمَرْء فيها أن لا يُفَكِّر إلَّا في النَّجاة مِن المَوْتِ بَيْن أَصابِع القُفّازات الْمُلَوّثَة بِالجَريمَة ، المُتَرنِّحَة بِثِقْل مَزِيد مِن الدِّماء ...
مَن لم يَكُن لَه جَحيم يَخْلُقه له الآخَرون ، أَو تَلِده لَه زِينَة مِن زينَة الحَياة الأَسْياد جَحيم ! يَتَوارَثون رُكُوب العَبيد وَكُلَّما أٌذِلُّوا أمْعَنوا فِي التَّمَسُّك بِالنَّيْر. نَحْن خِراف أضَلّتْنا وَقادَتْنا إلى الكَمائِن رَغَبات الأَسْياد الفاسِدَة أَمِن أْجْل فاكِهَة هالِكَة...
كُلّ الحِكايات كَتَبتْ لِّلسَّجين نَفْس النِّهايَة المُفْجِعة :تُحْمَل رَأْس الفَتى مَذْبوحَة إلى مَائِدة السُّلْطان بَعْض الحِكايات رَأَت أن تَسْمو بِالهَدِية فَقَدَّمت الرَّأْس مُضَرَّجة بِالْحِقْد على طَبَق مِن ذَهَب تَمَلَّى الْقَيْصَر بِعَجْرَفة ، الشَّعْر الأَشْقَر المَشوب بِحُمْرة...
الدُّروب مُغْبَرة تَذْرو فِيها الرِّيح أوْراق الْخَريف وَتَنْكات الجُعّة الفارِغَة السَّماء لَم تُذْرف دَمْعة واحِدة ، شُلّت أذْرُع الطَّواحِين وَغُلَّت أيْدِيها سِرْب الأَهَالي يَجوب الأَحْياء مُلوِّحاً بِعَرُوس مِغْرَفة عِمْلاقَة حَازَت إِسْم " تاغَنْجا" لَم تُفْلِح المَساعي الحَميدَة...
حتَّى أنْت يا يَهُوذا !؟...كيْف تَجْرُؤ !؟ في العَشاء الأَخير كان مَكْتوبا عَلى رٍقِّ جَبينِك أنك تُسلِّمُني وهَكَذا حَدَث ، وَبِيَد مَطْوِية داخِل قَفَّاز مَتَواطِىء ،سَدَّدْت إِلآ ظَهْري طعَنات غَير رَحيمَة وَقَد عَلَّمْتك وأنت غِرّ، كَيْف تَجُزّ عُنق شَاتِك وَ تُعِدّ عَشاءَك وتُنظِّف...
كان الوَقْت مُبكِّراً كَي تَخْرُج الأَرْض مُتَبرِّجَة مِن جُيوب الْمَاء هِراقْليطِس لَا زَال يُجَرِّب السِّباحَة فِي النَّهْر مَرَّتَيْن حَتَّى يُثْبِت أن العالَم يَتَغَير وَراحَتا الرَّحَى لَا زالَتا لَم تَنْفَتِقا وَظلَّتا رِتْقاً لم تَنْفَصِم عُرَاه حَتّى أجْراس الكَنائِس لَم تَتَفتَّح...
كان يَحْشو رُؤوس الطَّواحين الصَّغيرة بِالأقْوال وَالأَفْعال المَنْسوبَة خَطَأً إلى رُسُل البَدْو وَكان هذا إِعْتِقاد الفارِس النَّبيل ، صاحِب تَجارِب إِسْتهْدَفَت فِيما بَعْد عَقيدَته وَحَياتَه حَدَث أن غَاص في لَحْم رِوايات المُغامَرات وَالفُروسِية حتَّى جَحَظت شَامَة بَيْن عَيْنَيه ...
في سَنَوات صِباهَا الأُولَى ، تَقَلَّدَت رَأْس شَخْص مَهْوُوس بِالمُرْتَفَعات كَان مُرَوِّض عَضَلَات الحِبال ، يَرْقُص عَلى ظُهورِها وَعلى أَحْزانِها المَفْتولَة . في ذَلِك الزَّمَن الأَغْبَر ، كانَت الطَّبيعَة مَسْكونَة بِفُوبْيا الفَراغ وَالإِنْتِظار فَعَمَدت إِلى مَلْء جُيوبِه الخاوية...
لَم يكُ من المُبَشَّرين بِالجَنّة وَلم تَرْفَعه صَلَاتُه المُتَقطِّعة إلَّا إِلى جَحيم أُعِدّ لِلْمُفْلِسين ظَلّ مُعلَّقاً بِجَدائِل نِساء أَحْلَامِه وظَلَّ زِيرَ َالْكَراسي والكَنَبات تَتَداوَلُه مُسوح مُهَلْهَلة تُطيِّرُها يَدُ الرّيح إِذا شَرِسَت . وَيَسْري بِه في اللَّيل حِذاء طَويل...
عَلى سَطْح يَحْرُسُه نُباح أجْراس قِبَب الكَنائِس ثِيّاب مَشْلوحَة ـ ّفوْق حِبال غَسيل ـ تُلَوِّح جُلودَها الشَّمس وَلَقالِق تَحْضُن أحْفادَها وَتُقاوِم النَّوْم وَاقِفَة على أبْواب المَداخِن . مَدْفوعَة بِأحْقاد مِكْنسَة عَجوز ، شَمَّرَت عَن ألْغادِها الرِّيح كانَت مُفْلِسَة ذلِك الصَّباح ،...
هلْ مِن قَبِيل الصُّدف أن تَخِرّ الثَّمَرة الأولى عَلى رَأْس الرَّجُل الذي كَاد أن يَنْتَهي مُزارِعاً ناجِحاً ؟ أخْرَج الحَدَث الكُرْسي الهَزَّاز مِن هَذَيانِه اليَوْمي ، فانْقَلَب بِراكِبِه دُون مُراعَاة لِعُرى القَرابَة بَيْنَهما ضَحِك سِرْوال الرَّجُل بِثُقوب خَلْفِيَتِه وَذَرَف غَلْيونَه...
كَما في زَمِن سابِق ، حُظِيَت الطَّرابيش بِأَهَمِّية لَم تَحْظ بِها الأَحْذِية وَلَا الأَرائِك المَخْمَلِية وَليْس مِن قَبيل الصُّدَف أن تَرى طَبْل الصَّفيح الأفَّاق، يَسْلخ جِلْده كَي يَنْحَني لَها بِكَثير مِن الوَقار . لَكِن الرِّيح التي خَبُرَت تِلك الكائِنات المُخْتَمِرة على الرُّؤوس ، لَم...
قام مِن مَوْتِه الأَخير وانْحَدَر مِن التَّلّة وَاسِماً وَجْهَها بِطريق العَوْدة إلى الحَياة ـ كان الطَّريق كَخيْط دَم أو كَمِسْبحَة مِن النَّمل ـ وَكانَت لعِظامِه رائِحة مَضاجِع عَجوزات كَسيحات وَمُوغِلات في الشَّيْخوخة . في إسْتِقْبالِه وَجَد أُرْجوحَة نَومِه المُهْمَلة الخَرْساء ، حَيْث...

هذا الملف

نصوص
122
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى