د. عبدالقادر وساط (أبو سلمى)

رأيتُني، فيما يرى النائم، وقد دخلتُ خيمةَ الشاعر ذي الإصبع العَدْواني، خلف ذلك الدليل الذي لا أعرف اسمَه، بينما يتبعني الشاعر سُحَيم، القادم من الأصمعيات... لم يكن ذو الإصبع العَدْواني وحده في تلك الخيمة الفسيحة، المضاءة بما يُشبه الشموع. كان محاطا بشعراء آخرين، من شعراء المفضليات، عرفتُ من...
لم أكد أقضي بضعة أيام بمدينة الشاون، حتى بلغني أن ولد علي قد حلّ هو الآخر بالمدينة نفسها وأنه يقيم في مكان سري، وأنه واجدٌ علَيّ، بسبب ما يحكيه الناسُ في المدينة عن معارضتي له فيما يذهب إليه بخصوص الرجز والأراجيز. وعندما تيقنتُ من ذلك الخبر، مكثتُ في غرفتي بالفندق أسبوعا لا أخرج. فلمّا لم أسمعْ...
ما أجمل الليالي المقمرة في الحلم! هي لا تشبه في شيء تلك الليالي التي نعيشها في اليقظة. وما أروع مشهد الرمال، الممتدة حتى حدود البصر، حين يغمرها ضوء القمر ويسبغ عليها لونا لا اسم له، لأنه غير معروف في الحياة الواقعية...! لكنْ لماذا أتحدث عن الرمال في ليلة مقمرة السبب بسيط للغاية فأنا أحكي عن حلم...
كان أبي طفلا في السادسة من العمر يوم انتهى العمال من أشغال بناء السكة الحديدية وسط قريتنا الصغيرة النائية . بعد يومين جاء جميع سكان القرية لمشاهدة القطار الذي سيمر من قريتهم للمرة الأولى . وقفوا خلف الحواجز ينتظرون ثم لاح القطار من بعيد قبل أن يمر من أمامهم بصوته الهادر فيما دخان كثيف يصعد من...
من حق السيدة نجاة أم الهيثم، صاحبة رواق "اللحظة الفنية"، أن تعبر عن سعادتها الكبرى... فالمعرض الذي يقيمه الفنان الفوتوغرافي أحمد غيلان حاليا في هذا الرواق، بشارع تاج محل، بالبيضاء، يشهد نجاحا منقطع النظير. وثمة عشرات المئات من الزوار الذين يتوافدون عليه كل يوم. وبمجرد ما يتجاوز الزائر عتبة...
أثناء الزيارة التي قام بها الشاعر الصعلوك الشنفرى للدار البيضاء -للمشاركة في تكريم زميله عروة بن الورد- اقترحتُ عليه إجراء حوار صحافي، فلم يمانع في ذلك. وقد تمَّ الحوار في تلك الحديقة الفسيحة التي يسميها البيضاويون(جَرْدة مَرْدُوخ). وإنما اخترت هذا المكان بالذات لأن صديقنا الرباوي لا يستطيع...
شاهدتُ في حياتي عددا كبيرا من المظاهرات. أما مظاهرة الأمس، فلم أر لها مثيلا. لقد انطلق المتظاهرون من ساحة العروض، في وسط المدينة، ثم اتجهوا عبر شارع نزار قباني، وهم يرددون الشعارات ويرفعون اللافتات، غير عابئين بالمطر الشديد... كان التنظيم محكما، يشرف عليه أشخاص متمرسون في هذا المجال. وكنا نسمع...
رأى سركون بولص، فيما يرى النائم، أنه يركب الطائرة متوجها إلى مدينة أيْن. كان جاره في المقعد هو الشاعر جان دَمُّو. والشخص الذي بجانب جان دمو كان أيضا هو جان دمو. والثالث كان هو جان دمو. والرابع كذلك. والخامس والسادس والسابع والثامن. باستثناء سركون بولص، كان كل واحد من الركاب السبعين هو جان...
في يومِ أحدٍ بارد من أيام الشتاء، كان هناك رجل يمشي وحيدا تحت رذاذ المطر، في شوارع لشبونة شبه الخالية. كان قصير القامة، وكانت ملامحه توحي بالشراسة. وعلى أية حال، فقد كان يحمل في أحد جيوبه الداخلية مسدسا من نوع سميث. ومع أنه لم يكن سكرانَ ولا مريضاً، فإنه كان تائها عن بيته ويجد صعوبة كبرى في...
وفي الليلة العاشرة بعد الألف قال الملك شهريار: - بلغَني يا شهرزاد أن الملك ليرْ - مَلك بلاد الإنجليز- لما شاخ وضاق ذرعاً بالمُلك ولم يعد يلمس في نفسه الرغبة في تسيير شؤون مملكته الشاسعة ، دعا بناته الثلاث -الكبرى غونريل والوسطى ريغانْ والصغرى كورْديلْيا - إلى قاعة العرش، بعد أن عقدَ العزمَ على...
مساء يوم الخميس ٢٢ دجنبر ١٩٣٧، كان أنطونان آرطو يطل من نافذته، بالغرفة رقم ٥، بمستشفى"ڤيل إڤرار" للأمراض العقلية، فرأى الطبيبة الحسناء،الدكتورة "بيرينيس"، بقميصها الشفاف وتنورتها القصيرة، وهي تروض ثلاثة أسُود في حديقة المستشفى. كان أنطونان آرطو يعرف جيدا أن تلك الطبيبة قد اشتغلت عارضة أزياء، في...
كان بورخيس الأعمى يمشي وحيدا في زقاق موحش من أزقة بوينس أيرس، في الهزيع الأخير من الليل، وكان ارتطام عكازته بالإسفلت يُسمع من بعيد. ثم حدث ما كان متوقعا. إذ اعترض طريقَه شاب يحمل سكينا، وهدده بها قائلا: - ها قد حانت ساعتُك أيها الأعمى! لقد قادتك قدماك إلي لأطعنك بسكيني هذه! بقي بورخيس رابط الجأش...
مساء الجمعة 16 أبريل 1972، كان الروائي الياباني ياسوناري كاواباتا يركب طاكسي، عائدا إلى البيت الذي يكتريه، بإحدى ضواحي مدينة سوتشي. كان حزينا جدا. والحق أن الحزن لم يكن يفارقه منذ عامين. أي منذ انتحار صديقه الكاتب يوكيو ميشيما. كان يقول لنفسه " لقد عشت بعده عامين وهذا كثير. هذا كثير جدا." بَيْدَ...
ذات ليلة رأى الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز في منامه أنه يتجول بمدينة لندن، وأنه دخل إحدى المكتبات بشارع الإسكندر المقدوني، فوجد أن صاحبة المكتبة هي الشاعرة الروسية أنا أخماتوڤا. كانت أنا أخماتوفا ترتدي السواد وتضع على كتفيها شالا أسود. وكانت تبدو في غاية الارتباك. سألها غارسيا ماركيز عن...
كانت الشمس تميل للغروب، وكنت جالسا على ضفة البحيرة، أتأمل تموجات الماء، كعادتي كل مساء، حين أحسست بشخص يقف خلفي ، ثم سمعته يحييني بصوت أجش، يخنقه السعال. التفتّ لأتبينَ مصدر الصوت، في ذلك المكان الخالي من الأحياء، فرأيت هيكلا عظميا متكئا على عكازة سميكة. ورأيته يتقدم نحوي ويجلس بجانبي بهدوء تام،...

هذا الملف

نصوص
237
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى