عبداللطيف النيلة

بلهفة تترجل الفتاة من الباب الخلفي للسيارة. يسحب الرجل المرأة من يدها برفق يشوبه التكلف. تشارف الفتاة مدخل المقصف. تتمهل قليلا، تلتفت جهة الرجـل الذي كان يمشي بوقار محيطا كتفي المرأة بذراعه. تبدو الفتاة موردة الخدين، ضاحكة العينين، ترتدي قميصا صوفيا خفيفا وتنورة ضيقة قصيرة. ظلال ابتسامة متوترة...
من خلف قضبان النافذة التي قادوني إليها رأيت صاحبي، العالم الذي اخترع حبر كتاب الأسرار، يساق إلى منصة الإعدام. رأسه محني إلى الأرض، وحركة جسده تشي بالإرهاق. اختلج قلبي بين ضلوعي، وأحسست بالخواء يغزو ساقيّ... وحين تهاوى الجسد الفارع على أثر الطلقات المتدفقة، دون رحمة، من فوهات بنادق كتيبة...
ما زلت لحد الآن، رغم مرور أكثر من خمس سنوات، ألهث خلف اللحن الذي جرفتني إيقاعاته المتدفقة من الغرفة الموصدة، في تلك الليلة المذهلة. كان الكمان قد استعصى على أناملي طيلة شهور، حتى استبد بي اليقين بأن قريحتي الموسيقية قد أضحت جدباء، وغمرني شعور طاغ بالقلق. «فلأغير الجو لعل وعسى..»، قلت لنفسي. لم...

هذا الملف

نصوص
3
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى