مزهر جبر الساعدي

توقفت سيارة أمام باب المقهى، من النوع الفخم الذي يثير انتباه الناظر إليها. في هذا الوقت من بداية الغروب، تراءت لي السماء التي تتحرك عليها قطع من الغيوم السود والحمر والبيض، التي أنظرها من مكاني، حيث يتيح لي إبصار الظلام الخفيف، الأخذ بالانتشار على سطحها الذي بدا غارقا في جب عميق الغور، أو هكذا...
أقود سيارتي على الطريق الممتد أمامي كأفعى، الاستاذة النخلة إلى الجنب مني. لم تفتح فاهها بكلمة. تبز عمقينا أبر تحملها إلينا رياح الصمت الهابة من جوف السيارة، منا على وجه التحديد ألتفت إلى اليمين واليسار الطريق تخفي جانبيه عني ظلمة الأنحاء حولي. حبيبتي أمل، أستاذتي النخلة، تبعدني عنها، رياح الثلج...
بعد ان حل الليل وغفا صاحبي الحارس معي كعادته وحطت الظلمة على المكان عادت بي الايام الى ذلك اليوم, حينها أدهشوني عندما طلبوا مني العمل فأنا على يقين من انهم يعلموا ما يقول الناس عني, يصفوني بالمجنون, ألا أني على عكس ما يروني اعرف قدرتي على تمحيص وضعي وهذا ما دفعني في البدء على عدم تقبل الامر...
في الفجر انمحت الى حد ما ظلمة الليل من أمامي فظهرت مضببه بالغبار بساتين النخيل على جانبي الطريق، تتماوج على ذوابات السعف في هاماتها أضواء النهار الحاط عليها من الافق البعيد، ملونة اياها والغبار بألوان حمر وصفر، أسمع الأزيز الناتج عن احتكاك عجلات السيارة بأسفلت الطريق. ــ ماما ليث ما أجه بابا...
أكثر من ساعتين أخابر، لم يأت الجواب، يرن في أذني الصوت النمطي المقرف، خارج التغطية. أين هي الآن في ليل بغداد، في أي مكان منه، ربما حصل لها مكروه. همس مني أو من عمق الليل، لا فرق، أسمعه لاشيء يستحق القلق، الوقت مبكر جداً، سحبت الكرسي القريب مني : أجلس عليه. أفتح النافذة، يندفع الهواء نحوي، محمل...
مهداة الى القاص والروائي الرائع والرقيق مثل نسمة ربيع في ليل آب اللهاب الصديق صالح جبار خلفاوي عدنا بعد الظهر، أمضينا هناك بضعة ايام، أنا وجهاد والأستاذة وشتاين. في قرية العزيزة إلى الجنوب من ناحية المشرح، قرب الحدود ألأيرانية، على مقربة منها حقل نفط، واقعة إلى الشرق من العمارة. بحثنا مع الناس...
كانت مفاجأة ، صورة الفتاة الجميلة ، جميلة جداً. عينان وسيعاتان وكحيلتان. لم تكن غريبة عني. سبق أن ألتقيت بها ، أين وفي أي مكان، لاأعلم. عثرت على الصورة بالصدفة.عندما كنت أقلب في ملفاتي وأوراقي وكتبي. وجدتها مع رزمة من الأوراق. حينما تصفحتها تذكرت أنها محاضرة كنت قبل سنوات ألقيتها في أحد قاعات...
أخيراً عثرت على الورقتين، ورقتين لا غير.كانت بي رغبة قوية، من أني يجب أن أجدها في مكان ما بين كتبي وأوراقي الموجودة في مكتبتي التى تركتها لأكثر من عقد.أما كيف تذكرتها في هذا اليوم وليس قبل ذلك ، مثلاً قبل يومين أوشهرأو أكثر،هذا ما ذكرتني بها، صورة صاحبة الورقتين، بالصدفة وجدت صورتها بين ملفاتي...
أقلقني هذا الرجل الذي وقف على بعد أمتار مني وعلى بعد متر من باب بيته. لم يفتح الباب. خفت عليه، خشيت أن يقوم بعمل شىء ما لنفسه أو يرجع الى المقهى للأقتصاص من النادل لأنه الآن أخذ يكيل الشتائم والوعيد للنادل، مبعث قلقي عليه كونه لوحده وفي وضع جسدي مفكك، هذا التوجس منه وعليه تملكني وجعلني أنتظر...

هذا الملف

نصوص
9
آخر تحديث
أعلى