عبدالرحيم جيران

هذا الرجل أعرفُه. أعرفُه مُذ يفاعةٍ طلابيةٍ في كلية آداب الرباط. أعرفُه هادئا متأملا، ولا سبيلَ ينفذُ منها اللغوُ إليه، ثمَّ لا عديلَ له إلا الانضباط الصارم، والجدية الفاعلة، وإصاخة السَّمع إلى الآخر، فالإنصات الجلي إلى الخطاب أكان من زميل أم من أستاذ، ( حين كان بالجامعة أساتيذ مبرزون )، فالعكوف...
ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ كانت مصادفةً أَن أكونْ ذَكَراً … ومصادفةً أَن أَرى قمراً شاحباً مثلَ ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات ولم أَجتهدْ كي أَجدْ شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً ! (محمود درويش) كان مصادفة أن ولدنا في أجسادنا. الجسد غلافنا الذي يقدمنا إلى العالم بهويات يحددها المجتمع. كيف...
تحدثنا في المقال السابق عن ثلاثة أوضاع تخصص الحبكة في «الليالي»، وقاربنا وضع «الورطة»، وسنعمل في هذا المقال على مقاربة الوضع الثاني المتصل بـ«المحنة»، فما المقصود بهذا الوضع؟ وما الفرق بينه ووضع الورطة؟ وكيف ينشأ؟ وما هي الاقتضاءات الدلالية التي تصل به؟ لا ينشأ هذا الوضع من وجود الذات أمام مشكلة...
ما استقر في جل الأدبيات الجمالية التي تتناول الشعر بالتنظير- في هيئة مسلمة تكاد تكُون محسومة- أن أفلاطون قد طرد من مدينته الفاضلة الشعراء، لكن ظنا من هذا القبيل يحتاج إلى إعادة النظر. أول ما يتبادر إلى الذهن في هذا الأمر معرفة ما إذا كان أفلاطون قد طرد كل الشعراء، أم البعض منهم؟ وإذا كان قد طرد...
سؤال يفتح أفقا آخر لفهم الحاجة إلى الحكي بالنسبة إلى الأفراد والجماعات. أكيد أن هناك ضرورات وجودية وأنثروبولوجية وراء فعل الحكي وصناعة الحكاية. لكن تبقى هناك أسئلة مؤرقة تتصل بالسحر الذي يمارسه فعل الحكي على الإنسان، في كل العصور والمجتمعات على اختلاف حظها من الحضارة: هل لأن مرض الزمان غير قابل...
أيّها الخيّاطُ..! أناملُك الحيرى صدئتْ، خانتها بصيرةُ الإبرهْ.. فكيف تحاول لَمَّ الفكرهْ، ولمّا تنضجْ فيك الأسرارُ بعدُ ....... أين الثوب حتى يتّسع الرقعُ عليك؟ وأيّ ستار تخيطه كيلا تُرى أسمالُ الحقيقهْ؟ ................. اليوم عهد الصِّغارْ فمتى موعدُ الأنبياءْ؟ .............. خان المكان...
يستضمر الخطاب الذاكرتيّ الاختلاف بين الذكوري والأنثوي، ويُؤسِّس مُحتوياته وفق توزيع السلطة داخل المُجتمعات، ولا يُعَدُّ مُوحَّدا بالنسبة إلى كلٍّ من الرجل والمرأة (ماري جوزيف بوني). ويتعلّق الأمر- هنا- بالتشكّل التاريخيّ- النفسيّ والسوسيو- ثقافيّ للمُشكلة في ارتباطها بالصراع حول تملّك الخطاب؛...
ينبغي بناء العلاقة بين هذا الثالوث: الهوية والتأويل والتنظيم الذاتيّ وفق مزيد من فتح مفهوم الهوية على فاعليات أخرى، فمن المعهود أنّ الفاعلية الأساس المسندة إليها، سواء في الفلسفة أم في النظرية النفسيّة، هي التعرّف سواء أكان تعرّفَ الذات إلى نفسها في الزمان، أم تعرّفَ الآخر إليها. لكن ينبغي...
لقد أخضعنا مفهوم الهوية الســــردية عند بول ريكور في المقالين السابقين للنقد، وأظهرنا مدى الارتباك النظري والمنهجي الذي لحق به. ونسعى في هذا المقال- وما يليه من مقالات لاحقة- إلى إعادة تفكر هذا المفهوم من زاوية نظرية ومنهجية مختلفة. وقبل فعل هذا لا بد من طرح أسئلة إشكالية تحدد الوجهة التي ينبغي...
تُعَد مفاهيم الموت والتاريخ والعقاب أسسًا في فهم علاقة التخييل الحكائي بالواقع السياسي، وهي مفاهيم تكاد تُحدد علاقة الحبكة التخييلية بالسوء التاريخي، الذي ميز زمان ما قبل الانهيار الشامل للدولة العربية المركزية. وتتجمع هذه المفاهيم بوصفها عناصر نصية مُتفرقة لتُشكل في النهاية نسقًا تأويليا يسمح...
أُريد أن أُوضِّح- قبل الشروع في مُقاربة الليالي الصامتة في ألف ليلة وليلة – أنَّ الصمت الذي نتوخّى مُعالجته لا يتّصل بما هو نفسيّ (المسكوت عنه)، أو الغياب بالمفهوم الذي صاغه به جاك دريدا، أو البياض البنيويّ الذي يضطلع مفهوم الثغرة السرديّة بالإشارة إليه، وإنّما بشيء آخر يتعلّق بما هو تكوينيّ –...
سأترك مرحليًا ممارسة الشغب على الليالي حتّى أرفع الالتباس الحاصل في السجال حول التخييل التاريخيّ، وحتّى أنبّه إلى ما قد قد ينجم عن تناول غير محترس لهذا المفهوم من مزالق. وأحبّ أن أُذكِّر بأنّني نشرت مقالات أربع متتابعة في الموضوع في جريدة «القدس العربي»، وهي كالآتي: «أصل التخييل والتمثيل...
لا تكفّ «ألف ليلة وليلة» عن مُخادعة الدارسين، إنّها تُظهر في الوقت الذي تُخفي فيه، وهي في هذا تفتح دائرة التأويل وتُغلقها في الوقت ذاته، أي أنّها تتضمّن في بنيتها وعياً نصيّاً داخليّاً يجعل كلّ انفتاح غير نهائيٍّ في التأويل مُقيَّدًا. ومن ضمن ما تفتحه وتُغلقه مسألة تدوينها في شقّيْها المُخيّل...
غلب على الظنّ النقديّ أنّ شهرزاد توسّلت بالحكي وسيلة مُثلى من أجل أن تتفادى الموت الذي يتهدّدها من قِبَل شهريار. وقد فُسِّر هذا الأمر على أوجه مُتعدِّدة، منها أنّ وسيلتها هذه تندرج في نطاق استعمال الحيلة بوصفها استطاعة فعل يستخدم المعرفة، أو أنّها تُعَدُّ شكلا ما للقوّة بديلا عن القوة...
أريج ظَنُّ الخزامى لحظةَ مساءٍ..! أنا هنا قرب الموقد أُرتِّق غدا لا يأتي، لا تبحثي عن ظلّي، الشمس تخطئ قامتي دوما، أقبلي فحسب، من هناك ..! عنواني- هنا- محطات ارتحال دائم لا أغيره إلا لكي يظل كما هو.. أما ساعتي فضبطتها على وميضٍ من عطرك يتسلَّل من كوّة في جدارٍ لم يُبْنَ أبدا.. أقبلي كما أنت...

هذا الملف

نصوص
63
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى