محمد فري

إن يكتب القاصّ عن نفسه، وكيف يكتب؟ و كيف يتعامل مع اللّغة؟ و كيف تنقاد له أحيانا؟ وكيف تستعصى عليه أحياناً أخرى؟ وكيف تهجره الكلمات المراد توظيفها؟ وكيف لا تستقيم له التراكيب المعبّرة؟ و كيف يتزاوج الأسلوب واللّغة فينسكبان بيُسر مع مداد قلمه؟ وكيف يتنافران أحياناً فتحضر اللّغة ويغيب الأسلوب...
إن يكتب القاصّ عن نفسه، و كيف يكتب ؟ و كيف يتعامل مع اللّغة؟ و كيف تنقاد له أحيانا؟ و كيف تستعصى عليه أحياناً أخرى؟ و كيف تهجره الكلمات المراد توظيفها؟ و كيف لا تستقيم له التراكيب المعبّرة؟ و كيف يتزاوج الأسلوب واللّغة فينسكبان بيُسر مع مداد قلمه؟ و كيف يتنافران أحياناً فتحضر اللّغة و يغيب...
الطابور على مد البصر، الساق ملتفة بالساق، والمناكب متشابكة، والأجساد تتدافع بعنف. التصق الكل بالكل..وتطلعت الهامات إلى الأعلى، تبحث الأنوف فيها عن نسمة هواء بعد أن عز في الأسفل.. وأنا .. في آخر الطابور أكاد أختنق، بل أختنق فعلا، أحس بالضغط يجتاحني ويكاد يقصم صدري. ألقي نظرة إلى الأسفل أتلمس...
القصة هذه المرة ليست لي..بل هي لسارد آخر، قال إنه قرأها قديما، منذ عهد مراهقته..ولا يتذكر أين، كل ما يعرفه أنه اطلع عليها في مجلة فرنسية نسي اسمها بدورها..وأنا بدوري أنقلها عنه كما حكاها لي..لا فضل لي فيها إلا جملا وعبارات وصياغة نمقتها كيفما اتفق لتناسب موضوع النص ورهانه..وبذلك أنفي عني كل تهمة...
حك الشيطان قرنيه..وشحذ رمحه بعناية..واستعد ليوم جديد يسقط فيه بعض الرؤوس التي يضيفها لمجموعته المتكاثرة باستمرار..شابه إحساس بالفخر والارتياح وهو ينظر إلى سجلاته المليئة بانتصاراته..تفقد ذخيرته من السلاح ..اطمأن لسلال الكراهية والحقد التي يزرعها في النفوس..وارتاح لمضادات الحب النافذة..والتي كانت...
دلف إلى الحانة بسرعة، وكأنه يتملص من ملاحقة مجهولة تثقل كاهله، اتجه كآلة مبرمجة نحو البارمان، رمى بثقله على حافة الكونطوار، اتكأ بذراعه وطلب كأس نبيذ أحمر قان هي افتتاح لزمن لا يستطيع التكهن بنهايته. تلك كانت……..الكأس الأولى،سكب محتواها في جوفه دفعة واحدة، هذا النوع من الخمر الرخيص لا يستساغ...
لم تمطر أمس ولا أول أمس .. بل لم تمطر منذ أسابيع وشهور ! جف الزرع والضرع، واكتست الأرض لونا داكنا بعد أن جفاها الاخضرار، ولعلعت الشمس مهيمنة بحرارتها اللافحة بعد أن طردت كل غيمة حاجبة. تهامس الناس في البداية في رعب مرددين لفظة الجفاف غير مصدقين، ثم ارتفع الهمس ليصبح جهرا يطرق كل الآذان كأنه...
هش " صالح بن المعطي " على قطيعه المكون من نعجات خمس هزيلات.. الأرض قاحلة تشكو من أثر الجفاف، والشمس ملتهبة في كبد السماء، والتربة صلبة سوداء متشققة، تتخللها في بعض الأماكن أعشاب قليلة تتوزع على مسافة شاسعة.. وعليه أن يقود نعيجاته إليها لتقتات بما تبقى من نبات الأرض، ولن يعود بها إلى " الخيمة "...
بعد نقاش متواصل، استقر رأي سكان القرية على حسم الأمر، وإنهاء الموضوع الذي أخذ منهم وقتا طويلا، وجدلا مرهقا كاد يتحول أحيانا إلى خلافات عميقة تؤدي إلى تفرقة صفوفهم وكسر وحدتهم. اتفقوا على خطة واحدة، وقرروا تنفيدها دون تردد، استيقظ الجميع باكرا، وتوجهوا كلهم نحو الطريق الوحيدة المؤدية إلى المدينة،...
وأخيرا حصل على شهادة الباكلوريا، أحس بسعادة عارمة، وشعر بارتياح كبير، وكأن ثقلا قد انزاح عن كاهله..عانى الكثير في السابق، وذاق مرارة الرسوب مرارا، وواجه اليأس وواجهه لحظات عديدة، لكن الكلمة الأخيرة كانت لإرادته وعزيمته.لم يكن كسولا أو بليدا، فقد استوعب المقرر بطوله وعرضه، وكرر استيعابه مرات...
تردد كثيرا قبل أن يؤدي مهمته، لكنه أذعن للأمر أخيرا، وتوجه نحو الشرفة التي كانت تطل على الشارع المظلم، وعلى عمارات انطفأ ضوء نوافذ بيوتها، واستسلم ساكنوها لنوم عميق.. وقف منتصبا يلفه ظلام منتصف الليل، وطاف بعينيه متوجسا أصواتاً أو همساتٍ غريبةً وسط حلكة دامسة ، وعندما طال وقوفه وتردده قليلا،...
القاعة فارغة، الكراسي مصطفة دون أن يجلس عليها أحد..بالركن منبر مستطيل وضعت عليه ميكروفونات تستعد لنقل أصوات المحاضرين..وبالجدار لافتات تعلن عن ندوة حول الكتابة الرقمية..المستقبلون بباب القاعة ينتظرون استقبال من يأتي..لحظات تمر دون أن يظهر أحد..لكن بعد فترة يظهر بعض الحضور، يليهم آخرون على فترات...
يعرفه أغلب القراء، فهو الكاتب النحرير، صاحب القلم الخطير، يكتب في كل شيء، في القصة والشعر والنقد، قصاص وشاعر وناقد، موسوعة متحركة، شجرة عجيبة أثقلتها مختلف الثمار، ما أن تهب عليها الريح وتحرك أغصانها حتى يتساقط منها محصول وفير، ومحصوله ما ينتجه من كلام، كلام غزير ووفير، يودعه مختلف الصحف...
مد رجليه مستريحا، وتأملهما برهة طويلة ثم خطرت له فكرة.. لماذا لا يستغلهما في الجري والسباق..سباق الحواجزالتي أحكمت عليه الخناق من كل الجهات .. لماذا لا يجرب حظه فيتخطاها بجريه.. لقد جرى كثيرا..طاف الشوارع والدروب..دق أبواب جميع المؤسسات..الخاصة والعمومية بحثا عن عمل..لكن الحظ لم يبتسم له..ظل...
كانت المرة الأولى التي رأيت فيها الحاج لقوالبي، عندما كان يخوض حملته الانتخابية في سباقه نحو القبة، زارنا بالحي تسبقه ابتسامته، ثرثرمعنا، ووعدنا بأشياء كثيرة، بما فيها التي يصعب تحقيقها، ثم اختفى ولم نعد نراه إلافي الصور المبثوثة، متحركة أو ثابتة ضمن مناسبات معينة.. لا أدري لماذا يعرفه الناس...

هذا الملف

نصوص
33
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى