ياسين طه حافظ

كانت جالوس بلدة مهذبة، نظيفة، بريئة، في ظاهرها خفة عيش وناسها البسطاء، لهم لطف القرى وذلك التهذيب الفارسي واللياقة في التحية والكلام والتوديع. ونحن منذ أيام في جالوس، قبل الغداء، نتوجه إلى البحر، "كوستر" تقل الناس إلى ساحل بحر حميم مؤتمن وماء يبعث بهجة وانت تسبح مع الناس فيه. بعد ساعتين،...
وأنا أقرأ "غزليات حافظ شيرازي" انتبهت لنفسي أني في القراءة أقفز على تعابير مثل "سواد زلفك" و "دموعي التي فاضت كالطوفان" و "قوس حاجبك" و "نواسة الحبيب" أو "طرّته" و"الهجر" و "السهام" … الخ. أحاول تجاوزها كي لا تؤخرني عن المعنى الآخر الكامن بين العبارات، أو الومض الشعري الذي يتخاطف بين سطور...
موضوعة لغة الشعر، أو التعبير شعراً، موضوع يُمارس كأية هواية أو أية لعبة. أي أن الناس يكتبون شعراً من غير أن يُناقش : لماذا شعراً ؟ أوضح الأسباب .التعبير شعراً أبعد مدى أو أجمل تأثيراً. قد لا نجد اعتراضاً على ذلك، لكننا نجد اعتراضات إذا قلنا أسهل سماعاً أو أدق إشارةً. بقيَّ أن ننطلق من "أبعد...
ليست قراءة الشعر هي الوحيدة التي تغير مستواها بين قارئ وآخر. إنْ لم يكن هذا التغيير في دلالة الألفاظ أو في ذائقتها و موسيقاها، ففي جماليات الانساق والسياقات، والأكثر الشائع في فهم السطور ثم في فهم مجمل القصيدة أو مجمل العمل الفني. وذهبت التحليلات اجتهاداً مناحي شتى فمن يقول بعدم فهم معاني...
بين لاه في القراءة ومتصفح، وجدتني أتخذ سمة الجد وأقرأ متفحصاً ما يرتسم من تعابير وما يشار له من افكار، ولعل أول ما استهواني في الكتاب هذا النمط الكتابي الذي نجده في الحكايات الشعبية والحكي اليومي بلطفه ولذعه ولمسات الواقع الحي فيه، فنحن في "منامات ابن سيا" نجد السخرية المرة المكسورة بمزحة...
خطأ أن يتوقع القارئ من الكاتب ما يتوقعه مراجعُ عيادةٍ من طبيبه ، إنه يعرف كل شيء عن الموضوع. فالراوي عالم أبعاد ومؤرخ أحداث، لا مقرر مصائر، وكذلك من يرجو علاجاً لعلةٍ من طبيب وتساؤلاته عن شتى ما يمر به، والطبيب مثله فيها فأن تعداه فلصحة الجسم العامة ولايملك بعد هذا إلا نزراً من هذا العلم و تلك...
يوماً كنا في جلسةِ حديث، صديق يكتب نقداً وسوى النقد، وأنا في مكتب المجلة التي أعمل فيها. دخل متأدب جاوز الشباب يحمل كتاباً صدر له. قدمه محيياً بقوله: آمل أن اسمع منك رأياً. دعوته للجلوس تأدباً فجلس ورحت اتصفح أوراق الكتاب وأنا أعرف مستوى الكتابة . وضعت الكتاب باعتزاز فوق اوراقي. حييته وتمنيت له...
بين أناسٍ لا اعرفهم . كل يتحدث عنها : كيف تَسلّق للضوءِ ، كيف رأى في مدن التهريب براءتَها ، كيف اصطدمت جبهتُه في لحم البقرة ورأى أحشاءَ مدينتِهِ ... كل قالْ: لستُ الاول لست الثاني لست العاشرْ خدَعَتْنا الواحدَ بعد الآخرْ . ابقَ مكانكَ حتى تقف العرباتُ لنمضي فقد اختلطت أيامُكَ بالطرقات. لا تسأل...
لا أعرفك تماما يا سافو، وصورتك تبدو لي بعيدة، وقد لا تكون صورة سافو الحقيقية. هكذا نحن مع الماضي. انا الان اقرأ عنك سطورا شابها الغموض. بيننا مئات السنين واحسك قريبا من نفسي، احس بصلة بك بالرغم من هذه المئات من السنين. ذلك فعل الشعر يا سافو. كل الذي اعلمه انك و"بوذا" ولدتما في زمن واحد ليست...
في مقالة سابقة تحدثت عن الأفكار في الشعر وكان الكلام لا عن الأفكار الغائبة التي لم تلتم بعد وتتضح ويسمونها بالأفكار المنحلّة ولكن الأفكار التي امتلكت حضوراً وقدرة استقطاب. أي عن الأفكار الفلسفية او الايديولوجية أو التي تعبر عن اتجاهات أو مركزيات. الموضوع - إذن لنا - في النص نمطان من الأفكار ،...

هذا الملف

نصوص
10
آخر تحديث
أعلى