مصطفى عبد الله عارف

طرقت بابه في الاربعين، ملتفة برداء منسوج بسبعة عشر ربيعا. كان هذا في غروب يوم من اواخر اذار، حين قطع رنين الجرس متعة الانصات الى سيمفونية السماء التي قد تكون صاخبة او رائقة هادئة. رغم دعة الربيع ووداعته الا انه في بغداد يظل متقلبا ما بين معتدل ومتطرف، قاصفا متزوبعا عنيف المطر، الذي قد يستمر...
كالقتيل يسقط في حضن امه ، تطوقه بذراعيها ، تمسح دمه بدموعها ، تستره بثوبه الممزق. تمسد اضلاعه المتكسرة بكفين حانيتين وكأنها تريد ان ترد كل ضلع الى مكانه… هكذا سقط جسر الصرافية في حضن امه دجلة بعد ان قطّع خنجر مسموم شراينه. وتقف بغداد بعينين لم تكفا عن البكاء منذ زمن. تنظر الى واحد من اخوتها...
تسرب صوتها في أذنه ندياً كأغنية رقيقا كصوت فيروز – أستاذ تجي اليوم الأحد؟ فتساءل مازحا – من هي تجي يوم الأحد؟ بدت مستغربه فلم تستوعب ما يقول فقالت مؤكدة – أنت! – أنا أجيء وليس تجي فالتاء للتأنيث كما تعلمين. فضحكت وهي تقول : – أجي يوم الأحد؟ وبقي مستفزاً: – تعالي في أي يوم يعجبك...
هل يعقل ان تتحول السماء التي لايحدها البصر الى بقعة صغيرة جدا ليست اكبر من النافذة الشاهقة التي يرفع اليها رأسه ؟ مرة يراها زرقاء ومرة سوداء او سمراء غائمة واكثر المرات مغبرة. هي كالفتحة في اخر نفق مظلم تربطه بالحياة وبالتاريخ الذي مر به. لم يكن معه من يتحدث اليه او شيء يقرأه حتى ولو كان ورقة...

هذا الملف

نصوص
4
آخر تحديث
أعلى