عبدالله البقالي

اختار قائد الموقع دركيا أكثر خبرة وحنكة لتأطير الدركي الشاب، و الذي أثبتت ملاحق خاصة بتقييم عمله أن هناك تعثرات قد سجلت في حقه تحول دون تحقيق التطور المهني المنشود المودة كانت بادية بين الشاب ومؤطره الكهل الذي يميزه شارب كثيف، وبطن منتفخ. وقد بدا فخورا بأستاذيته للفتى بعد أن وضع تحت تصرفه خلاصة...
اليوم رحل كيو. أكيد أنه لم يوص بشئ. بل لم تكن له الرغبة في الحديث لأي كان. لم ينظر لا يمنة و لا يسرة . لم يحاول ان يعرف من حضر لوداعه و من تخلف . نبس بكلام مبهم يتلفظ به أي مقبل على الموت وراح، طافقا الباب بكل قوة. و الاكيد أيضا انه لو كان ما يزال يحتفظ ببعض قوته، فانه سيبصق فيوجه الجميع...
ما اعتقد أحد قبل تلك اللحظة أن بركات "مولاي أحمد السيد" و من سار على نهجهم ستصبح في مهب الريح بتلك السرعة. و أن الناس سيكتشفون أن ما اعتقدوه مركزا للوجود، لم يكن سوى نقطة ضائعة منه. قبو كان يبدو لساكنته أن فيه ابتدأ و فيه سينتهي كل شئ. ربوعه بدت أنها شهدت إشراقة و تسللات خيوط الشمس في أول طلعة...
الى صديق رداد ثانية لم اتساءل يوما أيهما كان السباق عن الآخر. ليس لأني لم اكن قد بلغت مرحلة التعامل مع الأفكار في بعدها المجرد، و إنما لأني عشتهما كحياة تدحرجت فيها داخل ممرات دون ان تكون لدي أي فكرة عن البوابات التي ستنفتح عليها. و لذلك وجدت نفسي كجسم عائم، تتداول الامواج على حمله. تخفض به...
صوت قوي ينتزع الناس من اعماقهم، و نظرات قاتلة تشل المخاطب لتجرده من كل الدفاعات وتسكب فيها الرعب عبر مجار ضوئية تنطلق من عينيه. حاجبان مقوسان يؤلفهما شعر كثيف شديد السواد، يتحركان في انسجام مع ملامح قاسية، صارمة . يؤطرهما غليان داخلي لا يهدأ كشمس حياتها في توقدها. طلق جل النساء اللواتي تزوجهن...
يمكنك الان في هذا الوقت المتبقى أن تضحك أو تغضب . تبكي او حتى ان تحول الموت الى لعبة ان شئت.فلم يعد هناك من شئ يمكن ان يشكل لك افقا تركض صوبه. و لا حتى الأطياف المكدسة في الماضي، يمكنها ان توجد طريقها اليك لتملأ بعضا من الفراغ الذي صار هو كل حصيلتك التي عدوت العمر كله من اجل بلوغها. تتحفظ...
كان يبدو غريبا واستثنائيا. معظم الماركسيين كانوا من الشباب للحد الذي اعتقِدت معه أن الماركسية مرادفة لانفعالات الشباب و اندفاعهم. ولم يكن ممكنا تخيل ماركسي بشعر أبيض ويتقدم بخطى حثيثة نحو الشيخوخة على الاقل في الوسط المحلي. عرفته كأستاذ. لكن بدا لي أنه وُجد في تلك المهنة نتيجة خطئ ما، فهو لم...
من الحكايات التراثية، تفيد إحداها أن أحد السلاطين اختار للأمير مجموعة من الأساتذة و الفقهاء من أجل تأديب الأمير. و شرع كل واحد منهم في تقديم الدروس في شتى العلوم. و كل ذلك في مناخ يعمل كل واحد فيه على بسط أجود ما لديه من أجل نيل استحسان السلطان، و ترسيخ صورته لدى الأمير بكونه أحد أساتذته. غير أن...
على مهل راح يحدق في العالم المنتصب قبالة القضبان. و من ثنايا تفرعات تؤجج توقده الداخلي، امتدت بسائط نسجت رحابها السنون، و أحلام وردية قادته كي يشق الطريق التي انتهت به الى حيث هو الآن . أكانت رغبته حقا الطاقة التي شحنت قواه ودفعته بلا هوادة كي يسلك ذلك المسار، أم أن انغلاق الأبواب في وجهه دفعه...
لا تجد الكلمات طريقها إلى حلقه. و حين يستدعيها بإصرار، يشعر أنها ذات حواف مسننة ، ترسم مجرى داميا يزيده ألما. كما تتتابع الأفكار عبر شريط متقطع يتوالى بعسر شديد، و كأنه يشفق على حاله حين سيرى بعينيه في النهاية موت آخر أحلامه. لن تجده هذه المرة. و هي على الأرجح ما عادت في حاجة إلى هذا الوجود...
1\2 وكمثل تحول جرم سماوي إل كوكب ساطع، كان الناس أمام فرصة معاينة كيف يتحول رجل من عامة الناس إلى مصاف الأولياء و الصالحين بعد أن نصب سلما تسلق أدراجه، و مكنته الأعالي من رؤية سرح فيها بصره إلى ما وراء حدود الأفق يحكي الأهالي أنه عند نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، زار " غفساي" وفد من...
في أحد أحياء غفساي (ارشادة) المتقاطعة في الفقر و الجهل و سيادة الطقوس المتوارثة مع باقي الاحياء الاخرى، شق " سيدي منصور" طريقه إلى الحياة دون ان يرتبط بأب أو أم . و دون ان يكون معنيا بتاريخ شخصي او عام. لكنه سلك الى الحياة طريقا فضيا ليفتح بوابة انتهت به إلى حلم سيدة كانت غارقة في النوم. و...
سيدي امحمد البهلول هو اسم الولي الصالح الذي يتربع على ربوة السلط في غفساي. اذ في اسفل حافته يوجد مخفر الدرك. و غير بعيد عنه توجد القيادة و المحكمة. لكن و لسبب ما فهو لم يتمتع بالصيت الذي كان لأولياء بالمنطقة مثل سيدي امحمد بلحسن في ورزاغ او مولاي بوشتى الخمار في القرية التي سميت باسمه...
حكاية المصير فيها كان هو القضية، و القضية هي المصير. حكوا عن كل شئ. عن عشق أتلف تفاصيله الدجى ليكشف النهار عن حلم حين انجلى. فقس الحلم و نما. تمالك نفسه و حبا. غازلته الحياة فشدا. و حين لامس مسالك الامان كبا. باندهاش صار ينظر، من زيف من؟ ينبوع الحياة الذي جف، أم زمن النخاسة قد رنا؟ الكسوف لم يكن...

هذا الملف

نصوص
184
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى