سعدي عباس العبد

لا شك انّ جان كان وجها منهكا مألوفا لدى زبائن وندّل الحانات التي كان يرتادها .. وايضا كان مألوفا وأليفا لدى الارصفة والنهارات والحدائق والفنادق والمقاهي التي قلما يؤمها .. ولدى المثقفين على اختلاف مشاربهم والوانهم وتوجاهاتهم .. وبلا ادنى ريب كان جان يحظى باهتمام استثنائي من لدن اصدقائه الشعراء...
لم يجتاحوا البلدة دفعة واحدة ..كان قد سبق اجتياحهم لغط مشوب باحزان قاسية , مكثت تتصاعد في نفوس الخليقة , تاركة آثارا من الخوف تطبع ملامحهم , وتعكّر سحنهم الشاحبة , وقلوبهم الناضحة بالرعب من اولئك الذين سيحيلون كلّ شيء إلى خراب , خراب سيأتي على كلّ شيء ..في مسيرة عصيبة حافلة بالموت والمكابدات ...
• لاشك انّ الحزن , قديم , ولِد مع وعي الانسان المبكر , وانعكس على سلوكه في نزاعه مع الطبيعة , وجسد ذلك الحزن في الاشكال البدائية للفن .. وفي حقب لاحقة من التطور , تمتع عبرها الانسان بقدرات عقلية ونفسية وذائقة فنية , تمكن من الارتقاء بتلك الاشكال الفنية . وانتقل بها من مرحلة الرسوم والنقوش على...
انتظرني لاتبعك انا اخبرت والدي اني ذاهب معك .. فانتظرني لأتبعك.. انا احضرت مركبي.. هو يانهر من ورق اذن يانهر انني.. لست اخشى من الغرق فانتظرني لاتبعك.. ظهر النهر هادئا ورأى الطفل اوله فرمى المركب الذي في يديه وقال له.. انتظرني لاتبعك.. فجرى النهر مسرعا.. ومضى ثم لم يعد صرخ الطفل قائلا بعدما...
حدث ذات مرة انّ اصطحبتني جدّتي إلى سوق الميزرة ..كان تلك المرة الاوّل التي كنت فيها ارافق جدّتي في ملازمة تخلو من الخوف ..الخوف من مواجهة الألهة وحيدا .. كان الوقت عند الضحى ..الضحى الذي كان يمشي بخطى دافئة نحو اوّل الظهيرة ..الظهيرة كانت لما تزل تتخفى وراء الجدران .. تختبىء وسط الباحات والحيطان...
تعبر الحذاء , فناء الدار . تمشي فوق الشارع المعبّد بالحفر .. تمرُ الحذاء على دكان الاسكافي منهكة الجلد , غزيرة الثقوب .. متلفعة بمعطف من الوحل المجفّف.. تقف متسربلة بالغبار والفتوق .. فيما كان الاسكافي , ينظر بقدمين حافيتين حافيتين جدا .. يحدّق بالوجه الحافي الذي يرتديه الزبون , الزبون الذي...
حتى الغرفة التي شهدت تساقط سنواتي الخمسين باتت كأي خراب من تلك الخرابات العديدة التي تشكلتُ في شرنقتها... فالجدران المفروشة بالبياض .. الذي الذي يذّكر بالضمادات الملفوفة على جسدي ..باتت مليئة بالثقوب السود ,تهمي باستمرار غبارا خانقا ينضح رائحة حديد صدىء!! ينفذ عميقا في انفاسي فاخالني كأنني...
* ..... مفهوم الشرف يتفاوت . في التصورات والسلوك .. يتباين ويتقاطع بين المجتمعات .. وحتى لدى الافراد .. فالجماعات المنتمية للهوية العربية .. المتحدرة من سلالة عريقة في وأد النساء وتأصيل عمليات الذبح .. ذبح النساء على الشبّهة والبيّنة والظن على حد سواء .. هذه الجماعات الشرف لديها مقترن بالجنس...
كانت ذراعي ماتزال تطوق عنقها الابيض، الممتلىء ضاغطا باصابعي المفروشة على ثدييها النافرين، عندما لمحت عينيها اللوزيتين تشعان بذلك الوهج المخيف، ارخيت ذراعي، فسمعت صوت انفاسها، كما لو انها فكت حبلا كان معقودا على عنقها، ورأيت خيوطا فاحمة من شعرها المسدول على الوسادة، تنهمر على جانبي وجهها، تراجعت...
لاح شعرها في المرأة كشلال اسود ! ينهمر على كتفيها وينزلق على جانبي وجهها الذي بدأ في المرأة مغمورا بنور فاتر يسيل لا معا كلما دنت ناحيته فتلوح في المرأة كأنما تنأى او تنطفئ في فراغ غائم مشرع على سماء متلفعة بوشاح داخن !! كان قابعا قبالة المرآة كانه تمثال شمعي يحدق منذ عشرات السنين كانت سحنته...
لم يكن أبي آخر " الحروب" التي نحتت جسدي بأزميل الفقر والصفعات والشتائم، فمسني الضر، من أول يوم رأيته فيه، بيد أني لا أتذكر، متى رأيته أول مرة؟ فقد كان بيني وبين ذاك اليوم الموغل في البعد مديات غامضة من ضباب كثيف! ولكني كنت أتذكر، الأماسي كلها التي اعقبت ذلك النهار الموحش.. فكان يجب عليً أن أمد...
اختفاء/قصة قصيرة … فهذه هي المرة الاوّلى التي اراها فيها بعد غياب دام اكثر من عقدين , اعلم انها لم تلحظني , كانت عيناها تبحلقان في الوجوه الخارجة من غرفة المكتب , لمحت عينيها ترقبانني , قبل انّ يحجبها عني رف من الاكتاف المتراصة , ثم غابت عن عيني وراء جدار من الرؤوس المندفعة امام المكتب ...

هذا الملف

نصوص
12
آخر تحديث
أعلى