فاطمة الزهراء الرغيوي

وعندما استيقظ، انتبه السيد سين للمرة الأولى في حياته، أن جسده حي. كان يعلم أن روحه حية. وكما يحدث للجميع، كان يخلط بين روحه وجسده، فيحدث أن يقول: قلبي يؤلمني، ورأسي يؤلمني، وجسدي منهك؛ بدل أن يقول روحي تعاني من ألم عاطفي، أو روحي لا تستوعب ما يحدث، أو روحي تتألم. كان أيضا يولي الأهمية لروحه...
إنني خائفة من كل شيء. أمشي بجسدي الغريب. لم أتقبّله بعد، هذا الجسد الذي يمتدّ في كل الاتجاهات. لديّ الآن كرتان في الصدر، وعشب ينمو تحت إبطي وما بين ساقي. ولديّ هذا الخوف الذي يتغلغل عميقا بداخلي. كنت صغيرة عندما قال لي أبي: - أنت كبيرة الآن. لن تحتاجي لعبا لأنك كبرت. أبي الذي لم يشتر لعبا...
يدي كانت تبتسم في يده. وكان علي أن أفلت اللحظة، وأن أخفي ارتباك الأشياء وأوقف رقصة لوحة الغورنيكا المزيفة المعلقة وراء المكتب. وللنافذة، كان علي أن أهمس: أخفضي الإضاءة قليلا. أنا التي لست أما. اغتسلت ذاك الصباح. إنه ليس أمرا بديهيا على كل حال. فالمدينة تعاني من انقطاع في تزويد المياه. ثم جففت...
بين ذراعي، كان الرجل الثالث لهذا اليوم، يبكي! لكن لا وقت لدي لأواسيه. فبعد ساعتين سينطلق قطاري إلى الرباط. لي موعد غدا زوالا هناك. أترك الرجل يسترسل في حزنه. لا أسمعه. لي ما يشغلني. أنظر إلى تفاصيل غرفة الفندق. ورق الحائط الرديء اللامبالي. الهالة السوداء حول المصباح المعلق في السقف...
منذ أن تكسر خنصر السيد سين، تغيرت حياته. أصبح شخصا كثير التأمل. فجأة تخلى عن عدد من أصدقائه. لم تعد تستهويه جلسة المقهى والنظر إلى صدور العابرات في الشارع العام. ولم يعد يخمن ما تحمله أكياسهن من خضراوات أو ملابس أو أدوات تجميل. ثم إن السيد سين انتبه فجأة إلى أهمية ذاك الإصبع الصغير في يده...

هذا الملف

نصوص
5
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى