محمد السقفاتي

بالرغم من أني تخطيت سن الثلاثين، وأسكن مستقلا عن أسرتي، فإني أحب أمي جدا وأزورها بانتظام، وأعود إليها دوما في اختياراتي، امي تعشق القهوة لكني لا أتذوقها الا لماما، أفضل عليها الشاي الأخضر بالنعناع من يديها الناعمتين، اعشق الشاي على قهوة أمي لأنه الوحيد الذي يربطني بجذوري، ويذكرني بطفولتي البعيدة...
لم تكن هذه المرة الأولى التي التقيها وجها لوجه. فقد سبق لي أن صادفتها في محطة الباص، وعمرها آنئذ لم يتعد سنتين تقريبا. كان ذلك حينما وقعت علي نظراتها الجميلة المسكونة ببراءة طفولة صافية، وكأنما ألفت رؤيتي. اقتربت مني بحركات طفل يتعلم للتو خطواته الأولى. أمسكت بسروالي ولفت ذراعيها الصغيرتين حول...
- إصغ - اممٓمْ... ماذا؟ همهم الرجل وهو يرفع رأسه قليلا قبل أن يسقطه بكل ثقله على المخدة - المعذرة.. لم اكن اعلم بانك نائم.. قلت لك أتسمع هذه الأصوات الغريبة؟ ردت الزوجة برقة ودلال أنثوي - ومن لا يسمعها؟ حاولي أن تنامي فغدا لدي عمل، قال وأدار لها ظهره، محاولا مغالبة النوم - استيقظ.. سمعها...
(تعالى يا حبيبي تعالى فإن جواز السفر قفطان معا اذا وضعنا رجلا في البحر فسينشق الى اثنين)* لم تكن فاظْما أنْ حدُّو تدرك بأن هذا ال 'إيزري' الحزين، الذي رددته بكامل عفويتها، في "أزْقاق"، بأحد أعراس قرى الريف، مخاطبة في الواقع حبيبها لثنيه عن الرحيل، سيكون من بين تلك الأشعار الخارقة والجميلة التي...
محمد السقفاتي كاتب مغربي يعيش بهولاندا.. عاش طفولته بالريف حيث الأمازيغية هي اللغة الأم، درس في المغرب بالعربية والفرنسية في منطقة تسود فيها اللغة الاسبانية، اضطر لتعلم الانجليزية للتواصل أكثر مع الآخرين، ألح عليه الحنين للوطن فاضطر اللجوء للغة العربية لخوض غمار سفر لا متناه مع الوطن. والتعبير...
حينما ترتوين وتمتلئين... بي.. تقفين على رجليك سعيدة منتشية قائلة - أنظر إلى الأثر... أنظر.. إني أسيل بك واتركك خلفي تتجهين صوب زجاج النافذة مترنحة.. ثم تستطردين - المطر غزير. والسحاب كثيف... والزجاج مضبب .. لا نعلم أمن السماء؟ أم من أنفاسنا؟ تصمتين قليلا وتفردين سبابتك. ترفعينها الى مستوى...
لم تكن تعرف السباحة، لكن البحر كان يعرفها جيدا، كما يعرف شباك الصيادين وجثث الحراكين والأسماك، وكل تلك المراكب الزرقاء والخضراء الصغيرة المترنحة فوق سطحه. التقينا اليوم في المدينة ولم يأت هذا الأمر صدفة. كما لم يكن أيضا بتلك السهولة التي ترتشف بها شفتاها الآن من فنجان قهوتها، وكأنها تطبع قبلات...
حينما بدأ يستدرجه شيئا فشيئا وفي خطوات صغيرة ومدروسة جدا قصد القيام بتلك المهمة الجسيمة، كان الشاب مطرقا يستمع في وجوم وخشوع، لم ينبس طول الوقت ولو بكلمة، لكن عندما بلغ الحديث نقطة حسن الجزاء الذي سيناله جراء عمله، والافاضة في شرح ما ينتظره من حسنات وملذات الآخرة، انفعل الشاب وبدون تفكير قال: -...
قبلت الدعوة بتلقائية دونما تفكير مسبق. حينما وصلت إليهما، أخذت كرسيا ودون تفكير مسبق أيضا وضعته بينهما أمام مائدة الغذاء. وهكذا جلسنا نحن الثلاثة كلنا جنبا الى جنب على طرف واحد من المائدة. كنت قد تأخرت عن الموعد بدقائق عديدة، ولم يتسن لي أن أفكر بعمق في السؤال الذي راودني لحظة الجلوس، حول سبب...
- ألو.. - ألو.. - أريد أن أراك - غدا يمكن. - لا أريد غدا. اليوم واقترح مباشرة بعد العمل - في أي مقهى؟ إن الجو بارد - المقاهي غير مناسبة هذه المرة. منزلي. وماذا تريد للأكل؟ - انت تعرفين كم أنا سهل في هذا. كل شيء يُعد، سآكله. كان الجو باردا. منذ الصباح تهب ريح شمالية قارسة تحول دون أن يتم السقوط...

هذا الملف

نصوص
10
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى