معروف الرصافي

لقيتها ليتني ما كنت ألقاها! تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها أَثوابُها رثَّةٌ والرِّجْلُ حافيةٌ والدمع تذْرفه في الخدِّ عيناها بكت من الفقر فاحمرَّت مدامعها واصفرَّ كالوَرْس من جوعٍ مُحياها١ مات الذي كان يحميها ويسعدها فالدهر من بعده بالفقر أشقاها الموت أفجعها والفقر أوجعها والهمُّ أنحلها والغمُّ...
فتنت الملائك قبل البشر = وهامت بك الشمس قبل القمر وسر بك السمع قبل البصر = وغنى بك الشعر قبل الوتر فانت بحسنك بنت العبر ترفّ لمرآك روح الغرام = ويهوَى طلوعك بدر التمام ليطلع مثلك في الاحتشام = ويرْقبَ خَطرَة هذا القوام لكيما يَهبُّ نسيم السحر تميلُ بقدِّك خمرُ الدلالْ = فيضحكُ في...
أيكفينا من الدُولات أنَّا = تُعلَّق في الديار لنا البنودُ؟! وأنَّا بعد ذلك في افتقار = إلى ما الأجنبيُّ به يجود؟! تجوز سيادة الهنديِّ فينا = وأما ابن البلاد فلا يَسود إذن فالهند أشرف من بلادي = وأشرف من بني قومي الهنودُ وكم عند الحكومة من رجالٍ = تراهم سادة وهم...
قضت المطامع أن نطيل جدالا = وأبَيْنَ إلا باطلا ومِحالا في كل يوم للمطامع ثورة = باسم السياسة تستجيش قتالا ماض من سلسوا البلاد لوانهم = كانوا على طلب الوفاق عيالا أمِنَ السياسة أن يقتل بعضنا = بعضا ليدرك غيرنا الآمالا لادر در اولي السياسة انهم = قتلوا الرجال ويتموا الاطفالا غرسوا...
إذا كان أصل الشعر من الشعور. وإذا كان الشاعر هو الذي يشعر بما لا يشعر به غيره من عامة الناس، فليس في شعراء العرب من هو أعلى شاعرية من المتنبي، ولا أنبط قريحة، وأثقب ذهناً، وأدق فكراً، وأسرع خاطراً منه. وقد اختص المتنبي في شعره بمميزات امتازها على غيره. فمنها أنه أقدر الشعراء على جمع المعاني...
إن في شعر المتنبي ما يدل على أنه كان متصفاً بكثير من الصفات الفاضلة، كالإباء وعزة النفس والصبر والمجد والكرم والشجاعة وغير ذلك، ولا حاجة إلى إيراد شواهد من شعره على ذلك فإنها كثيرة معلومة عند أهل الأدب. غير أننا نريد أن ننبه الأفكار إلى مسألة أخرى، وهي: أيصح أن نكتفي بشعره في معرفة أخلاقه...
كان زمان المتنبي زمان التغلب بالقوة، فكل من ساعدته الظروف وكانت لديه قوة كافية، استطاع أن يتغلب على البلد الذي هو فيه، فيكون فيه مالك الأمر والنهي. وكذلك كان في كل بلد أمير، وفي كل قطر ملك، بل ملوك ولما كان المتنبي فد فطر على جانب عظيم من الذكاء والفطنة، وأوتي من طلاق اللسان، وفصاحة البيان،...
كل الرواة متفقون على أن المتنبي ولد في الكوفة، ولكنه قدم الشام في صباه، وبها نشأ وتأدب. وهنا ترد هذه الأسئلة: ما سبب ذهاب المتنبي إلى الشام؟ ومع من ذهب وهو صبي؟ ومن الذي كفله هناك حتى استطاع أن يتعلم ويتأدب في صباه؟ وكم كان له من العمر لما فارق الكوفة؟. إن هذه الأسئلة غامضة جداً، إذ لم نجد،...
نعم إن الإنسان من حيث أنه حي عاقل متخلق بأخلاق متخالفة وجار على عادات متباينة، ومن حيث أنه خاضع لظروف وأحوال متضاربة بين الخير والشر، من حيث أنه مدفوع بدوافع شتى إلى أفعال متراوحة بين الحُسْنِ والقٌبْحِ أن الإنسان من هذه الحثيثات كلها، لا يكون بابن أمه وأبيه فقط، بل كما أنه ابن أمه وأبيه كذلك،...

هذا الملف

نصوص
9
آخر تحديث
أعلى