مجد حبيب

كم بكَتْ مآقينا رحيل أحباب ضاعوا منّا في الزحام و اشتاقت قلوبنا لقاء أصحاب صاروا سراباً وأوهام! فغداً تُبكينا مدامع وتشتاقنا أفئدة و نحنا بين الجنادل نيام -1- اضطجعَ على عتبات الحلمٍ تجرفه سيول الحنين، بعد أن هتفَ طويلاً لسلطان الكرى ليكون ملاذه الأخير من حرائق يقظةٍ تنشب في روحه، وبعد أن...
يُغادركَ كلُّ ما تشتهيه اللوز المرّ و معطفكَ الوحيد العتيق المعبّق برائحةِ الماضي و جرّة الفخار التي تأخذُ من ذراعيّ أمّكَ شذاها الرقيق... وعشقٌ لا يزال غباره متناثراً على حيطانِ روحك يلتهمُكَ كالحريق... يُغادرُكَ كلُّ ما تشتهيه إلاّ النسيان و وخزُ الحنين في وجدانِكَ للأحباب... و وطنٌ يتعرى فيه...
يختصرُني شارعٌ يتباهى بصمتهِ يُغلقُ منافذهُ أمام الصدى الظمآنِ للمجهول يتبادلُ القهقهات مع راعٍ أنساهُ النبيذُ أن يعدَّ أغنامه قبل أن يلتهمها ذئبٌ مسلول شارعٌ يقمعُ حفيف ريحٍ تحنُّ لعناقِ الحورِ على أطرافهِ تتبخرُ أشواقها و تزول و تلوذُ إلى النومِ بعيداً حيثُ الغيم يولي ظهرهُ لها ضجراً و بغيثهِ...
كان كِرام في تلك الساعة متشرباً بالأحزان، مفعماً بالأخيلة والتصورات فدارتْ اسطوانة ذكرياته التي لا تنفكّ تعيده إلى ذكرى وفاة والدته التي لم يظنّ بأنّها ستموت يوماً. فنحن البشر لا نتخيل بأنّ منْ نحبهم بشدة سيرحلون، فإنْ رحلوا ملأوا دلو مآقينا بالدمعِ، وغلّفوا ربيع القلب بخريفِ الحزنِ الدفينِ،...
بدأ الحب يُشيّد أركان روحٍ تهالكت يوماً، و يتأبط السعادة ليدلف جدران كيانه الذي ظنّ بأنه تفحّم و ترمد، لم يكن من شيء يشوب سعادته إلا الذكريات الموجعة ، و خيال أحمد الذي لا يفارقه، و انحناء رأس أبيه ذلّاً و فقراً، و قهر أمه التي تقضي الساعات تناجي الحضور اللامرئي لولدها الشهيد. نمشي و نمشي و نتعب...

هذا الملف

نصوص
5
آخر تحديث
أعلى