صابر رشدي

الكمالية، Perfectionism اصطلاحًا، هي الرغبة في الوصول إلى الكمال في أي شيء؛ إنها الحاجة إلى أن تكون كاملًا بالفعل في عملك وفي سلوكك وفي حياتك، وكذلك أن تعتقد، أو تبدو، على أنك كذلك. وذلك لأن الكمالية نوعان: نوع إيجابي، جيد التكيف، ينشد الكمال على نحو طبيعي من خلال المثابرة والدأب واحترام الذات...
في عتمة الغرفة الغارقة في صمت عميق، وعند استيقاظه المفاجئ ، استمع إلى صوت أنفاس غريبة، تتوالى بين لحظة وأخرى، أنفاس لم يستمع إلى مثيل لها من قبل، عندما أجال بصره فيما حوله لم يلحظ شىء. ربما كانت توهمات تجترح السكون، سحابة تمر في الأعالي، ويتردد صداها هنا. هكذا فكر. حتى لا يجد خياله النازف فرصة...
على مشارف الظهيرة تقريباً، كان دوي الطلقات يصل إلينا على فترات متقطّعة، رائحة الغاز المسيل للدموع تلامس أنوفنا، وتنفذ إلى الصدور. كان الكلام يدور حول استمرار المظاهرات لليوم التالي، بسبب الارتفاع المفاجئ لأسعار بعض السلع الغذائية ــ من أين يأتي هذا الدخان القاتل؟ ــ من وسط البلد، الوضع شائك...
في اليوم التالي، كانوا يستقبلوني وسط أجواء احتفالية، واضعين ما أفعله في خانة البطولات معتقدين أن ليس بإمكان أيٍّ منهم النهوض بهذا العمل. إنهم أصدقائي في المدرسة، الذين كانوا لا يصدقون أني أستطيع الذهاب وحدي إلى استاد القاهرة لمشاهدة المباريات الكبرى، ورؤية اللاعبين عن قرب، كانوا يعدون ما أقوله...
الميدان يئن تحت وطأة ظهيرة قائظة، ورطوبة لاتحتمل، فشمس أغسطس تتعامد فوق المبانى وأسفلت الطرقات، تلهب رؤوس البشر وكافة الأشياء. رغم هذا، كان هناك بشر كثيرون، وحركة دائبة، وثمة رجل يمشى بطيئا فى هذا الزحام، جذبنى إليه المعطف الصوفى الثقيل الذى يرتديه فى هذا التوقيت من العام. كان يمشى وحيدا، منكفئا...
في واحدة من النصوص البديعة للناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو، في كتابه "بحبر خفي" يقول: "يتمُّ في الغالب تفضيل قراءة نصّ روائي على مجموعة قصصيّة، لأنّ كلَّ وحدة من وحداتها تتطلب استعدادًا مُتجدّدًا وعناءً مستأنفًا للاندماج في بيئتها والانصهار في أجوائها". في الحقيقة هذا فارق مُهمٌّ جدّا بين القصة...
الشاب الذي أحرجته نوبات تلعثمه، أمام الملامح الباهرة، والتناغم الذي ينسحب إلى كل تفصيلة في كيان تلك الجميلة، وهي تخطر بتؤدة، مثيرة حولها كل العناصر الدافعة إلى المحبة والوله، مخترقة انفعالات أولئك الذين يبحثون عن بطولات تراجيدية، وحكايات تسافر في الزمن. اهتز بشدة، وهو يواجه جمالا غير قابل...
نتسلل إلى الرواق الصغير، المكدس بالنساء والصبايا، نرى الفرقة التي تقود الحفل وتبعث في أجواء الحارة صخبًا منغَّمًا على وقع الدفوف والطبول الكبيرة، نرقب هؤلاء اللواتي يرقصن مترنحات، ومعذبات بشبق خفي، في محاولات متكررة، كي يستجيب الضيف المجهول. إحداهن، تعتمر طربوشًا داكن الحمرة، كشارة رمزية لجذب...
عندما قيل ل "ميشيل فوكو": أن كتبك القيمة لا تقرأ لجدة تحيلاتها ونفاذها فحسب، بل للمتعة أيضا. فثمة أسلوب خاص وتأثيرات نعبيرية فى كل صفحة تقريبا، وليس ذلك من قبيل الصدفة فى النهاية. أجاب المفكر الكبير: الأمر بسيط. أعتقد بضرورة امتلاك وعى حرفى فى هذا الميدان . يجب أن ينطبق هذا الأمر على كتلة من...
عندما تطلب من المرء شهادة، فإنه في حقيقة الأمر، يكون بصدد اعتراف بشيء ما، بسر منطو على ذاته، مخفي في دهاليز الذاكرة،. هكذا أظن، فالمسألة مقرونة بالصدق والحقيقة في المقام الأول، وستعامل على أنها أقوال كاشفة تضئ مناطق مازالت مظلمة، بكماء، ترقد في الصمت والهدوء، بعيدا عن التداول وهى تؤانس وحدتها...
في شوكولاتة نيتشه ربما يأتي الاستهلال كاشفا عن ميزة أساسية في قصص المجموعة تبرر للقارئ سر الشعور بالألفة والحميمية مع معظمها، وهذه السمة تتميز في كون السارد الفعلي للنص محددا بمسافة عمرية زمنية من الطفولة إلى الصبا، أي مرحلة التعرف الأولى للحياة، وبداية نمو الإدراك بجزئيات العالم، بتناقضاته...
مبكرًا، بدأ التعلق بالحشيش كمادة سحرية، وخيار غير أخلاقي لا يتم الإفصاح عنه بسهولة رغم احتلاله مركزًا متقدمًا على قوائم اهتماماتنا. كان مخدرًا عالي الجودة، متوفرًا بكثرة، دقائق قليلة تقذف بنا إلى أولئك الذين يوردونه إلى جميع المناطق. الأشقياء المستأجرون، يتناثرون في المكان، غرباء مجلوبون من...
من حين إلى آخر ، كان يذهب إلى بيت الزواحف ، لاينطلق سوى فى اتجاه وحيد اعتادت عليه قدماه ، هو قاعة الثعابين ، يلج هذا المكان ذا الضوء الخافت ، والهدوء المريب ، شاعرا بهذا التيار الخفى الذى يسرى فى أجواء القاعة . إنه إحساس مقبض يخترق أعصاب بعض الحضور ، الذين يتجمدون أمام الصناديق الزجاجية وهم...
(1) العالم يعيش حالة رعب، الأنباء تتواتر كل لحظة، قادمة من بقاع الارض، عداد كوني منصوب يحصي الخسائر البشرية، حتى الآن لا حديث عن حلول جذرية . الأمر يتعلق فقط بمزيد من التحذيرات. صديقتي على الطرف الآخر تمشط شعرها ولا تبالي، تحدثني عن عدد القبلات في فيلم رومانسي. تعشق تسريحة نجمة سينمائية، وتتمنى...
الشهادة لكي تكون كاتبًا، فى الزمن الحالي، لابد أن تتريث قليلا، وتبحث لنفسك عن وسيلة ناجعة – لا تتوافر بسهولة -إنها الإجادة، الشيء الوحيد، الذى يسعفك، ويمنحك جواز المرور فى هذا الزحام، مبتعدا بك عن مخاطر الفشل، يحدث ذلك-غالبا- فى لحظة استبصار، في أثناء ترددك حيال هذا العالم المدهش الذى تريد طرق...

هذا الملف

نصوص
88
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى