محمد مباركي

قال لي جليسي: “شاهدتُ فيلمًا سينمائيًّا أربع مرّات متتالية”. رددتُ عليه مستغربًا: “قلتَ أربع مرّات متتاليّة؟! هذا كثير!”. قال بحماس زائد: “اسمع، سأحكي لك وقائع الفيلم”. وراح يحكي ويسهب في الحكيّ عن أدقّ تفاصيل الفيلم الّذي شاهده. وتوقّف كثيرًا عند البطلة. كانت طبيبة نفسانية، مثل ملاك...
(قصةاونلاين) محمد مباركي هل سمعتم بروائيّ ندم على كتابة رواية؟ ربّما لم تسمعوا بذلك. إنّه أمامكم أنا العبد الفقير إلى رحمة ربّه. كتبتُ روايتي الأخيرة وندمتُ على كتابتها، لا لأنّها رواية دون المستوى، أبدًا. قد تناولها عدد مهمّ من النّقاد في الدّاخل والخارج بالدّراسة والتّحليل حتّى إنّها نالت...
كان لا بدّ للقاصّة المغربيّة "آمال الحرفي" التي نشرت أعمالها القصصيّة في عدّة منابر ثقافيّة من "عبور" جسّدته في باكورة أعمالها التي جمعتها بين دفتي مجموعة قصصيّة من عشر قصص قصيرة أصدرتها أخيرًا ضمن منشورات "رونق" وقدّم لها القاصّ المغربي "محمد الشايب". اختارت لها "عبور" كعنوان جاء عن دراسة...
غرقتُ في غيبوبة طويلة جدًّا. دخلتُ بطولها كتاب "غينس" للأرقام القياسيّة. أبقى عليّ أفراد أسرتي حيًّا عدّة سنين لمحبّتهم لي ولكوني ثريًّا أيضًا. استفقتُ من غيبوبتي بقدرة قادر في يوم مشهود لم تغب فيه الشّمس عن منزلي الفاخر. استرأيتُ بالمرآة، شهقتُ شهقة زلزلت دواخلي وغُمِيَ عليّ حين وجدتُ نفسي كمثل...
كنتُ آخر من قرأ قصّته في اليوم الثّاني من ملتقى القصّة بمدينة جميلة تتوسّد الرّمل وتتغطّى بأعشاب البحر. خلا بي أحدهم وهو يزفر تغيّظًا وقال لي مؤنّبًا “ألا تستحيي من نفسك وقد بلغتَ من الكبر عتيًا؟”. قلتُ “ولِمَ أستحيي؟”. قال “تشبّب فتاة في سنّ أبنائك؟!”. قلتُ “إنّه الحبّ الذي لا عمر له يا سيّدي”...
أعياه الجلوس في المقهى وحيدا قبالة شاطئ البحر ، فنهض يمشي متثاقلا بجسم متهالك على رصيف كورنيش الشاطئ الطويل ، و الأسئلة، كأوراق الأكلبتوس ،تتقافز أمامه مسافة متر أو مترين . شدت ناظريه صورة الأمواج، تُلاحِق الواحدة منها الأخرى في دعابة الأطفال لتتكسر على الرمال في هدوء، و الشمس مائلة للمغيب تعانق...
عثرتُ على وثيقة تاريخية مثغورة. أكلت الأرضةُ حواشيَها ووسطها. تمكّنت من ملء ثغراتها بمعونة صديق متخصّص في التّاريخ. كتبها مؤرّخ مجهول، فقال: وردت على عامل حاضرة شرق المملكة الشّريفة؛ «وجدة» رسالة استفسار من السّلطان بالحضرة العليّة «فاس» العامرة: «الحمد لله والصّلاة والسّلام على مولانا رسول...
محمد المباركي مبدع أصيل وأنيق، يصر على محو البياض، وتكسير رتابة اليومي الأرعن، هو عنوان صادق من العناوين الجميلة التي تؤثث المشهد الثقافي الوطني. هو عاشق يمشي الهوينى في شارع الإبداع، هو رحالة يتنقل بين مناطق الجمال زاده دربة ودراية وصدق. محمد المباركي كاتب من كتاب المغرب الشرقي الرائعين، يحفر...
الإهداء إلى المبدع أحمد بوزفور بمناسبة تكريمه من قبل مدير مجلة ديهيا محمد العتروس بأبركان في صبيحة باردة شاهدته في أبهى حلّة. يخرج في وقار من منزلهم الكائن بإحدى الحارات المغربية العتيقة، يلبس طيلسانا أبيض ودُرّاعة خضراء ويعتمر عمامة مكوّرة تدلّت ذؤابتُها بين كتفيه ويحتذي حذاءً جلديا بنيَ...
وضع رأسه بين كفيه ، متكئا بكوعيه على الطاولة الوحيدة في الغرفة ، و سرح بخياله ينهب سنوات عمر نيف على الخمسين ، بلا زوجة، بلا أولاد ، استوقفته ذكريات غائرة في الزمن ، توحدت في لون يميل إلى القتامة ، حولها ، على غرار المؤرخين ، إلى محطات تحقيب لعمر بدا له كاللاشيء . ما أبسط بعضها لكنها تلح في...
«إن جمال الوطن في حرية أبنائه، وكرامتهم، ومادام أن المستمتع بخيرات البلاد هم جماعة من المتسلطين الذين استحوذوا عليها، وهمشوا باقي أبنائه، ويعيشون بدون حساب أو عقاب: عاشوا أمراء وماتوا أمراء، فهجرته أفضل، مادام أن أرض الله واسعة. إذ ما الفائدة من البقاء فيه وأحد هؤلاء قد هدد بإبادة الثلثين لصالح...
تطايرت أمامي متعمدة مسافة متر و متر آخر و أمتار أخرى كجرادة تائهة .كانت مجعدة و خضراء كخضرة الحقول، و كخضرة عينين أحببتهما يوما لما نبت زغب ذقني ، لكن خضرة أمعائي من جوع يومين كانت أشد . أجبرتني على رؤية كل الأشياء ضبابية الألوان و الأشكال . تطايرت الورقة الخضراء و تطايرت . لم تكن هناك ريح...
نظرت إلى جدّتها نظرة مرتاعة، بئيسة، كذلك الصباح المفجوع بفاجعة البطن المكور بعد ثلاثة أشهر قمرية.. فحصتها العجوز بلمسة واحدة بيدها المرتجفة، وصرخت فيها صرخة مكتومة: - من كان بك يا فاجرة؟ لم تفهم كلمة "فاجرة"، كانت غريبة عنها. ظنتها مدحا أو مزحة من جدتها العجوز، كافلتها بعد وفاة والديها...
في ليلة واحدة حلمتُ بثلاثة أحلام متتالية. كنت أخرج من حلم لأدخل في آخر. رأيتُ في الحلم الأوّل، وكأنّي أمشي فوق بحر من الرّمال بجسم واهن وحلق جافّ، أبحث بجنون عن قطرة ماء وسط السّراب. لمحتُ فجأة شجرة يتيمة وسط القفر تقاوم الموت. جريتُ إليها بما تبقى فيّ من جهد. حين وصلتها وجدتها شجرة اصطناعية،...
"ابتلعتني دوّامةٌ وراء الدّائرة القطبية، حيث يطول النّهار ستّة أشهر، ويطول اللّيل مثلها، وتشرق شمس منتصف اللّيل وتغرب رمادية اللّون على صقيع أبدي لا يرحم. هيّجت عشر سنوات من التّغرّب الصّبابة في قلبي إلى وطني. يَمْثُلُ طيفه أمامي كلّ حين شامخا كالطّود العظيم. كنتُ مثل طائر منتوف الجناحين. نظرتُ...

هذا الملف

نصوص
24
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى