محمد مباركي

أعياني المشي على الرصيف الطويل في ليل السعيدية الصيفي، بعد نهار قضّيته سابحا بين صفحات " مئة سنة من العزلة " . استهوتني رواية " غابرييل كارسيا ماركيز " . تمنيت أن تطول الرواية إلى ما لا نهاية. تموقعتْ قرية " ماكوندو " في داخلي ، تغلي fأحداثها وأبطالها كالمرجل. أعياني المشي، فجلست على الكورنيش...
قدمان رقيقتان كليلتان تحملان كبدا رطبا يستحقّ الإحسان، انغرستا في وحل الطّريق أمام محل شوّاء... فاحت في الجوّ رائحة لحم مفروم "ينشنش" على جمر متّقد. وصلت الرّائحة إلى دواخل الكبد الجائع، فسال من فمه المقرّح لعاب مرّ. نظر بانكسار إلى أسرة مزهوة بصغارها على مائدة الشّوّاء. تمنّى أن يكون واحدا...
في هذا الجزء من المغرب الأقصى ، أين تـُقـبل السهول أقدام جبال" بني يزناسن" ، و تسرح في انبساط واسع يمتد جنوبا حتى النجود العليا ، كانت يد المَخـْزن الشريف ( الحكومة ) قصيرة ، تاركة العباد يتقلبون بين مد "السيبة " و جزر الطاعة . الطاعة التي تفرضها " حركات " المخزن بالقوة لجمع الإتاوات الشرعية و...
عند قدم إحدى تلال الريف ، أين يركع التاريخ إجلالا لأقوام قالوا للطغيان في عنفوانه يوما، كلمة الرفض " لا " ، يبدأ سهل فقير ، ينتهي بخانق ضيّق لأحد الأودية السحيقة . هناك في مزرعة بدائية محاطة بسياج شوكي، بُني بيت ريفي معزول من الطوب و الحصى و التبن المسحوق ، صبغ بالجير الأبيض ،فبدا من بعيد كضريح...
تواصلت الكائنات عبر الأثير بصمت دفين ، و تغازلت بالإشارات و الحركات وسط هذه " الجنة الأرضية ".هكذا ورثنا التسمية الجميلة. تنتصب الأشجار الوارفة العملاقة، كحرس دائم ، تراقب القريب و البعيد متحفزة للدفاع عن نظام بيئي متوازن . بجذورها تسرح في أعماق الأرض ،تمتص عذوبة المياه ، قبل أن تخرج من ينابيع...
ظننته مصريًّا من لهجته طول المدّة التي قضّيناها سويًّا كمدرسين بثانويّة تأهيلية بمدينة جنوبيّة من بلادي حتّى قال لي يومًا: “أنا لست مصريًّا كما ظننتني يا صديقي، أنا من أب فلسطيني من “كفر الزّيّات” ومن أمّ مصريّة من “دمنهور”. عمل أبي في شبابه صائغًا بورشة أمين الصّاغة. أحبّ ابنته الكبرى. خطبها...
قصّ عليّ صديقٌ وفيٌّ قصة "زفاف" كلب مدلل يملكه ثري في إحدى المدن السياحية الساحرة من وطني.. وسقطت من كلامه سهوا، هويةُ ذلك الثري.. كان يملك كلبا من فصيلة نادرة.. ومن حبّه له أقسم بأغلظ الأيمان أن "يُزوّجه" من كلبة جميلة من فصيلته، فجنّد خدّامه للبحث عن هذه "العروس" السعيدة، مستعملا تكنولوجيا...
دخلت عليكِ المكتب شابّة في عمر الزّهور، كما كنتِ أنتِ قبل عشرين سنة مضت من حياتك المتعبة... دخلت عليكِ وفي عينيها وجع السّنين. أرسلها أحدهم يعرفك جيّدا. سألتكِ عن اسمك. حدّقتِ فيها مليّا مستنكرة سؤالها، وهززتِ رأسك، فتدلّت خُصْلَتُكِ كطرف غصن رطب. زادتك بهاءً رغم كونك قطّبتِ بين حاجبيك...
عمل هذا الضابط ، لمدة طويلة ، في مراقبة الناس و أفكارهم و أنفاسهم ، و اقتحم عليهم أسرارهم و غرف نومهم و نغص عليهم حتى أعراسهم و أعيادهم أيام الجمر و الرصاص . كلفوه يوما بتتبع أحد المشتبه فيهم ، فلبس الأسمال و أطلق لحيته و شاربه و جلس على قارعة الطريق، بيد يسأل الناس إلحافا و بعين يتلصص على...

هذا الملف

نصوص
24
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى