نمر سعدي

الكلمةُ هي روحٌ مستقلِّةٌ قد تنبعُ من وجدانٍ صادقٍ أو من تجاربَ عميقةٍ في الحياةِ، بعيداً عن ذاكرةِ الكتبِ و الدوائرِ العلميَّةِ. هي سلاحٌ ذو حدَّينِ لأنَّها ببساطةٍ الحربُ والسَّلامُ. والكلمةُ هي سرٌّ من أسرارِ الشَّاعرِ والأديبِ الفلسطينيِّ نمر سعدي المقيم في الجليلِ. ففي نصوصِ الشَّاعرِ...
(1) لا وقتَ لديَّ كيْ أقفَ أمامَ ابتسامتكِ واصفاً إيَّاها بأقلِّ عددٍ ممكنٍ من الكلماتِ لا وقتَ لديَّ كي أقفَ أمامَ صوتكِ الشبيهِ بتأوُّهاتِ الأشجارِ ولا أمامَ جمالكِ المسافرِ في الريحِ الخضراءِ كيْ أجمِّعَ من حبَّاتِ المطرِ عقداً لإحدى أميراتِ الغجرِ الفلسطينيَّاتِ فالحالمونَ دائماً مسرعونَ في...
(1) فتحتُ يدي للسنونو وعينيَّ للأزرقِ اللانهائيِّ (لا أقصدُ الأفقَ) قلتُ: سيمضي النهارُ وتذبلُ زنبقةٌ في الجدارِ فلا بُدَّ لي أن أغنِّي لأعبرَ هذا الربيعَ الخصوصيَّ لا بُدَّ لي أن أشبَّ عن الطوقِ.. طوقِ الحمامةِ كي لا أرى غيرَها في النساءِ وكي أتأمَّلَ قلبي بشبهِ حياديَّةٍ وهو يغرقُ...
1 هذه تأملات في عمل شعري للشاعر نمر سعدي، وليست دراسة نقدية. التأمل "استغراق ذهني، أو حالة يستسلم فيها الإنسانُ لما يَمُرُّ في خاطره من معان وأفكار...". ذلك بأن طبيعة وصايا العاشق هي التي أملت عليَّ أن أختار التأمل خاصة وأن أشجار العمر تقترب في خطوها من التمانين خريفا؛ لهذا لن يجد القارئ...
تنسلِّينَ بخفَّةِ المها من بينِ أصابعي وكالماءِ من شقوقِ قلبي تتركينَ الفراشةَ تخبطُ في العقلِ والطائرَ الطنَّانَ يضربُ بأجنحتهِ وجهَ البحيرةِ الصغيرةِ في مكانٍ ما من الجسدِ لأني نسيتُ أن أسألكِ وأنتِ تمدِّينَ يدَكِ إلى جهةِ الفراغِ بانكسارِ أميرةٍ فينيقيَّةٍ: هل كنتِ تريدينَ الإمساكَ بطرفِ...
قالَ طفلٌ: أريدُ سماءً إضافيَّةً كي أطيرَ إلى نجمةٍ من ورقْ قالَ آخرُ: أحتاجُ مصيَدةً لعصافيرِ هذا الربيعِ لأنصبَها تحتَ قلبي قالَ بحرٌ بعيدٌ: أريدُ التنزَّهَ خارجَ هذا المكانِ على ساحلِ البحرِ أو في كتابِ الحبقْ قالَ شخصٌ غريبٌ: أريدُ الرجوعَ إلى البيتِ أو قمراً مكتملْ ويدينِ اثنتينِ...
الصُعلوكُ ليسَ هو من خلا وفاضُهُ من المالِ والحُبِّ والسعادةِ الصُعلوكُ الحديثُ لديهِ بيتٌ وعائلةٌ وأصدقاءٌ طيِّبونَ جدَّاً ونباتاتٌ منزليَّةٌ يعتني بها كما يعتني بقطتهِ المدلَّلةِ كلَّ صباحٍ وتقريباً لا ينقصهُ أيُّ شيءٍ من متاعٍ الصعلوك كائنٌ غامضٌ مثلُ نهاياتِ القصائدِ وأحياناً هو حزينٌ بلا...
أرمي بقطعةِ نردٍ كلَّما عبرَتْ قربي مهاةٌ كخطفِ البرقِ أو أمضي إلى فراغٍ حياديٍّ يسيِّجهُ ملحُ البنفسجِ عن نفسي فلا أُفضي إلى تنهِّدِ قنديلينِ في يدِها ولا أفكِّر في ما قالَ زوجُ حمامٍ في الطفولةِ لي لكنني حينَ جاءَ الصبحُ قريتَها تركتُ قلبي ورائي.. فهو لا يُغضي * عن ظهرِ قلبٍ حفظتِ...
أنتِ زهرةُ قلبي وقلبي إناءٌ من الوجدِ أو ساعةٌ شبهُ رمليَّةٍ تدورُ عقاربها للوراءْ أنتِ دمعةُ قلبي التي تقطرُ الآنَ خلفَ القصيدةِ أو ما وراءَ حدودِ البكاءْ وقلبي إناءٌ إناءٌ إناءْ * تنقصني لغةٌ كيْ أقولَكِ ينقصني ألفُ فمْ لأشربَ صلصالَكِ العذبَ أو لأقبِّلَ ثغرَ الألمْ * خذي...
في النصفِ الأوَّلِ من آذارَ تدبُّ الروحُ الحلوةُ في كلِّ الأشياءِ وينبتُ لي قلبٌ آخرُ يتململُ في القفصِ الصدريِّ يحرِّضني أن أتركَ عملي اليوميَّ لكيْ أتسكَّعَ مثلَ السائحِ قربَ حدائقَ تغسلُها الشمسُ العُريانةُ أو قربَ البحرِ المتمدِّدِ كالعاشقِ في لوحاتِ رباعيَّاتِ الخيَّامِ وأن أغلقَ...
أُلملمُ ما تساقطَ منكِ فيَّ من القصائدِ والحصى المهتاجِ غربَ دمي وشرقَ ربيعكِ المحكي وأذهبُ في سرابكِ عبرَ بوَّاباتِ سيدوري وقلبي مثلُ أجراسِ البنفسجِ يجمعُ النمشَ الـمُنوِّرَ أو دموعَ يمامةٍ سوداءَ لا مرئيَّةٍ تبكي وراءَ نحيبِ شَعرِكِ في يديَّ.. تفتِّحُ النارُ زنابقَ مقلتيكِ على عيوني.. يا...
كانَ الروائيُّ الفرنسيُّ مارسيل بروست يهتمُّ بالتفاصيلِ الدقيقةِ جداً وبالجزئيات الصغيرةِ وهو في غمرةِ كتابةِ روايته الخالدةِ (البحث عن الزمن الضائع) حتى أنَّ بعضَ نقَّادِ الأدبِ الغربييِّنَ قالَ ما معناهُ أن بروستْ يستطيعُ أن يكتبَ صفحاتٍ كاملةً في وصفِ غرفةٍ أو حتى في وصفِ جزءٍ منها.. كذلكَ...
كلَّما قالَ لها: أحبُّكِ.. تقول لهُ: كيفَ تحبُّني يا رجل..؟ والأخرياتُ ما هو محلهنَّ من الإعرابِ؟ يقولُ لها: كلُّ امرأةٍ سواكِ مجرورةٌ وأنتِ مضمومةٌ هذا الرجلُ يهذي مثلَ نرفال وكلابُ كافكا تركضُ خلفهُ والعواصفُ تسكنُ رأسهُ *
سندريللا التي عبرَتْ بابَ قلبي بغيرِ حذاءْ أقصدُ امرأةً في الثلاثينَ من عمرها عبرَتْ بابَ شرقي وجرَّتْ وراءَ فراشاتها كوكباً حافياً كالغزالِ وعشرينَ بحراً وسبعَ عواصفَ.. أقصدُ سيِّدةً أنجبتْ وردتينِ على حدةٍ كلَّما مسَّتْ الماءَ أصبحَ خمراً وإن مسَّتْ الآثماتِ توضَّأنَ بالملحِ من دمعهنَّ...
فمُكِ الأرقُّ من القصائدِ كلِّها ومن انبلاجِ الماءِ في الماوردِ والأحلى من النثرِ الحزينِ أو المدوَّرِ والأشفُّ من الأنينِ ومن زهورِ الشايِ والليمونِ والأعلى سماءً في مدارِ القلبِ والمنحوتُ من ماءِ النحيبِ الصلبِ والمقدودُ من وترِ الغوايةْ من أيِّ بحرٍ جاءَ كالعصفورِ لي يا نونُ؟ بل من أيِّ...

هذا الملف

نصوص
109
آخر تحديث
أعلى