نمر سعدي

في مكانٍ بعيدٍ وفي غرفةٍ باردةْ تعتني بتفاصيلِ زينتها بالكتابةِ أو بالبيانو القديمِ.. بفستانها الأزرقِ اللونِ بالأكاليبتوسِ أو بزهورِ الزجاجِ بيأسِ شوبنهاورٍ وبأشعارِ هايني وبالذكرياتِ بألبومها وهيَ ناحلةٌ كالفراشةِ في شهرِ نيسانَ بالزعفرانِ المجفَّفِ فوقَ الرسالةِ والوجعِ الافتراضيِّ.. كلَّ...
تلتقطُ الحَبَّ عصفورةٌ من يدي مثلما التقطتْ كاميرا صورتي بغتةً لأرى رجلاً قلقاً لستُ أعرفهُ وامرأةْ ينظرانِ بحزنٍ عميقٍ إلى لوحةٍ في الجدارِ يقولانِ من غيرِ أن ينْبسَا: يا لهذا المساءِ الذي نحنُ فيهِ قطارانِ من دونما وُجهةٍ وصدى غامضٌ لنداءِ الشرايينِ... يا حبُّ.. يا سرَّ شهوتنا المطفأةْ يا...
لا شيءَ أكتبُهُ هذا المساءَ ولا خصرٌ لأُسندَ ديواني عليهِ غدا لا ماءَ في الوقتِ لا وردٌ على قمَرٍ قطفتُ لامرأةٍ حتى تمُدَّ يدا لنا اصطفاقُ الأيادي خلفَ واجهةٍ من الزجاجِ.. بنا جرحانِ واتَّحدا لنا حزيرانُ.. نجماتُ البحارِ لنا والأغنياتُ.. أنا صوتٌ لها وصدى نزعتُ أنهارَ هذي الأرضِ عن جسدي يومَ...
القصيدةُ في شُغُلٍ عنكَ إمَّا تنامُ الضحى كلَّهُ وإمَّا تقومُ مبكِّرةً لحقولِ الندى كيْ تشرِّعَ شبَّاكَ غرفتها وتلوِّحَ للطيرِ أو لتناولَها القمحَ من فمها أو لتسقي الزهورَ الصغيرةَ في أُصصِ النافذةْ وتمشي على ساحلِ البحرِ أو تعتني بالحديقةِ أو بالبحيرةِ أو لتعدَّ الفطورَ لأولادها أو تثرثرَ مع...
كالماءِ كنْ كالماءِ لستُ بشاعرٍ يهذي ولكن هكذا شخصٌ يقولُ لآخرٍ في الفيلمِ: كنْ كالماءِ يا هذا أخفَّ من النسيمِ ومن حبيباتِ الهواءِ.. لعلَّهُ بوذا أو بروسلي... أقولُ لطائرٍ قربي: أنا لا شيءَ يعنيني سوى حَدْسي.. كالماءِ كنْ كالماءِ يا جسدَ العبارةِ كنْ أنينَ قصيدتي الحسِّي لأكونَ صوتَكِ في...
إبتعدْ لأراكَ وأشتاقَ لكْ وانطفئْ لتشعَّ على ساحلي واقتربْ من نهاري الوحيدِ لأصبحَ ظلَّاً لأركاديا في الجدارِ أو امرأةً في المجازِ المفخَّخِ أو شجَرَاً فائضاً عن يدَيكَ كما فاضَ عن جسدي قمرٌ بابليٌّ وعنكَ الفلَكْ *
في يفاعتي كنتُ أعلِّقُ صورةً لمادونا على بابِ خزانةِ ملابسي.. امرأةٌ تشعُّ على كواكبَ قلبي الليليِّةِ.. يجلِّلها حزنٌ ناصعٌ وجمالٌ ورديٌّ وأشياءُ أخرى.. كانَ ثمَّة رجلٌ بلحيةٍ شقراءَ يستندُ إلى يدها وتحتَ الصورةِ قلبٌ أحمرُ بسهمٍ أبيضَ على طرفٍ منهُ حرفُ الألفِ.. كنتُ قبلَ الذهابِ إلى المدرسةِ...
هل التنصُّلُ من خطوي ومن خطأي يكفي لأنسى؟ وهل لو فيكِ من حَبَقي شيءٌ.. يطيرُ دمي مثلَ الغبارِ..؟ وهل لو صخرةٌ بفمي تصيرُ وردةُ هذا القلبِ منفضةً لما يخطُّ النهاريُّونَ في الحدَقِ؟ كم شاعرٍ جاءَ من قبلي.. كم امرأةٍ يمشي بها القمرُ المجنونُ للغرقِ تنسلُّ من وشمها كي تقتفي أثَري فراشةٌ.. في غيومِ...
يقولُ الشتاءُ لسيِّدةِ الأربعينَ وشاعرِها: ناولا حبَّةَ القمحِ عصفورةً جائعةْ واقطفا كرزَ الحُبِّ من جنَّتي واحملا سلَّةَ الليلكِ الأنثويِّ وطوفا على الأرضِ.. لُمَّا غبارَ السنينِ بعينيكما واتركا في العظامِ مساميرَ بردِ الصباحِ وقولا: نحبُّ الشتاءَ ونكرهُ بردَ كوانينهِ فيهِ نكتبُ أحلى القصائدِ...
أقولُ لناقدِ الايقاعِ: خمسُ نوارسٍ أو خمسةٌ عندي سواءٌ.. إنَّ حارسةَ السنابلِ والندى أنثى فأنِّثْ ما تشاءُ البحرَ قوسَ الليلِ لبلابَ البحيرةِ كاحلَ الوردِ أقولُ لمن تقولُ: أكتبْ قصائدكَ القصيرةَ فيَّ... كيفَ بمعزلٍ عن كلِّ ما في القلبِ منكِ قصيدةً لقصيدةٍ أُهدي؟ *
لو تأمَّلتَ دمعَ الغيومِ الخفيفَ لعشرِ دقائقَ قبلَ الخروجِ من البيتِ كنتَ وجدتَ القصيدةَ أو أختَها صُدفةً في الطريقِ.. فراءُ الثلوجِ على كتفيها وضحكتُها في الحقولِ وفي قلبكَ الجمرةُ الناصلةْ لو لمستَ فراشةَ هذا النهارِ لفاضَ الصدى من يدِ امرأةٍ ولضاقتْ بنفسجةٌ في سياجِ القرى باشتهاءاتها الناحلةْ *
ثمَّةَ مطرٌ خصوصيٌّ في قلبي لا يشبهُ هذا المطرَ وقصةٌ لن تُروى إلاَّ على ضوءِ دمعةٍ من رخامٍ ثمَّةَ شاعرٌ ينظرُ في صندوقِ قلبهِ فلا يرى سوى وردةٍ من دخانٍ ثمَّةَ عاشقانِ يجلسانِ في مقهى على البحرِ ولا يتبادلانِ سوى الابتساماتِ الغامضةِ ثمَّةَ بحرٌ يهدرُ في صورةٍ على الجدارِ لا يعرفُ كيفَ يخرجُ...
لا بدَّ من ماءٍ لآخرِ نجمةٍ نبتتْ كزهرِ الملحِ في ندَمِ الثرى لا بدَّ من عطرٍ سماويٍّ لكي يرمي على وجهي القميصَ لكي أرى لا بدَّ من نثرٍ تربَّى في يدٍ كحفيفِ أغنيةٍ وعاشَ على السُرى لا بدَّ للعنقاءِ في عينيَّ أن تخضرَّ ثانيةً وتُشعلَ مرمرا لا بُدَّ من صلصالِ (وردٍ) صُبَّ في كأسٍ ل (ديكِ الجنِّ)...
أُحدِّقُ في بؤبؤِ العينِ أو في يدي مثلَ عرَّافةٍ فأرى وجهَها أحدِّقُ في خرزِ الليلِ أو في نجومِ النهارِ وفي وَحمِ القلبِ أو سدرةِ المنتهى أُحدِّقُ في الشِعرِ أو في فواتيرِ هذي الحياةِ وفي قلقي الهشِّ من كلِّ شيءٍ وفي أوجهِ الناسِ أو في سرابِ المها أُحدِّقُ في النقدِ حينَ يقولُ: أما آنَ أن...
مُذ كنتُ أفسدَني جمالُكِ فانجرَرْتُ وراءَ قلبي وانحدَرتُ من الفراديسِ المضاءةِ بالجمانِ وهِمتُ في وادٍ بغيرِ بصيرةٍ أو نمتُ كالضلِّيلِ يوماً فوقَ دربِ الرومِ أو أُدرجتُ في الصندوقِ لمْ أتركْ سوى شبحِ القصيدةِ في قرارِ البئرِ وانسلَّتْ يدا قلبي هناكَ من التماعاتِ السيوفِ ومن دبيبِ الجندِ...

هذا الملف

نصوص
109
آخر تحديث
أعلى