عبدالعزيز دياب

أنا أعرف أن المانيكان لونه رملي، كما أنني أعتقد أن هذا لونًا مناسبًا لكن الآخرين اختلفوا معي، كل ما يهمني هو أن للمانيكان وظائف محددة: أن يقف شامخًا داخل الفاترينة ولا ينتظر شفقة من أحد لطول وقفته، ألا يحفل بكل ما يدور حوله من مهاترات، أن يوافق على اختياري لما يرتديه من ملابس. ما حدث أن رجلا...
هو عندي حامل القرابين، رغم أنه كثيرًا ما كان يحمل صينية القهوة، يخرج بها بكل حماس من حجرة صغيرة يسميها أهل المكان "بوفيه"، رشيقا يتفادى الآخرين، يخطو كأن الأرض تنسحب من تحت قدميه، ينقر الباب المصقول المغلق بطرف سبابته ويدلف، يضع فنجان القهوة بحرص ويده مرتعشة تمسح بسمته المتواضعة بحركة محسوبة،...
الألقاب الطيبة لا تلتصق إلا بمن يستحقها، وأنا استحق لقب مهاتما، لذلك كانت أمامي مهام كثيرة، دخلت دكان الحلاق وأنا أهتف هتافا حماسيًا : أنا المهاتما رامز...! لم أجد من الحضور الكريم زبائن الحلاق إلا نظرات بلهاء وأفواه مفتوحة، تركوني أردد هتافي دون أن يسألني أي واحد عن معنى كلمة مهاتما التي...
أستطيع أن أقول إنني كنت الولد المدلل صاحب اللثغة المحببة للجميع، اليوم أنا صاحب الخيال الجامح، والشطحات، والرسومات الساخرة لأشخاص العائلة، قلت في نهار شتوي وأنا ممتليء بالحماس أبدأ بعمتي، حبى الشديد لها، وقطع الشيكولاته، وحكايات "الغول والأقزام السبعة" لم يمنعوني عن رسمتها بأنف عظيم يسع كمية...
لم تكن الشقة لتربية الثعالب، ثلاث حجرات، وصالة، ومطبخ، وحمام، وشرفة لا تصلح لمهمة ثقيلة كهذه، إنما الجدران لتمرح عليها ثعالب في مروج وبرارٍ موحشة، مفعمة بتضاريس شرسة، داخل أطر مُذَهَّبَة ومُفَضَّضَة، يأتي بها الزوج المغرم بمكرها من معارض ومحلات أنتيكات، وإذا شحت من السوق يكلف رَسَّامين باستحضار...
في كل الأماكن يطاردني هذا الاسم، يتعقبني كلعنة، اليوم وأثناء طابور الصباح لم يجد مدرس التربية الفنية موضوعًا للحديث عبر الإذاعة المدرسية غير "سلفادور دالي"، وكان المدرس قد دأب على تقديم شخصية فنية كل أسبوع خلال فقرات برنامج الإذاعة، وكان سلفادور دالي هو شخصية هذا الأسبوع ... ألم اقل إنه يترصدني...
إلى "أيسِلْ علاء" وَضَعْتُ رُخَامَة في واجهة بيتي كتبت عليها فيلا "عبد العزيز دياب" صاحب الفيلم الحاصل على أوسكار 2018م الناس في الحى الذى أقيم فيه لم يعجبهم أن أطلق على بيتي المتواضع كلمة فيلا، وأعجبهم كثيرًا أن أكون صاحب الفيلم الحاصل على أوسكار 2018م، لذلك اشتبكوا معي في حوارات...
"مخيمر علوان... مخيم..." همس لنفسه بهذا الاسم، راح يلفظ به بطريقة مسرحية فجة، تحسس الحروف الفخيمة وقفز في مكانه ملوحًا كأنه اكتشاف، ذلك هو الاسم الذى ارتضاه ليكون الراسل الوهمي لخطابات يرسلها لنفسه بمعدل ثابت، كل أسبوع رسالة ممهورة بالاسم الكريم. كان ذهابه إلى مكتب بريد "العباسية" ليؤكد...
نِسبة إلى الأستاذة " نرمين مَرْعَشْلي" أعلنت وسائل الدعاية: الملصقات بالشوارع. الجرائد. المجلات. القنوات الأرضية والفضائية، عن انتظار صدور التحفة النادرة، والجوهرة الآسرة، الفيض الغامر، والعلم النادر، ألا وهو كتاب "الطريقة النرمينية" لمؤلفته الأستاذة القديرة، الفقيهة المتفقهة، الواعدة الرائدة...
أمر عادى أن تنزلق قدماي، أو أفقد اتزاني فانطرح أرضاً... قشرة موز، أو حفرة خبيثة، أو حجر تقذفه يد شقية إلى عرض الشارع، فتتشكل لحظة البداية للحدث المأساوي والمضحك في آن واحد... لكن أن يسقط جسدي سقطة مفاجئة وتفشل كل محاولاتي في أن أقف على قدميَّ لأدب بهما على الأرض مرة أخرى، أن أشعر أن جسدي أصبح...
وضعني بورخيس في واحدة من متاهاته.... هذا نتيجة نصائح راوي القصة التي كنت بصدد كتابتها... كعادتي هيأت طقوسي الغرائبية للدخول في عوالم الكتابة، وما وراء عوالمها، أعلاها وأسفلها، ظاهرها وباطنها. لا أعرف... هل كانت طقوسي هذه بكل ما تكتنفه من جنون وغرابة هي التي استدعت الرجل... هل كان...
اللون الأحمر للقرصان كان شرطي الوحيد، تماما كما لون عين الغولة، فقد سمعتهم ذات مرة في مجلس أبى يقولون عين الغولة حمرا، كانوا يقولون ذلك ويقهقهون، رغم أنني لا اتفق مع طريقتهم هذه في الحديث، إلا أن أبى حقق رغبتي وأتاني بالقرصان الأحمر، المهم أنني أريد أن أخبركم بأن القرصان الأحمر طيب على غير ما...

هذا الملف

نصوص
12
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى