ديمة محمود

سألتَني أن أعود هـأنذا عدتُ يا حبيبي ولمّا نعد أحثو نخالة أسناني في حلق قصيدتنا اللّبنية في عنق زجاجاتنا ورملها في الزّبد والعجيج وانفراط المعجزات أشذّب عينيّ علّ السكّة تتّسع ولا تطول فأصير مؤهّلةً للطّواف والكرّ والفرّ وأبدّل حذائي مع سندريلّا ليس خديعةً ليلحق بنا العسَس لكنّ الميادين قد تُرخي...
حائط الصبيّ الذي ربط التاريخ من ذيله وراح يجرُهُ كعربةٍ زائدةٍ عن الحاجة أو يكوّره؛ ليصبح "كُرة شرَاب" يلهو بها مع رفاقه تصّاعد من رأسه الأحلام بهيئة طائراتٍ ورقيّة وحيتان زرق وتنفتح رأسُه نافورةً من الأمنيات وكؤوسًا للمونديال. البنايات الضخمة وسط المدينة تعرف أنَّه لن يعيش طويلًا كلُّ سربٍ...
هسيس مارد النّهايات التّترى الّتي تطير في موسم الحصاد لم تنتظر الشّعانين ولم تتريّث حتى يلد النّخيل الببّغاء ويستظلّ المتعبون بفيء ما تطاير من طلْع هنا خطوه، همُسه، شكواه قلمه وعنوانها هنا هنا جيوب الذنوب والرزايا والخوذات هنا حفرَ الخنادق ليخبّئ الأحراش من التّنّين والغزلانَ من قيظ الوحشة...
لأنّ العناقيد لا تأتي فرادى فإنّني أصدّق _ وجِدًّا_ أنّ أحذيتنا ستحملنا في المسير بعد أن تهترئ سنمشي بها خفافًا أو ثقالًا في سراديب تائهة قد يأخذنا نحيبُ وردةٍ سقطت من كتاب حبيبة نحو الطّريق أو خرقةُ رضيعٍ رموه في رصيف الأخطاء أو مجدافٌ في ضفّة ينتظر اليوم الّذي لا يجدّفُ فيه العاشقان نحو نقطةٍ...
سأعدُّ قهوتنا من ريش الغربان لتكون حالكةً بما يكفي لظلام الغرفة قد نلطخ بها جسدينا بلا هوادة حتى لا نبغي فكاكاً أو أتخذها تعويذةً كي لا يأتي النهار سأجرّبها كأحمر شفاهٍ أطبعه على شفتيك ثم نحتفظ بنسخٍ غير قليلة لشفاهنا على المرآة سأرسم شجرةً في الحائط المقابل للنافذة وبأطراف أصابعي سأسحب أغصانها...
أحبّ وجهي الّذي يعيدني سيرتي الأولى ويمهّد الفخاخ لعثراتي وجهلي وجهي الّذي يُتأتئ اللّغة ويثني القواميس وينكث الأبجديّات والمعابر ويعلّق الأسفار من أنوفها ويهدّد السّلم الأهليّ والتوتّر معاً أحبّ سذاجته الّتي تورثني عدم الاكتراث حتّى بفقاعات الصّابون وبقع الزّيت لن يكون خبيثاً على الأرجح...
العائدون من الحرب يتخفّفون من الظّلّ والروائح لا يكفيهم جذعٌ ينتصب على حافّة ليلٍ ولا شهدٌ يقطر من وردةٍ ضاعت في الزّحام كانت الفراديس تعيث في تخوم دبّابةٍ آن انتفضنا وما من سبيلٍ فشربنا ماءينا لم يلتفت الحادي ونحن نعيد أجزاء "البازل" من التّراب عنوةً كلّ مرّة هل كانت ذراعه مبتىورةً فباغتَ...
لا نشبه هذا العالم المصفّحة التي تتّربص بنا تغسلنا قبل أن نتعرّى هذا الرُّكون لا يعني كثيراً ونحن نفقأ عين العالم بإبرة العالمُ الذي يقفز كمهرّجٍ فرحان هو نفسُه الذي يصوّب رؤوسه النّوويّة والنابالم في مقتل بينما تحجل الانتهازيّة في أمعائه بلا ريبةٍ أو تردّد. ماذا سيحدث يعني لو استبدلنا نصفينا...
في عيد ميلادكَ الخمسين/ يلوّح المراهقان لي يتعانقان خلف جدار البستان/ يسرقان الوقت ويلعبان “الاستغماية”/ يأكلان السمسمية بجانب “الدفلى”/ شريطٌ سينمائي يهش “الرّجلة” في رأسي. * ريقُكَ الأول/ وشفتاي الطريّتان/ الدوّار الذي انتابني وأنا أغوص فيك/ كفّكَ التي تسري كهرباؤها في كفي/كلما تذكرتُ عناقهما...
هل كان من حقِّ الصيف أن يُطيل الغياب/ ويتركَنا لِجحيم الصقيع/ أمْ أنّ الرحى التي انشغلت بِدكِّ الجثث/ أصرّت أن تنظفَ حجارتها بِسحق ما تبقى من مفاصلنا. * هل كان على العين أن تقاوم المخرز/ أم أنّ ثوب العرس الأبيض كان باهظ التكلفة/ وكان الكفنُ أقربَ منه. * هل كان من حقّ الصيفِ أن يماطل في مِشيته/...
لستُ بخيرٍ أبداً/ ألْضمُ نقطة المسافة بين الخطيئة والهاوية/ أقضم الفراغ الذى وصَلنى بالاتزان/ بل بتمثُّل الاتزان/ لا أبلعُه/ يلتفُّ على حنجرتى/ فَـأشدّه بِصرامة/ أسحبه بِملقط فراغٍ/ «مَسكرةٌ» من خواء وشوك تشده معى. * هل كان عليها أن تعيش لِتموت/ هل كان عليها أن تصعد وتهبط لِتهوى/ أم كان عليها...
على وجه الماء/ تكسّرت جديلتي/ ضمّها نورسٌ أوحد/ وطار بها إليه * أنا البحرُ ضيّع ظلَّه/ فَغوى في التِّيه/ وغرق من لُجة * في رُدهة الطحلب/ هذا البحر لي/ يشدّنا إليه/ فَيغرق لسانُه * والزبَد خطيئة البحر/ وشهوة القاع/ تُعمّدُ الرمل/ فَيولد شاطىء * والزُّرقة شبَق اللون/ تقذف الطحلب/ في رعشة محراب...
كَفراشةٍ نيّئةٍ أُحلّقُ في بيتي/ وقتي الذي أقضيه في المطبخ أقطع بالسكين جزءاً منه للشِّعر وراء الستارة/ لا يعلم أحدٌ أن ثمة قصيدة انسكبت مني وأنا أغسل الأطباق/ وأن إعصاراً من الكلمات اجتاحني وأنا أطهو البامية/ أحياناً لا أجدُ تفسيراً لهذا الزخَم الذي يعتريني وأنا أشوي السمك/ كَالبنْدول تتردّدُ...
قلبُ النسر الذي سقط أمس/ لم يَكُن له / كان حمامةً طافت على العرش/ عبّأتها رماحُ خريطةٍ/ دمٌ صخر/ صكّتها كمّاشةُ شوكٍ/ فرَمتها سياجاتُ الريح فَـهـوَت! *نيوتن الثالث لا يزال حيّاً/ عادت عرجاءَ/ بِـمخلبٍ وثلاثةِ مناقير/ تتوكّأُّ جبّانةً وتسعلُ فوق صليب/ نعم ـ ماتت الحمامة/ تمسمَرت في جَوقةِ تفاحٍ...
كَغيمةٍ تمور / يكتم مطره/ ثم يسكبُه دمعة. * نهران لِشجرة/ يَعبران الزمن/ بينما لا تزالُ تتكىء عليه. * أُسقُفٌ بِمنجل/ رماه في البحر/ واعتنق التراب. * طحلبٌ عجوز/ في مستنقع ضرير/ يلفِظُ الدرَن والضفادع. * عبّادُ شمس/ يصلي بِقــنّـيـنة/ فَيحرك الشمس تجاهه.

هذا الملف

نصوص
31
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى