إيهاب الورداني

وشوشت له.. فرشت الابتسامة وجهه .. تمددت حمرة الخجل .. كست الوجه الصبوح فاختلط اللونان الأبيض والأحمر في مزيج ساحر .. أعادت ما قالته في نظراتها .. أحس أن الموقف لا يحتمل الهذر .. قال بصوت خافت ممتطيا صهوة الجد : ـــ خلف الخيمة .. أى مكان .. يمكنك الراحة . بدت المدينة الحبلى بناسها على غير ما...
حدق في صفحة السماء وقال : انظر.. اعتدلت .. صوبت عينى هناك : براح لا نهائي كابي اللون تغوص في قيعانه قطع صغيرة متناثرة في حجم حبة العين .. دهشتني اللحظة .. كأنها المرة الأولى التي أبحر فيها وحدي .. قلت ماذا ؟! قال : كل هذا البراح ونموت خنقا . قلت له : هذه مشكلتنا . أشعل سيجارة ونفث نفسا عميقا ...
حين طلبت منه أن يقابلها أحس كأنما يد خفية ترفعه إلى أعلى .. أعلى حيث عيناها، فيتمدد ثم يتمطى ثم يتقلب يمنة ويسرة .. يدقق النظر : بنطلونه اللبنى ليس لائقا .. بنظلونه الرمادى الصوف رغم قدمه ، أفضل لهذه المقابلة . مد يده والتقط البنطلون وقربه من أنفه تسللت عبر مسامه رائحة نفاذه ، حملت كوامن...
يحدث لك ، إذا كنت متزوجا مثلى ، ومن قريتى ، وعائدا كما أنا من تلك التى تسمى .... خالى الوفاض : أن تضيق في لحظة ما من ساعة ما في يوم ما . تنقبض. ثم تختنق . ثم ، قبل أن تصل إلى درجة الغليان ، تؤثر راحة الدماغ والإذعان في صمت لآخر يسحبك .. يخرجك .. يرميك في الفراغ . تحملق في العتمة . يقشعر جسمك من...
ما أن أغلقت الباب وراءها حتى بدأت في خلع ملابسها .. بأن جسدها أكثر نحولا مما كان عليه .. رفعت حاجبيها متفحصة الوشمة على نهدها في المرآة .. قالت بصوت طرى : هل صحيح أنا نحيفة .. يقولون ذلك ؟! كنت مستلقيا على ظهرى، عاقدا يدى تحت رأسي .. أحملق في السقف تارة وأخرى في عيون العصافير المتحفزة فوق ضلف...
من بين أعواد البوص وحشائش الحلفا أطلقنا عيوننا للبر الثاني : غربان هائلة تكوم التراب ، نسور ممسوخة صفراء وخضراء ، تروح وتجئ ، ترمى أشياء ، وترفع أشياء والجو مخنوق بالتراب . ثمة آخرون يشدون أسلاكا شائكة بمحاذاة الطريق . عند شجرة السنط العتيقة كشك خشبي صغير ، وأمامه برميلان من الصاج مدهونان ، أبيض...
دفعتني خارج دائرة الماء المتساقط واتخذت مكاني .. انكمشت للحظة ، وسرعان ما عادت لما كانت عليه .. فرسا تصهل وتتراقص ، ردت غضبي ببسمتها المبللة وبيدين أحاطتا عنقي في ضمة ليست طويلة .. ففكرت أن أشبع نظري بما قد أرى .. جلست مكاني .. كما أنا مفترشا البلاط .. بين الحين والحين تنالني بعض القطرات...
شق طوفان الزحف – في مهابة – سكون الشوارع الخالية .. في المقدمة جثمان مسجي – فوق الأذرع – في أسمال ملونة.. سوداء ، وبيضاء ، خضراء ، حمراء .. بانت السماء كعادتها حزينة .. كابية اللون .. حامت بعض الطيور – في جماعات – فوق الركب الصامت .. ارتفعت قليلا بعد دوى طلقات بعيدة .. في انحناءة الشارع المفضي...
هزته للمرة الثانية . ولما تقلب في نومته قالت بصوت خنقه التعب : الساعة كام ؟ مد يده إلى : الكمودينو " .. تحسس موضع ساعته حتى وجدها بأقل ما يمكن أن يرى رمش بعينيه : الساعة واحدة ونص . طرحت يديها خلفها واتكأت عليهما .. مدت رجلها اليمنى ، عادت ولمتها تحتها .. فردت اليسرى .. جزت على أسنانها ...

هذا الملف

نصوص
9
آخر تحديث
أعلى