مي عاشور

لو كانت هُناكَ حياةٌ أُخرى، لوددتُ أنْ أكونَ شجرة أقفُ إلى الأبد، بهيئة غير حزينة ولا مُبتهجة نِصفي ساكنٌ في التربة، والآخر يتَطايرُ في الرياح نصفي ينثِرُ ظِلاً رطِباً، والآخر يستحِمُّ في ضوءِ شمس غايةً في السكون، غايةً في الفخر. لا أتكئ على أحدٍ أبداً، ولا أسعى وراء شيءِِ قَط. . لو كانت هُناكَ...
إذا فقد المرء والديه يصير يتيمًا، بغض النظر عن سنه. ينهار معهما الباب الذي دخل منه إلى هذه الدنيا، وحاجز خروجه منها. عندما يكون الأبوان على قيد الحياة، يكون درب حياة المرء الذي يمضي فيه قدمًا واضحًا أمامه، ويصبح طريق خاتمته مشوشًا. وعندما يرحلان، يصير طريق حياته غامضًا مبهمًا مع مرور الوقت،...
قد اجتزت‮ ‬أمورا هائلة‮ ‬في حياتك،‮ ‬ولكنك لا تدري‮. ‬ عندما كنت تبلغ‮ ‬خمس سنوات من عمرك،‮ ‬جريت علي والدك لتستقبله وهو عائد من عمله،‮ ‬ودون أن تنتبه وأنت تجري تعثرت وسقطت علي وجهك،‮ ‬ولكنك لم تُجرح‮. ‬لم تدر حينها،‮ ‬أن‮ ‬في نفس المكان الذي وقعت فيه،‮ ‬علي بعد‮ ‬اثنين سنتي متر بالتحديد،‮...
دائمًا ما يعتبر الناس التواصل نوعًا من القدرات، لكنهم يتجاهلون كون الوحدة مقدرة أيضًا، بل وأنها عند معنى بعينه تعد مقدرة أكثر أهمية من التواصل. لا شك في أن عدم البراعة في التواصل هو شيء مؤسف، وعدم تحمل الوحدة ليس ضروريًا أن يكون نوعًا من القصور الشديد. إن تحمل الوحدة هو نوع من القدرات، صعب أن...
أعلمُ أن الطرق المؤدية إليكِ مسدودة، كما أنكِ لم تحبيني يومًا ما. كم نحن قريبون وتفصلنا فجوة؛ البشر، البيوت، كالجدران بيننا. استيقظت مراراً، وكل ما فكرتُ فيه هو أنتِ، فيكِ وحدك، وفي عينيكِ. أنتِ آخرالنساء، أنتِ حياتي ومماتي. لم أعد إنسانًا منذ أن وقعت في هذا البؤس. أركض مثل كلب هنا وهناك هذه...
كأن لا شيء يمكنه إيقاظ الصمت الموجود في داخلنا. لا كلام، ولا كلمة، ولا ثمة شيء. العيون، أحضروا العيون. هكذا نتفاهم، ولا شيء سوى ذلك. ورقة الشجر التي تلمس ورقة أخرى تكون قريبة للغاية، ولينة جداً. اليدان، أحضروا اليدين. أقول، إن الحب في عصرنا هو مقاومة شيء ما، فلنوحد ظلّينا إلى ظلّ واحد، ونطلق...
لا تسألني من أين جئت، فمسقط رأسي في مكان بعيد. لماذا أنا شاردة؟ شاردة.... شاردة إلى بعيد؛ من أجل الطيور الصغيرة المحلّقة في السماء، والجداول التي تتدفق بخفة وسط الجبال، ومن أجل المروج الواسعة؛ أشرد إلى مكان بعيد. وكذلك أشرد أيضاً، من أجل شجرة الزيتون الكامنة في أحلامي. لا تسألني من أين...
(1) بوسعك أن تكنس كلَّ شيء، ما عدا الخريف. يمكنك كنس كل شيء؛ ولكن لا يمكنك كنس الخريف. مستحيل أن تتصور، كم أن الوحيد يكنس، خريفًا طوال الوقت. (2) تَحترق، نظرات الوحيد، الباردة، في مدفأته. في مصباح الوحيد، نور موجه للظلام، خافت ويرتعش. ونافذته، منغلقة على الخارج، وبابه موصد على الداخل. (3)...
إن ليل وصباح مدينة ما ، يحكيان قصصًا مغايرة تمامًا. عندما نظرت من أعلى المبنى ، رأيت أنوار مدينةتشانغ تشون المبهجة،مما دفعني إلى السير فوراً في شوارعها، لاكتشاف تلك الحكايات التي تنتظرني هناك. مدينة تشانغ تشون تقع في مقاطعة جي لين ، شمال شرقي الصين ، وهي عاصمة المقاطعة وتعد مركز الدائرة...
(1) الإنسان غريب الأطوار حقا، عندما يكون في غرفة أو مكان صغير، يسرح عقله في عالم الخيال ويهيم فيه طولا وعرضا، لكن حينما أكتب مذكرات أسفاري المتنوعة إلى الجبال الشاهقة المشهورة والأنهار الممتدة في كل بقاع الأرض، كانت هناك دوما بعض النقاط المبهمة وغير الجلية، ثابتة أمام عيني، ربما كان رجلاً...
ما سأحكيه اليوم مجرد قصة حب، حول شاب رحل وهو في الثلاثين من عمره، انقضت ثلاثة عشر عاما من الحب، وكان ذلك الشخص هو زوجي. اسمه الأسباني خوسيه، اخترت له اسم "خه شي 荷西" ليكون اسمه الصيني. في الحقيقة، جاء اختيار هذا الاسم لسهولة كتابته. ولكن إذا كان قد عرفه الجميع شخصيا، لا بد أنهم كانوا سيجمعون على...
عندما أفكّرُ فيكِ، تَسْخن في داخلي حصاةٌ، يأتي طيرٌ، ويهبط على حافّةِ قلبي، تتفتح زهرة خشخاش منثور(1) فجأة، وأخرى تَنزف خلسةً. *** عندما أفكّرُ فيكِ، تتزيّنُ شجرةُ برقوقٍ بأكملها بالأزهار، وتبدأ في الدوران كالمجانين؛ وإذ تدور، تتساقط منها الأزهار... زهرةً زهرةً؛ تتقلّص وتصغر وهي...
كانا يتقدمان بخطاهما في الشارع، دون أن يتجاذبا أطراف الحديث. وكانت الضوضاء المنبعثة من السيارات عالية صاخبة. حان موعد الغداء، فقالت الصبية: “لا أريد أن أتناول الطعام، لست جائعة”. دخلا إلى مطعم، وجلسا في إحدى زواياه، أخذا يتأملان الشمس الساطعة، والشمسيات الحمراء المارة في الطريق، والمبهرة للنظر...
هذه قصة حقيقية.. كانت هناك فتاة ساحرة الجمال من عائلة كريمة تعيش في قرية، وكان يتمنى أناس كثيرون أن يتوسطون في موضوع زواجها، ولكنهم لم يصرحوا عن ذلك قط. لم تكن الفتاة قد تعدت الخامسة عشر أو السادسة عشر من عمرها في ذلك العام، عندما ذهبت ذات ليلة من ليالي الربيع للوقوف عند الباب الخلفي ،...
أصبحت في المئة من عمري هذا العام، فقد وصلت إلى حافة الحياة، ولست متأكدة على الإطلاق أنه لا يزال بوسعي السير بخطى أبعد من ذلك، فمستحيل التحكم في العمر، لكنني أعي جيدًا أنني أوشكت على “العودة إلى دار الحق”. يجب أن أغسل كل ما دنّس هذه المئة عام من شوائب، ثم أعود إلى دار الآخرة. لا يمتلكني شعور...

هذا الملف

نصوص
28
آخر تحديث
أعلى