محمد علام

أغلقتُ النوافذ، وأزحتُ الستار عن مربعات الزجاج الصغيرة، وتمددت على ملاءة خفيفة فوق السجادة، وأغمضت عيني متأهبة لأحلام تتلألأ الشمسُ في فضائها وتفترش البيوت والشوارع بالنور، وتوخزني بالدفء وأنا جالسة على مكتبي مُستغرقة في رسم المستقبل، بمجرد ما سحبتُ ورقة وقلمًا، حتى راحت الخيوط تترابط وتتداخل مع...
لم يكن كتاب "الديوان" الشرارة الأولى التي أطلقها العقاد والمازني في عشرينيات القرن الماضي، لكنها كانت الأهم والأكثر تأثيرًا لعدة أسباب، أولا لأنها سعت إلى تأسيس جمالية جديدة للقصيدة العربية، ثانيًا لأنها في دعوتها للتخلص من أغراض الشعر القديم والمناداة بالوحدة العضوية للقصيدة؛ أرست دعائم ارتباط...
عندما هتف عبد الحليم حافظ في وجه صلاح جاهين مندهشًا لما سمعه منه لأول مرة: "صورة؟!"، فسّر صلاح جاهين بكل بساطة: "نعم، فالوطن صورة، الثورة وإنجازتها صورة، إحنا صورة والتاريخ كله في النهاية مجرد صورة يا حليم". فسأل عبد الحليم بعد تفكّر في كلماته للحظات: "ويا ترى صورتك فيها إيه يا أبو صلاح؟"، فردّ...
يُشكل التعارض بين الفرد والمجتمع موضوعَ التراجيديا الحديثة منذ القرن الثامن عشر تقريبًا، وبمقياس الحداثة، فإن شكسبير لم يكن مُضطرًا أن يختار بين آراء القرون الوسطى وعصر النهضة، إنما هو صوّر هذا النزاع لا أكثر. لكن إذا وُضع المؤلف المسرحي المُعاصِر في هذا الصراع فلأي الجانبين سينحاز.. الفرد أم...
في عام 1976 قدّمَ برنارد بمورانس في مسرحيته «الرجل الفيل»، الطبيب "ترايفز" الذي يحاول علاج جون ميريك من تشوه فظيع بالوجه جعله عاجزا عن مواجهة العالم، فيقول الطبيب أنه لا سبيل غير العلاج حتى وإن كان سيتسبب في موتك، ما يعني أنك كي تعيش معنا عليك أن تكون مثلنا. لا تخرج مسرحية «الرجل الفيل» عن...
في عصر عبد الناصر لم تتردد السلطة في مغازلة المثقف، ولم يسلم كثير من المثقفين من التحول إلى "هتيفة" للنظام وأعوانه، وكان في اقترابهم من السلطة شرعية لخطابهم الثقافي، وأمانا لهم من أي رصاصة غادرة حتى لو كان خطابهم ذاك مخالفًا للعادات والأعراف الدينية المتوارثة. --- في فيلم "اغتيال فرج فودة"، تصور...
عندما ظهر الإنترنت، تكهن بعض العلماء وقالوا: لقد عاد عصر القراءة الذهبي. حيث أن التعامل مع الإنترنت يفرض على مستخدمه الإلمام بأبسط أساسيات القراءة، لكن بدلا من زيادة معدلات القراءة، صارت دور النشر تشتكي من كساد سوق الكتاب وعدم رواجه، وانهالت المقالات التي تعلق كل جرائم الجهل وتزييف الوعي في رقبة...
تروح الشمس وتجيء، ولا تزال الطفلة طفلة، لكنها ستظل وحيدة، ترى العالم من عين في قلبها لا عقلها، ذلك أنها تريد الجميع سعداء، لكن الجميع لا يمكنهم ذلك، وعلى ذلك تعاني يسرا أشد العناء، ومع نضوج ثمارها، وبزوغ الشفق من خديها، تستدير شفتاها كأقحوانة برية وتخبو شهيتها إلى الكلام من هول ما رأت، وتميل...
ورد على لسان "بتروشيو" في مسرحية «ترويض الشرسة» وصفًا لـ "كاثرين"، بأنها عرجاء، ولم يرد هذا الوصف إلا خلال سطر واحد عبر المسرحية كلها، واعتبر معظم من تعاملوا مع نص شكسبير طوال 400 عام أن هذه الإشارة جاءت للمزاح في إطار الكوميديا فقط لا أكثر، لكن يبدو أن المخرج البريطاني بيتر هينتون تعامل مع...
لقد انتهيت من تثبيت كل المسامير اللازمة، لحمل كافة الصور التي ستأتي بهم أسما اليوم، إن اليوم لا يعبر عني، بقدر ما يعبر عن فرحي أمام نفسي بقدرتي على الحصول على شقة مستقلة لأول مرة في حياتي. هذه الحدران ستمتلئ بالصور التي تخصني وحدي.. آه أنا وأسما.. المهم أن الأثاث سيوضع هنا بعد قليل، وسأصبح سيد...
إن كل ما يبثه العرض المسرحي للمتلقي هو علامة لها دلالتها، والتي من خلالها يمكننا قراءة العالم الدرامي والوقوف على فهمه. وإذا تأملنا ملابس الممثلين الثلاثة في العرض المغربي «علاش» بالإضافة إلى الممثلتين؛ وجدناها لا تحيلنا إلى مجتمع محدد: مدني، قروي.. إلخ. ولكن توحي المعاطف الطويلة الشبيهة بزي...
عندما أعلن أحمد لطفي السيد عن رغبته للخديوي عباس حلمي الثاني، بإنشاء أول جامعة على غرار الجامعات الأوروبية، سأله الخديوي: وماذا سيكون اسم هذه الجامعة؟ أجاب لطفي السيد: سيكون اسمها الجامعة المصرية بالتأكيد. حينها هب الخديوي واقفًا، وقال ساخرًا: مصر؟ ماذا يعني مصر؟! إن التعليم من أكثر الأمور...
عبر عالم مرصع بدهشة البدايات.. تعْلق الأميرة في شراك الكائنات الشريرة، ليهب الفارس الجسور منتفضا يواجه المصاعب كي يحررها.. حيث تُغسل أحلامنا في عجلة الزمن، وتحلق الآمال القريبة إلى أنفسنا بعيدة عنا، وتطير القطع والأشياء، وتحملنا الموسيقى على التيه تارة، والحنين تارة أخرى، ونشعر بألفة الخيالات...
الحصول على مقعد في قطار العاشرة صباحًا المتجه إلى العاصمة، يُعدُّ أعجوبة الأعاجيب، خاصة إذا ما كان قطارَ الدرجة المميزة، الذي تتدفق إليه الجلاليب الصعيدية في تدافع مع قمصان شباب المدن والبنطلونات الجينز، وتتداخل هذه الفوضى الأزيائية مع جونلات الفتيات الملفوفات في عباءات واسعة أو في خمارات وأحجبة...
– لم أعد أقو على مزيد من الحياة. قالها ومات. عندما تحلق أولاده الستة حوله، أخذوا ينظرون لبعضهم واجمين، وبعد دقائق من الصمت تقاسموا العمل حتى تمت تهيئته لرحيله الأخير. داخل صندوق من الخشب وضعوه. وفي حفرة لايزيد طولها عن المترين كان من المفترض أن يستقر فيها آخر بقايا وجوده الذي قارب السبعين...

هذا الملف

نصوص
26
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى