محمد مستجاب

قرأت لمحمد مستجاب قبل أن ألتقيه ، والحقيقة أنني وجدت في قصصه المبكرة لونا أدبيا لم أعهده في غيره ، وكنت مفتونا في بداياتي بإبراهيم أصلان، وعبدالحكيم قاسم وبهاء طاهرو يحيى الطاهر عبدالله ثم انضم إليهم بكل اريحية محمد مستجاب الذي تشعر بصعيديته في كل جملة يكتبها ، وحين قابلته في محافظة المنيا حيث...
قمت مبكراً فاتضح لي أن حزني لايزال حارقاً، اغتسلت بالماء والملح ودعوت على رئيس التحرير بالدمار، كانت أمي تقول لي: الدعاء بهذه الطريقة يصبح نافذا. احتسيت كوب الشاي وعدت إلى الدعاء على رئيس التحرير بالدمار من جديد، كنت قد قررت أن أزحم السماء بالدعوات علّ واحدة منها تخترق الحجب وتنزل صاعقة فتلف...
للمرة الثانية أموت هذا الشهر. الموت فعل مبهج لا يستطيع تحمل رفاهيته الفقراء. استيقظت على مكالمة تليفونية- مجهولة المصدر- قبل أذان الفجر، الصوت الذى جاء من الطرف الآخر، كان ساخرًا وعميقًا كمقبرة فرعونية، لم يقل إلا كلمات بسيطة: ما زالت تحيا، تكتب وتقرأ وتضحك وتسمع الموسيقى وتستمتع بالشمس...
ويبقى وجه ربك ذى الجلال، وزهرة وفرن وبقايا زيت خروع وهدهد وظلال، وعكازة تهش الطيف والنمل والذنوب وأصداء ليل مقبل وطويل، قل هو الثالث من آل مستجاب، القابض على الصبر والجمر والثريا والماء وتماثيل الرخام، الثالث من آل مستجاب، الملقب بالنمس، والعادل، والفاجر: لاستيقاظه الدائم فجرا، دخل مرة على زوجة...
لعل أخطر ما داهمنى فى الأيام الألخيرة، من حياة والدى، وهو على فراش المرض، عندما نظر إلىّ تلك النظرة وعلت شفتيه ابتسامة مباغتة مطمئنة مراوغة وقال لى : " يا واد يا محمد ما فيش همة" أيقنت حيئذاك أن شيئا سيحدث، مما جعلنى فى حالة من الضغط والارتباك لم تتركنى حتى الآن. لم يقل والدى مثل تلك الكلمات...
محمد مستجاب، كاتب ذو خصوصية فريدة في أدبنا العربي الحديث. وأسباب ذلك كثيرة ومعروفة، من بينها أنه كان صاحب رؤية خاصة لا ينازعه فيها أحد، وأنه قدم للمكتبة العربية أعمالا سوف تظل دائما مثيرة للجدل والتأمل ومفجرة للطاقات الإبداعية عند الآخرين. إضافة إلي أنه امتلك سمة عبر عنها بصدق سيد الوكيل في مقال...
ليس عيباً أن تتعد مناهج البحث النقدي عند نقاد الأدب، إذ إن لكل نص ابداعي حالته وطبيعته، ومن حق الناقد أن يتعامل معه علي وفق أي منهج يختاره. ولكن أن تتعدد المناهج وتتداخل في متن، أو في خطاب نقدي بعينه، فهذا أمر غير محبذ، ولا هو مألوف.. ولو أنه تم التأمل في "محمد مستجاب" الناقد الساخر، لدهشنا...
ليس من المعقول أن تمر علينا هذه الأيام ذكري وفاة القاص والروائي المصري ذي الصعيدية "محمد أحمد مستجاب عبد الله مسعود" (1938-2005م)، وأن نمر عليها مرور الكرام، دون ذكر، أو وقفة، أو تسليط الضوء على شيء من منجزاته وابداعاته؛ فقد كان سيادته من الأسماء المرموقة في ساحة القصة بالعالم العربي، وكان...
أن تلمس أناملك النار، أو يخترق البرد عظامك، أو أن يتوقف ولد العين ذعراً في المحجر، أي: أن يضطرب القلب وترتعش الجوانح وينفطر الفؤاد ويتحلل الكبد، أو أن تذوب في السحيم بخاراً في الأفق. أو أن تتسامي هالة حول القمر أو ضباباً في الشفق أو نقطة ندى على حافة زهرة، أن تسقط وتصعد وتضطرب وتصمت، أن يتحرك...
ظلت ذراع الرجل العارية مرفوعة فى مدخل المنزل العطن، والناس تتمعن فى كل شرخ أو تنميلة فى واجهة البيت علها تتبين تلك الحركة الثعبانية المتوقعة، كل العيون ظلت مشدودة تتفحص المداميك وخشب الواجهة وجريد السقف وشروخ الحيطان. ــ آخذ جنيه.. ومد ذراعه الرفيعة الشرسة إلى أعلى، إلى آخر الأعلى حتى كادت...
إنه السفر: هذا الارتحال من مكان لآخر, بالأقدام أو على جمل أو فيل أو حوت أو سيارة أو سفينة أو طائرة أو صاروخ, أو حتى – رعاك الله – على الأكتاف, من بيت لبيت أو من خيمة لخيمة أو من بلدة لبلدة أو من قارة لقارة, وقد بدأ يزحف على السفر الارتحال من كوكب لآخر, ولن يكون مدهشاً أن تكون أنت من كوكب الأرض...
عندما تحققت أمنية صابر أبومستجاب في أن يصبح له بيت جديد خارج البلد، واجه مشكلة حمارتهم، نعم: حمارة وليست حمارا، فقد كانت آخر ما بقي له من أثر أبيه حين كان يطلق عليها (الأتان) ولا نعرف حتى اليوم من أين حصل أبوصابر على كلمة الأتان الراقدة في بطون المعاجم ودواوين شعر جرير والفرزدق والأخطل حينما...
يا أيها الحزن البدين تحية، بدين؟؟ نعم: بدين مقابل الحزن الثقيل، أسوأ مدخل لقصة قصيرة في العالم والغيوم تتقافز في حلق الصباح مبتسمة كأنها تود أن توزع الظلام على الجميع، وهناك - في الأفق البعيد - اشارة واضحة لأفراح مبكرة: أناس يعلقون الاعلام كي ترفرف تحريكا للتفاؤل، فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب،...
ذات الوجه الجميل تستيقظ مبكرة في هذا الصباح : وأول ما فعلته مدت أناملها وتحسست الراديو حتى عثرت على المفتاح، انهمرت أغنية غير واضحة ملفوفة في موسيقى ضاجة، خفضت من صوت الراديو حتى بدأت الموسيقى تنفصل عن تأوه أنثى تزحف خلف ذكريات كليلة، تثاءبت مرة أو مرتين ثم أنصتت فأيقنت أن الفجر على الأبواب،...
حاولت جادًّا أن أستبقي سائق السيارة ليتناول الشاي أو يأكل لقمة، شكرني بعد أن ساعدني في توصيل الحقيبة حتى الباب.. كان المشهد مذهلاً.. البحر يتمدد في زرقته حتى يلثم السماء في زرقتها، والمياه الناعمة تدفع بموجات صبيانية تعابث الرمال الطيبة، والبيت كالكوخ قابع على مسافة أمتار من البحر، يفتح فمه...

هذا الملف

نصوص
22
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى