إبراهيم الحسيني

- قتلتها .. قتلتها . عاريا يصيح " السماك " من فوق سور البلكونة, وسكين كبير في يده يقطر دما. وقفت " بهتيم " على شعر رأسها , حين تردد الخبر. - الزفر تزوج عزيزة. وركضت على ألسنتها, إلى دكان " السماك" تسأل أم " محمد" زوجته القديمة صحة الخبر, وزحفت " بهتيم" على عيونها إلى ما وراء الشرفة والنوافذ...
- عندك مكان ؟ ما اعتقدت أبدا أن سيارتي يمكن أن تصطاد امرأة. ذهلت .. اصطدت أو اصطادتني امرأة .. تلبستني .. كادت تصيبني " بالهطل" أو الجنون , ليس لجمالها وإن كان جليلا , ولا أنوثتها وأن كانت طاغية , ولا فتنتها وإن كانت متفجرة . " منقبة .. الآن وهنا " بين كوبري " أبو العلا " ووكالة البلح , في بقعة...
- الحسيني غرق . قال أخي ممدوح , كررها مرة ثانية ومضى . تلقيت الخبر ببرود شديد , أشعلت سيجارة , أطلقت نفثة الدخان , وذهبت إلي دورة المياه , تخلصت من أوساخي , اغتسلت , وغيرت ملابسي , دون معاونة من أحد , فالجميع هرولوا إلي هناك . هجرت عائلتنا بيوتها , الكبار والصغار , رجالا كانوا أو نساء , إلي الشط...
- الليل الليل هز يا ميمون . - ....................... - أرقص يا ميمون . - ..................... - تحرك يا ميمون , أقفز . - .......................... - نوم العازب يا ميمون , هيا . - مولاي , عليك أن تعيد راسك , من حجر الخليفة أولا . خاصمتك الدنيا , وفر ميمون يا مروان . أطبق الصمت , وهجعت المدينة...
تقيأت زوجتي دما . قال الطبيب : قرحة في المعدة . قالت أخت زوجتي : لم تعتد بعد علي الأكل الطيب والكثير . قالت زوجتي : ما عندي طاقة علي احتمال هذه الكمية من الدهون واللحوم والخضار والفاكهة . قلت : لا تقرب الطعام إلا في الليل , أحس أنها تخشاه أو تكرهه . قالت زوجتي : أحس أنه ليس لي . قالت أخت زوجتي ...
تحليل دم , تحليل بول , تحليل براز , وظائف كبد , وظائف كلى , رائحة اليود , جدران بيضاء , أسرة بيضاء , ملابس بيضاء , ممرضات , حكيمات , أطباء , أشعة بيضاء وسوداء, أشعة بالصبغة , أشعة مقطعية , حقن , أقراص, مراهم , مساحيق , مطهرات. فجأة أتاه بنعومة ورقة كخيوط العنكبوت , تسلل إليه , حاصره, تمكن منه ...
هذه المدينة صارت ضيقة وقبيحة ، دخان المصانع ، وأبواق السيارات ، ونداءات الباعة الجائلين ، وضجيج الورش والمقاهي والمطاعم والزحام ، والطرق المتربة والغبار والبيوت التي تركب أنفاسي ، والحواري شرايين مكدسة بالقمامة ونفايات البشر ورائحة العرق وحصار صهد الصيف . وكنت أتطلع من شرفة بيتنا ، علي مدد الشوف...
حمل الحاج والي البندقية علي كتفه ووارب الباب, ثم أطل برأسه , ينظر الطريق و قتامة الليل , تسلل علي أطراف أصابعه, مضي في الحواري , والدنيا كحل , يتلصص حواليه , يرهف السمع إلي أنفاس وخلجات أهالي " بهتيم " , خلف جدران البيوت , يلقي قطعا من لحم حسن الحوفي , الذي مزق بدنه أشلاء , للكلاب التي تنبح في...
جارى الذي غاب سنة وراء سنة , عاد الليلة في سيارة " بيجو " فاخرة , فجاءت زوجته - التي كنت اقرأ لها خطاباته وأكتب له خطاباتها - تدق باب شقتنا , ترتدي الروب الأحمر- الذي طالما خلعته أمامي , في غرفة نومها , عندما أتسلل إليها - في أنصاف الليالي- تدعونا , نفض الحقائب والكراتين معهم, وكانت نظيفة ...
انحسر الضوء , وسقط الظل أمام القهوة , امتد إلى أرجل الدكة المتهالكة , التي يقعد فوقها المعلم" عوض" صاحب القهوة, التي ورثها عن أبيه المعلم" زهران", الذي مات على أثر تناوله " نص قرش" من الحشيش البني. كان المعلم عوض يتأمل من مكانه ,الذي يطل على شارع الجامع الكبير:الكهارب والزينات والفراشين وهم...
عند جامع البكري , الذي يقع علي أطراف القرية , في الوقت بين المغرب والعشاء , كان الأولاد – الصبيان والبنات – يلعبون ألعاب الليل لا النهار , يثيرون التراب والغبار خلف أقدامهم , وهم يركضون هنا وهناك , يختبئون فرادي في الغيطان – وسط كثافة الظلمة ونقنقة الضفادع وهسيس المزارع – وخلف أسوار الدور...
صحت فاطمة من النوم مفزوعة , والدم الساخن يتدفق لزجا بين اكتناز وبضاضة فخذيها . وكانت الحجرة معتمة . بحذر انسلخت من بين الأخوة المبعثرين حولها , ورجت جسم أمها المفرطح رجا قويا , وقالت : " أمه , أنت يا أمه , الله , ما تصح يا وليه " حينذاك كانت سيارة دفن الموتى, وسط طابور من السيارات , تدخل القرية...
جدتي لأبى فاطمة ماتت , وهى تلد عمى فهيم الذي يكبرني بأربعين عاما , فظل جدي لأبى شتاءين وصيفا , يجوب قريتنا " دمهوج " كل يوم , من شقشقة النهار إلى ما بعد آذان العشاء بساعات , من ترعة الخضراوية إلى مقام الشيخ درويش وجامع البسيوني وطاحونة أبو الحسين , وهو يحمل عمى فهيم في خرقه بالية على ذراعيه حينا...
مطرود ذليل مهان , غادر زينهم الفرن , مضطرب ومشوش الذهن , يشعر بالاختناق , ينزف حزنا وخجلا ومرارة , تترسب في حلقه , وتكاد تسد منافذ الهواء عن رئتيه , تتردد في رأسه الكلمات التي هوت , بمثابة صفعة قوية , شملته برعدة ورجفة : - الفجر ادن يا عبد , قوم بقى هوينا . عندما مال صبري العجان عليه , رماه...
لحظات وتغادر الفراش .. دقـائق وتغادر البيت .. الساعة الآن تجـاوزت التـاسعة .. إلى أيـن ؟ ليس مهما ، مـع من ؟ ليس مهما . " رشـا في حـاجة الآن إلى فنجـان قهـوة على الريحة أو كبـاية شـاي سـكر خفـيف " غـرفة عـطنة ، شـرفة متربة ، سـتائر متربة ، وسـائد متربة ، سجـادة متربة ، مرآة وتسريحة متربة، منضدة...

هذا الملف

نصوص
21
آخر تحديث
أعلى