يحيى الطاهر عبدالله

حين رأيته كان قادما لتوه من أقصى الصعيد من قرية الكرنك بجوار الأقصر وكان نحيلا كعود القمح حلو الحديث والمعشر كعود القصب، فنان القامة والبنية واللمحة وذلك الخجل الصعيدي الشهم الذي لا تخطئة العين. قابلني في قهوة ريش أيام كانت مركز الإشعاع للفن، وقال أنا أكتب القصة القصيرة . قلت هات أقرأ فأنا لا...
قطع رجل - ذات يوم - بقضيب من حديد ذيل حية, فهربت الحية من بيته - واحتمت ببيت أرملة عجوز. قالت الأرملة العجوز - وكانت حكيمة - لنفسها: " حياتي في دجاجاتي.. فأنا أقايض صاحب الدكان - يأخذ البيض ويعطيني كيس الشاي وقرطاس السكر وعلبة الكبريت.. كذا الزبال يأخذ زبل دجاجي ويعطيني الإبرة وشلة الخيط وحفنة...
(أ‌) أعرف أنها تمرّ على المقهى كل يوم أحد..متى تعرفُ هي؟ (ب‌) لم تمر. الحصان العجوز الأبيض كان يجرّ العربة المحملة بأكياس الدقيق. أنا والأرق والحصان العجوز والحوذي العجوز والشرطي الساهر والمومس المخمورة. (ج‌) هذا موعدها الثاني: اغفر لها ياقلبي وقد عرفت. (د‌) أيتها الكارهة: أحبك. (هـ) الآن: لا...
كنت كأى قميص عجوز، مجموعة من بذور القطن فى كيس ملقى بجوار الحصير الذى ينام عليه الفلاح المصرى "أمين عبد القادر"، وذات صباح ارتفع نباح الكلب خارج الدار كالعادة، وأيقظ أمين من نومه العميق، وقام أمين وأمسك بالكيس المملوء ببذور القطن، والتى هى أنا فى ذلك الحين، ومضى فى الطريق الزراعى نحو حقله...
سمعت الصوت : " الجبل ياسارية.. الجبل" ورأيت: طائرة العدو تطير ، وتكرهني ، دمرت بيتي بقنبلة ، ودمَت قلبي بقنبلة ، ودمت قلب محبوبتي بقنبلة - وكنت قد سمعت الصوت -. لم يعد قلبي في بدني ، فحملني ذلك على قطع الصحراء . لم يلمني أحد ، ولم بيصق في وجهي أحد ، ولم أسمع أية إهانة ، ولم يَرِد اسمي على فم...
كان جابر يعشق بنت عمه فاطمة، ولم يكن يملك جملًا يقدمه مهرا لعمه عبد الرسول ليتزوج من بنته فاطمة . كانت فاطمة جميلة، خالية القلب، لا نحيفة ولا سمينة، لا طويلة ولا قصيرة، علاوة على أنها تدهن شعرها الطويل بزيت القرنفل الطيب الرائحة . وكان جابر قد سمع أن فاطمة قالت عنه : ” اليتيم صلب عوده كالنخلة...
رسول الموت- وهو مخادع قادر- خلع أثواب الحرير وعقود وأقراط وخلاخيل الزينة وتنكر في هيئة سمكة حية تسبح في ماء حلو. رسول الموت- وهو مخادع قادر- خلع أثوابه الحريرية والعقد والقرط. رسول الموت المحب للزينة- وهو مخادع قادر- خلع أثواب الحرير والعقد والقرطين والخلخال- وتنكر في هيئة سمكة كبيرة حية تسبح...
يحيى الطاهر عبد الله‎ قصة الصعيدي الذي هدّه التعب فنام تحت حائط الجامع القديم صحا على صرخة، ووجدها فوق رأسه تبكي، تلبس الأسود، تحمل بين يديها طفلاً ميتاً. قالت: يا فلان يا بن فلانة هل ضاقت بك الدنيا الواسعة فلم تجد غير هذا المكان تزاحمنا فيه أنا وأولادي.. لقد قتلت ابني يا قليل النظر.. وحتى...
كان جدي يصب الشاي في الأكواب من ثلاثة أباريق صغيرة، وقد فرغ : تناول إبريقًا كبيرًا مملوءا بالماء الساخن وملأ الأباريق الثلاثة من جديد وأعادها إلى المجمرة، من جواره أمسك بالإبريق الأكبر من كل الأباريق – والمسمى بالأوزة لطول عنقه – وصب منه الماء البارد في الإبريق الكبير حتي الحافة وأعاده أيضًا إلى...
حدّثت نفسي بصوت يحبّه ضميري: “والسّماء ذات الصّدع.. لقد خالف أمرا.. ممّا لا شكّ فيه أنّه خالف أمرا.. لهذا أمسكت به الشّرطة، هو صديق وأنا أحبّه.. لكنّي ما خالفت أمرا قطّ.. قطّ.. قطّ.. قط.. والله أمرا ما خالفت.. فلماذا لا يأخذ هو نفسه بما آخذ أنا به نفسي ؟ لماذا يا رب السّماوات !! ثم إنّه لا يجب...
يروى أن الملاك العبوس عزرائيل أراد أن يعابث روحين لعبد وعبدة، يعملان في غيط السيد، فتنكر على هيئة شيخ ضرير بلحية، تحت إبطه لوح وبيده ريشة ودواة. استبد العجب بالعبدين الغافلين: ما حاجة شيخ ضرير إلى اللوح والريشة والدواة؟ ولم لا يدب بعصا كسائر العميان؟ وقالت العبدة لزوجها العبد: لو أمرتني سألته؟...
يحيى الطاهر عبد الله أنا وهي .. وزهور العالم كنا بالحديقة ـ أنا وهي ـ وكنت طامعا في علاقة تربطني بها : أية علاقة. وكان بالحديقة شجر مورق ، وحشائش خضراء ، وطير بأجنحة ، وعين ماء ـ أراها مرة ياقوتة ومرة زمردة . إنه الربيع : وتلك شمسه اللينة تنفذ من بين أفرع الشجر بشعاع كأنه الفضة النقية ، وقد...
كنتُ سعيد الحظ جدا، بسبب تعرّفي في شبابي الباكر، بكثير من كتاب جيل ستينيات القرن الماضي ، وأتيح لي أن أعقد صداقات ممتدة وعميقة مع أغلبهم، ويتمتع يحي الطاهر على وجه الخصوص بو ضع متميز بينهم ، بسبب إقامته بيننا، كأحد أفراد الأسرة حوالي عام كامل خلال الفترة من 1968 إلى 1969 في بيتنا في العمرانية،...
إبريل ليس شهر الغبار والأكاذيب فقط، كما قال نجيب محفوظ، بل هو أيضا الشهر الذي ولد ورحل فيه صديقي الكبير يحي الطاهر عبد الله. تربطني بيحي أواصر عميقة وذكريات لاتغيب. ولحُسن حظي أنه أقام معنا في بيتنا بشارع التلاتيني بالعمرانية الغربية نحو سنة كاملة في غضون عامي 1969 – 1970 . ربما كانت الجملة...
"في آخر مرة التقيت فيها يحيى الطاهر عبدالله، قال لي: لا أريد أن أموت أبدًا، ولكن يحيى استجاب لغواية رسول الموت، المخادع القادر، بعد أسابيع قلائل". هكذا قال الكاتب والناقد الراحل إدوار الخراط، عن صديقه يحيى الطاهر عبدالله، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 30 إبريل، عام 1981، عن عمر ناهز 43...

هذا الملف

نصوص
26
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى