د. يوسف إدريس

«ليسمح لي الأستاذ توفيق الحكيم. ولم لا وهو الفنان الكبير الذي استباح لنفسه أن يجعل من زيد وعمرو، وكل من يخطر علي باله أبطالا لقصص ومسرحيات ليسمح لي أن أستعيره بطلا لهذه القصة، إذ يعلم الله إني قلبت في ذاكرتي وفي دفاتري الجديدة والقديمة فلم أجد غيره يصلح بطلا لها. لقد تصورت أنه صحا من نومه في...
لم تكن بالضبط صرخة ولكنها كانت الأولى بعد منتصف الليل بقليل ، تصاعدت ، غير آدمية بالمرة . حتى الحيوان ممكن إدراك كنه صوته . ولكنها بدت لأول وهلة جمادية ذات صليل . كعظام تنكسر وتتهشم تمسكها يدا عملاق خرافي القوة وبنية صارمة لا رحمة فيها تدشدشها .. فجأة وفي المنزل الهادئ المظلم الفاخر الإظلام ،...
1 أينما وليت، ثمة وجه للحزن، ودعوة للغضب. أينما وليت، ثمة وجه للوطن. 2 صباح السبت، الثالث عشر عن أغسطس (آب) عام 1991، وبينما العربة التي تقل الوفد المصري تغادر (البيضا) بالجبل الأخضر، وتندفع عبر غابات الصنوبر وأشجار التفاح على ارتفاع مئات الأقدام من سطح الحر، وعلى مدى مائتي كيلو من بنغازي التي...
لابد لكل مرة من أول مرة, وأول مرة كانت ليلا, وهناك قمر ينشر سلاما فضياء, والنبع صاف, يتدفق ماؤه علي مهل, وبخرير حنون, ولا تملك حين تري الماء وقد ذاب فيه القمر, ذوبانا طازجا يحدث أمامك, وفي الحال: إلا أن تظمأ, وتحاول تشرب, أو تذوق, وملت بجسدي كله, ومددت يدي وما كادت القطرات المتلألئة الباردة تصل...
لذكرى وفاة يوسف ادريس "19/5/1927- 1/8/ 1991 " ، الكاتب والروائي وهو واحد من أفضل من كتب القصة القصيرة في عصره، أعيد نشر بعض ما كتبته في كتابي المنشور قبل سنتين" مائة ليلة وليلة/ أيام العراقي في قاهرة نجيب محفوظ "وذلك الموقف الاقتحامي، أرى أن أذكّر به. كنّا معا في شقتي التي في " ساحة...
عبد العال مخبر بوليس طويل أسمر, وعلى ظهر يده اليمنى سمكة فمها مفتوح, وذيلها مشقوق, وعلى عينها نقطة. عبد العال مخبر, ومع هذا فله عيلة وزوجة أحياناً تناكفه وأحياناً ترضى عنه, وأحياناً يحلف عليها يمين الطلاق, ونادرًا ما يقع اليمين. ولعبد العال ماهية عشرة جنيهات بما فيها كل ما ناله وما لم ينله من...
في البدء كانت النكتة. وفي النهاية ربما أيضًا تكون! والنكتة في النكتة أنها ليست نكتة، ولكنها واقعة حدثت لأهل النكتة، صناعها المهرة، ورواتها العتاة. النكتة لم تكن أن يستيقظ هذا العدد الكبير من الناس، لأول مرة في تاريخ حي الباطنية، وكر الحشيش والأفيون والسيكونال، ليؤدوا صلاة الفجر، هم الذين يبدأ...
حين هدأْتُ أتأمَّل الروعة في المسألة، وجدتُ نفسي أمامها كالطفل الصغير الأبله، الذي وقف يُحدِّق في الجسد العاري تمامًا لسيدةٍ ناضجة الأنوثة، وهو غير قادرٍ على الربط بين ما يراه وبين ذاته، أو حتى بين رغباته ومشتهياته الخاصة وبين هذا الجسد المستسلم العاري، الذي أصبح فجأةً أمامه، وملك ناظرَيْه،...
كانت دقات "الصاجات" تخرج صاخبة زاعقة و على دفعات كهدير الديك الرومي، و كنت تستطيع أن تسمعها من بعيد حتى إذا ما وصلت إلى كوبري شبرا البلد عثرت على مصدرها.. على بائع "العرقسوس". كان رجلا ً مسناً كمعظم بائعي "العرقسوس" و يرتدي زيهم التقليدي .. فوطة حمراء قديمة نظيفة لفها حول وسطه، و فانلة "بمبة"...
الخاتم بجوار المصباح . الصمت يحل فتعمى الاذان . فى الصمت يتسلل الاصبع . يضع الخاتم. فى صمت ايضا يطفأ المصباح . والظلام يعم . فى الظلام ايضا تعمى العيون. الارملة وبناتها الثلاث. والبيت حجرة. والبداية صمت . * * * الارملة طويلة بيضاء ممشوقة ، فى الخامسة والثلاثين. بناتها ايضا طويلات فائرات، لا...
كان ميلاده الادبى ثورة، كما كانت حياته الأدبية ثورة مستمرة ثورة على القوانين الفنية والاجتماعية يقتحم كل شيء بجرأة ويعالجه بطلاقة فيثير من حوله زوابع من الإثارة والانفعالات دون مبالاة بشيء إلا ما عليه وجدانه وتتطلع إليه أحلامه. وقد لفت الأنظار منذ أول كلمة نشرها، ومنذ أربعين عاما واسمه يتردد...
كانت طفلة صغيرة نحيلة تتمتع بالبراءة وذلك بدا واضحًا من تصرفها العفوي حينما تقدمت مني وأنا رجل غريب حتى أساعدها في أن تقوم بضبط وتعديل الحمل الذي تحمله فوق رأسها، وبالنظر لما تحمله فوق رأسها تشعر بمدى تعقد المسئولية، حيث تحمل فوقها صينية بطاطس وأعلى الصينية يستقر طبق لتغطية الصينية بدأ في...
صفر: "انت خدعته والا هو اللي خدعك؟" .. محمد الثالث: "أنا، أنا نفسي كنت عايز أروح المستشفي واستعملته كوسيلة" .. صفر: "انت؟!" .. محمد الثالث: "أيوه أنا" .. صفر: "طب وتعمل كدة ليه؟ حد يعمل كدة؟ حد يحب يخش مستشفي امراض عقلية هنا؟" .. محمد الثالث: "أنا" .. صفر: "ليه علشان أيه؟" .. محمد الثالث: "لأن...
صدقوا أو لا تصدقوا فمعذرة لا يهمني أبدا رأيكم. يكفي أني رأيته وحادثته وقابلته وشاهدت الكرسي، فاعتبرت أني رأيت معجزة. ولكن المعجزة الأكبر، الكارثة، أن لا الرجل ولا الكرسي ولا القصة كانت تستوقف أحدا من المارة في ميدان الأوبرا لحظتها ولا في شارِع الجمهورية ولا في القاهرة أو ربما الدنيا كلها. كرسي...
ما كدت أدلف إلى القسم ومعي الحرس حتى أحسست بانقباض مفاجىء . لم تكن تلك أول مرة أدخله ولكنها كانت المرة الأولى التي أرى القسم فيها في الليل ، ولهذا شعرت حين تخطيت الباب أني أدلف إلى خندق سفلي لا يمت إلى الحاضر ولا حتى إلى الماضي القريب ... جدران يكسوها حتى منتصفها سواد على هيئة طلاء وكآبة تكسو...

هذا الملف

نصوص
27
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى